جنين رام الله وبالعكس.. مش سالكة!- رحمة حجة
الساعة الرابعة والنصف بتوقيت القدس، متأخرة بتوقيت العودة إلى جنين يوم الخميس، إذ خلا مجمّع المركبات العمومية من مركبات خط جنين- رام الله منذ أكثر من ساعة، لكن الحظ حالفني بسائق ينادي "جنين" وأكون الشخص الثاني في مركبته، التي لا تحتاج وقتًا طويلا حتى تمتلئ بالركاب. ثم نغادر.
وقرب بلدة عين سينيا، كان حاجز عسكري إسرائيلي طيّار بانتظارنا، ليقرر السائق العودة، والالتفاف عبر طريق المزرعة الشرقية- دير جرير- كفر مالك- ترمسعيا. وهذا المسار الذي أجربّه للمرة الأولى، ليضاف إلى مسارات بديلة عدة عهدتها مع مفاجآت عسكر الاحتلال.
أغفو، أستيقظ، أتمتم، أسمع موسيقى، أكتشف الألعاب في هاتفي، وأسعد بها، كي يمرّ الوقت.. ليته يمر! فعند مدخل بلدة ترمسعيا، تلك التي تبهرنا بتصاميم بيوتها كلما مررنا عنها، لكن هذه المرة نقف عند مدخلها الأنيق، محاطين بنخلاتها الباسقات من الجانبين، مدة تتجاوز النصف ساعة من دون خطوة واحدة، فحاجز إسرائيلي طيّار آخر يحجز عشرات المركبات العامة والخاصّة، والسائق يدخّن ويدخّن، وأنا أختنق وأتململ وأكمل اللعب، في الهاتف الذكي!
حينها نعرف عبر اتصالات بعض الركاب ومواجز الإذاعة، أن عمليتي دهس أو طعن أو زعم بهما، وقعتا قبل قليل، وهما سبب كل هذه الحواجز.
نفلتُ كالرّمح من فم الأزمة، ويسرع السائق أكثر، كأنه يهرب من مفاجأة ثانية، وهو الذي غيّر خط سيره من أبو ديس لجنين، وطلب منّا 40 شيقلا أجرة بدل 35، كما أن أحد الركاب هدده بإخبار الشرطة إذا أخذ هذا المبلغ لأن سيره أساسًا "غير قانوني"، وبعد أن عرّفه الراكب بنفسه، تضاحكا وتعارفا ودعا كل منهما الآخر على العشاء، ثم انتهى الأمر على الخير، وكل ذلك خلال ثلاث دقائق، قبل انطلاق المركبة من المجمّع، إلى المغامرة غير المتوقعة!
نصل حاجز "زعترة" ويبدو أننا وقفنا في الوقت المناسب، حيث أزمة التفتيش والتوقيف في نهايتها، إذ لا نمكث أكثر من عشر دقائق، لنستمر في طريق العودة إلى جنين، متعبين منهكين من يوم متعب، امتعضت منه الراكبة إلى جانبي التي استنشقت وطفلتها وجميعنا الغاز المسيل للدموع في أول الرحلة، من أمام حاجز "بيت إيل"، ثم امتعضنا جميعًا على الوصول المتأخر، وأنا أول الركاب في تمام السابعة مساء، إلى بيتي، ليكملوا بعدي إلى المدينة في اتجاهاتهم المختلفة بعيدها وقريبها.