الأسرى الجرحى.. قيد على اليد وآخر على الحياة
- دعاء زاهدة
حزن بقلبها رسم على وجهها ملامح لهمّ كبير، والدة الشاب ياسر ياسين الطروة (21 عاما)، تحمل قضية ابنها في حقيبتها، وتتنقل من مؤسسة حقوقية إلى أخرى لعلها تجد لصوتها صدى.
تجلس على مقعد الانتظار بانكسار، تحكي لكل من يجاورها قلقها على ياسر، تشتكي لهم كيف انتزعته الدنيا منها وهو على قيد الحياة، فلا تراه ولا تحتضن رأسه، ولا يوجد من يرمي همه إليه إن تألم أو بكى أو اشتكى من وجع أصاب جسده النحيل.
تقول أم ياسر الطروة: 'أخبرني ابني أنه ذاهب للصلاة في المسجد الأقصى في 4 رمضان الماضي، اتصل وقال لي إنه سيعود إلى الخليل، وفي الساعة الثانية وصلني خبر أنه استشهد، دخلت في حالة صدمة، كان شعوري سيئا ولم أكن واعية على الدنيا، أحضروا الطبيب إلى المنزل وأجرى لي الإسعافات اللازمة، وفي الليل أبلغوني من مستشفى هداسا أن ابني مصاب ولم يستشهد'.
وتضيف: 'لم أتمكن من زيارة ابني حتى الآن أو الاطمئنان على صحته، كل الأخبار المتعلقة بصحته وحالته زودني بها نادي الأسير بواسطة المحامي، أرسل لي ابني أنه يرغب برؤيتي، ولكن الاحتلال لم يسمح لنا حتى الآن من زيارته للاطمئنان عليه'.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت ياسر الطروة من بلدة سعير، في مدينة القدس بعد إصابته في كافة أنحاء جسده، بعد أن أطلق عليه جندي إسرائيلي الرصاص، بدعوى محاولة طعن أحد جنود الاحتلال.
ويعاني الطروة من إصابة بمنطقة الكلى وتم استئصال إحدى كليته، إضافة إلى بتر في إصبعيه الخنصر والبنصر من يده اليسرى، وإصابة شديدة في قدمه اليمنى، ويعاني من ضيق بالتنفس، ما استدعى إجراء فتحة بالعنق له من أجل مساعدته على التنفس.
ويقول مدير نادي الأسير في محافظة الخليل أمجد النجار: 'الوضع الصحي للأسير الطروة صعب جدا، بعد أن أصيب بعدة رصاصات ودخل في غيبوبة على مدار 3 أشهر متواصلة، وقبل شهر استفاق من غيبوبته وبدأ يتماثل قليلا للعلاج، وقامت إدارة السجون بنقله مباشرة من مستشفى هداسا حيث يخضع للعلاج، إلى عيادة الموت في سجن الرملة'.
وأضاف: 'الغريب أنه منذ إصابته قبل 5 أشهر لا يوجد أي زيارة أو تنسيق لوالدته لزيارته، وكنادي الأسير حاولنا التواصل مع الصليب الأحمر والجهات المعنية، وتلقينا وعودا بالأيام المقبلة بترتيب زيارة للوالدة، وحتى الآن لا ردود'.
وبحسب بيانات نادي الأسير، فإن عدد الأسرى الجرحى حوالي 400 جريح من 6400 أسير يقبعون في سجون الاحتلال، بعضهم تم اعتقالهم بعد إصابتهم من المستشفيات وبعضهم من المنازل، إضافة إلى 10 جرحى تم اعتقالهم مباشرة بعد إطلاق النار عليهم، ومساومتهم على العلاج مقابل الاعتراف.
وحول آلية التعامل مع الأسرى، أوضح النجار، 'يملأ الأسير أول اعتقاله استمارة عن الأمراض والمشاكل الصحية التي يعاني منها، لاحقا يتم ابتزاز الأسير بالعلاج مقابل الاعتراف، وهذا مرفوض بكل الأعراف والقوانين الحقوقية واتفاقية جنيف ومنظمة الصحة العالمية في بنودها، والعلاج الوحيد لآلام الأسرى هو بالحبة السحرية (الأكمول) وإذا تم إعطاؤه أدويه تكون أدوية مشبوهة، وبعضها حقل تجارب على الأسرى'.
حالة الطروة تشبه المئات من حالات الأسرى الذين تعرضوا للابتزاز، كالأسير الطفل جلال الشراونة الذي قاموا باستجوابه بعد ساعات من إجرائه عملية بتر لساقه، ومعظم الأسرى الجرحى الذين يتم اعتقالهم تتم محاكمتهم غيابيا، كونهم لا يستطيعون الذهاب إلى المحكمة .