بلاغ للنائب العام - حسن سليم
العَلَم الفلسطيني، الذي يمثل احد رموز الهوية والسيادة الوطنية، وخصص له القانون الأساسي مساحة في المادة الثامنة حرصا وتدقيقا على مواصفاته ولما يمثل من رمزية، والتي بينت أن علم فلسطين يكون بالألوان الأربعة والأبعاد والمقاييس المعتمدة من منظمة التحرير الفلسطينية وبأنه العلم الرسمي للبلاد، ولضمان احترامه وردع من يفكر بالمساس به، جرم قانون العقوبات النافذ في المحافظات الشمالية ويحمل رقم 16 لسنة 1960، كل من يقدم على تحقيره أو تمزيقه، فيما تنص القاعدة القانونية على انه " لا يعذر المرء بجهله ".
محمود الزهار ( القيادي الحمساوي ، والنائب في المجلس التشريعي ) الذي تجرأ على تحقير العلم الفلسطيني وقال نصا : " ذهبوا واتوا لنا بدولة "عِرة" واليوم يلهثون وراء قطعة قماش ويسمونها بالإنتصار" ، وذلك في معرض تعليقه على انتصار فلسطين في أروقة الأمم المتحدة وحصولها على 119 صوتا مقابل 8 أصوات عارضت، فيما امتنعت 45 دولة عن التصويت.
الزهار الذي لم نرى زهره ولم نشتم عطره من قبل، جاء تصريحه اختزالا سطحيا لقيمة ورمزية العلم الفلسطيني، ذات الألوان الاربعة، الذي بقي جامعا طيلة سنوات النضال والكفاح الوطني ، ليس جديدا، فتاريخ حركته ذات الامتداد والانتماء لحركة الإخوان المسلمين الإقليمية على حساب الهوية الوطنية، فيما كانت فلسفتها ولا زالت قائمة على نظرية الهدم للقائم لبناء مؤسستهم ومَجمَعَهم، وهذا ما يتضح من خلال المحاولات المحمومة التي لم تنقطع لتغيير الهوية والثقافة الوطنية واستبدالها بأخرى ذات لون واحد.
تصريح الزهار وفي تكييفه القانوني وفقا لقانون العقوبات النافذ في المحافظات الشمالية، وخلافا لنص المادة 197، فانه فعل مجرم قال القانون بشأنه : " يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، كل من مزق أو حقر العلم أو الشعار الوطني أو علم الجامعة العربية علانية".
وكون المساس بالعلم يشكل مسا بالهوية الوطنية التي ننتمي لها وتعبر عنا، وكون النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص بتحريك الدعوى دفاعا عن الحق العام ومصالحه، ولا يجوز لها التنازل عنه، فان النائب العام وأمام هذه الواقعة مطالب بتحريك الدعوى الجزائية ضد المذكور، وذلك وفقا لما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2003 والنافذ في فلسطين، في المادة 2، والتي بينت انه : "يباشر النائب العام الدعوى الجزائية بنفسه أو بواسطة أعضاء النيابة العامة " ، وجاء في المادة 24 منذ ذات القانون انه :" لكل من علم بوقوع جريمة أن يبلغ النيابة او احد مأموري الضبط القضائي عنها ما لم القانون قد علق تحريك الدعوى الجزائية الناشئة عنها على شكوى او طلب او إذن " .
نجاة الزهار من المحاكمة يجب أن تكون محصورة في حالة واحدة، تتمثل في إثبات عدم أهليته، وهذا قد يثبت فعلا، بناء على ما نطق من نصوص تشير الى انه كان مغيبا عن الوعي الوطني عندما كانت الأرض الفلسطينية تعيش حالة حرب، لمجرد اكتشاف دولة الاحتلال أن العلم مرفوع على أعمدة الكهرباء والهاتف، أو مرسوما على احد الجدران، ويبدو أيضا أن أحدا لم يخبره وهو في حالة الغيبوبة أو التغيب أن قافلة كبيرة من الشهداء سقطت من اجل إبقاءه مرفوعا عاليا خفاقا، وان خيرة شباب الوطن لحقهم الأذى بسبب ثبوت رفعهم للعلم، أو حتى مجرد رسمه على كراساتهم المدرسية.
لتلك القدسية للعلم ، الذي يمثل اكبر من قطعة قماش خلافا لما يعتقد الزهار، ولما يمثل من رمزية نزف من اجله دما زكيا، ولوجود نص يجرم ما نطق به الزهار ، فان تحريك الدعوى الجزائية ضده واجبة، تسبقها إجراءات رفع الحصانة عنه، بصفته عضوا في المجلس التشريعي، بعد أن كشف عن هويته الخفية، وخان أمانه كان المفروض أن يحفظها.
وهذا بلاغ للنائب العام ...