استهداف الصحفيين الفلسطينيين- عزت دراغمة
لأن إسرائيل تخشى الحقيقة وافتضاح ممارسات جيشها ومتطرفيها، كما تخشى كشف عورتها المزعومة المغطاة بمزاعم الديمقراطية إن بقي لديها خشية من ممارسات أو جرائم تستهدف الصحفيين مع سبق الإصرار والعمد، ولأنها دأبت على تنفيذ مجازرها واعتداءاتها بسرية وبعيد عن أعين الكاميرات، يعتقد جنودها ومتطرفوها أن من يكشفون ممارساتهم وجرائمهم لا يقلون خطورة عليهم من صمود المواطنين، ولذا يجب محاربتهم بشتى الوسائل والأساليب، ومن هنا يركز جنود الاحتلال على إبعاد الصحفيين عن مواقع المواجهة أو المداهمات والاقتحامات والإعدامات التي ينفذوها بحق الأطفال والشيوخ والمدنيين عامة، وإلا فلماذا يتم إطلاق قنابل الغاز السام والرصاص عليهم ومهاجمتهم ومصادرة كاميراتهم وأجهزتهم وفي أحيان كثيرة يتم اعتقالهم أو منعهم من أداء مهمتهم المهنية؟ ولماذا يجربون عليهم فاعلية غاز الفلفل كما حدث ولا يزال في مناطق ومدن الضفة الغربية؟
إن كافة القوانين والأنظمة الدولية كفلت للصحفي حرية التنقل والحركة وضمان سلامته لأداء رسالته بحرفية وحيادية تامة تماما كما يفعل الصحفي الفلسطيني، ومع ذلك يقوم جنود الاحتلال ومتطرفوه من مستوطنين وإرهابيين بمطاردة وملاحقة الصحفيين وإصدار أوامر عسكرية "إغلاق المناطق عسكريا" يحرمون بموجبها أية تغطية للصحفيين الفلسطينيين، في وقت يصول فيه ويجول مصورو جيش الاحتلال والصحفيون الإسرائيليون في كل مكان، بهدف الاستحواذ على الحقيقة وتزييفها وفقا للرؤية الأمنية والرسمية الإسرائيلية، وبما يتناسب مع ادعاءاتهم المضللة والكاذبة في كل الأحوال.
عدد كبير من الصحفيين استشهدوا وتم إعدامهم من قبل جيش الاحتلال مع سبق الإصرار رغم وضوح أشكالهم وما يميزهم من ملابس ويحملون من كاميرات ووثائق تؤكد مهنيتهم، وكثير من الصحفيين أصيبوا بجروح وإعاقات دائمة، وكم من انتقادات وإدانات وجهتها النقابات والاتحادات والهيئات الحقوقية والصحفية والإنسانية لإسرائيل دونما تجاوب أو احترام، حتى أن النقابات الصحفية الإسرائيلية التي كان يتوجب عليها بموجب انضمامها للاتحادات والنقابات الدولية، الدفاع عن قوانين وأنظمة الحرية الصحفية بغض النظر عن جنسية أو قومية العاملين في إطارها لم تقم بما يفترض أن تؤديه من دور، بل تعاملت في معظم الأحيان وفقا للسياسة الأمنية الاحتلالية حتى أن بعض النقابات المهنية في العالم اعتبرتها جزءًا لا يتجزأ من منظومة الاحتلال واذرعه بما تقدمه من دور يساعد في إعدام وقتل أو خطف فلسطينيين كثر، علما أن السلطة الوطنية الفلسطينية ونقابة الصحفيين الفلسطينيين وعلى نقيض نظيرتها الإسرائيلية توفر للصحفي الإسرائيلي حرية الحركة وتغطية ما يشاء من أحداث ومناسبات، ولذا فإن الانتقاد الخجول الذي أعلنته نقابة الصحفيين "الأجانب" في إسرائيل لقيام جنود من حرس الحدود برش غاز الفلفل على صحفيين فلسطينيين شمال رام الله ليس بكاف لأن ما يواجهه الصحفي الفلسطيني اخطر من هكذا ممارسة تستدعي أن تعمل هذه النقابة على معاملته كباقي الصحفيين الإسرائيليين احتراما وتطبيقا للأنظمة والقوانين الدولية بهذا الشأن.