النشر في فلسطين.. فوضى مطابع وغياب تشريعات
تحقيق يامن نوباني
يجمع مثقفون ونقاد وكُتاب ومتابعون للشأن الثقافي على وجود فوضى في النشر في فلسطين، وعلى ضرورة إنشاء مكتبة وطنية تشكل حاضنة لكل الإبداع الفلسطيني، ووجود رقابة على الاصدارات ومنتجات المطابع، واقرار سياسة نشر تضمن حقوق الملكية الفردية.
كما اجمعوا على اهمية تفعيل رقم ايداع لكل اصدار، لما يشكله الأدب في فلسطين بكافة فنونه من شعر ورواية وقصة قصيرة ونص ونثر ورسائل ومذكرات وسير وفلسفة وسياسة وتراث، من إرث وطني لشعب يكتب همومه اليومية الحية، وآماله بالتخلص من الاحتلال، فكانت الاصدارات تعبيرا عن حالات وأزمنة عدة عاشها الشعب الفلسطيني، وتشكيلا للهوية الوطنية، وارتبطت كل حالة ثقافية بالمرحلة التي وُلدت فيها، فكان هناك أدب النكبة وأدب النكسة وأدب العائدين.. قبل أن تشهد فترة التسعينيات والألفية الثانية حالة أقل عنفوانا من الكتابات الوطنية التي كانت سائدة، رغم إبرازها لأسماء لمعت عاليا في عالم الادب العربي والعالمي.
وفي ذات السياق شاع ما يُشبه الفوضى في النشر، برغم وجود وزارة إعلام ووزارة ثقافة واتحاد ناشرين. أدى إلى غياب احصائية محددة لأعداد الكتب المطبوعة والمنشورة، وغياب الدور الاشرافي من قبل الجهات المختصة، على الناشرين والكُتاب.
وجدت 'وفا' خلال تحقيقها هذا، تخبطا واضحا في جهات الاختصاص فيما يتعلق بحجم الاصدارات والمسؤولين عنها، وعزت تلك الجهات السبب إلى غياب المجلس التشريعي وحالة الانقسام، والتقصير في الاهتمام بالشؤون الثقافية، بسبب أولويات الحكومات المتعاقبة، خاصة فيما يتعلق بالظروف السياسية المتقبلة، وعدم وجود سيادة كاملة على مختلف المناطق الفلسطينية.
وبالرغم من وجود '113' دار نشر مرخصة من قبل وزارة الاعلام منذ 1995 وحتى 2012، و'257' مطبعة مرخصة، و'214' مكتبة مرخصة، فإنه لا أحد يعرف عدد الاصدارات السنوية في فلسطين، لا أحد يراقب مضمون ما يُنشر من قبل المطابع والمكتبات ودور النشر، عشرات الكتب تصدر سنويا دون أن تُسجل في وزارة الثقافة، أو حتى تطلع عليها، بينما تُصدر الثقافة بحسب إحصاءاتها نحو 10 كتب سنويا، وفي العام الحالي 2015 لم يصدر سوى 5 كتب، وبعض الاصدارات تُسجل في وزارة الاعلام وتأخذ رقم ايداع.
وأكد مدير عام الآداب والنشر في وزارة الثقافة، عبد السلام عطاري، عدم وجود سياسة نشر مُقرة من المجلس التشريعي، 'سببت هذه الفوضى، ونحن نعمل على إقرارها وتفعيلها، أدى عدم إقرار قانون حقوق المؤلف وقانون إنشاء مكتبة وطنية فلسطينية إلى زيادة حالة الفوضى الثقافية في فلسطين'. منوها إلى سعي وزارة الثقافة الفلسطينية لإقرار سياسة وآلية دعم قطاع صناعة النشر والمؤلفين في فلسطين، وأهم بنودها أن يتقدم الناشر بطلب نشر مخطوطته لوزارة الثقافة، ويتم تحويل المخطوطة الى اللجان ذات الاختصاص (لجان القراءة)، ثم تتم أو لا تتم الموافقة على النشر.
وأضاف، 'لا يوجد لدينا قانون إيداع، بالتالي لا توجد لدينا إحصائية حول عدد المنشورات السنوية، والتوجه دائما موجود لدعم المؤلف وخاصة الشباب منهم، من خلال شراء كمية ما بين 100-150 من إصدارهم الأول، وكذلك شراء الكتب من المكتبات خلال فترات إقامة المعارض'.
وفي رده حول الاتهامات لوزارة الثقافة بالتقصير فيما يخص دعم دور الناشر، قال عطاري: دور النشر والمكتبات التي تنشر الكتاب الأول أو حتى إعادة الطبع، لا تلجأ لوزارة الثقافة ولا تعرض عليها إصداراتها. منوها إلى وجوب أن تكون هناك ضوابط أخلاقية من قبل الناشر والكاتب، بحيث يكون الناشر ذا وعي كبير فهو مسؤول عما سيقدمه للأجيال، والمؤلف أيضا مسؤول عما يكتبه وما سيتناقله القراء، والرقابة الذاتية واجبة.
وتابع، 'المطابع ساهمت في خلق هذه الحالة الفوضوية في الفكر والثقافة، وأيضا غياب النقد الحقيقي والبناء، فالحركة النقدية تخضع لسطوة الاسم والنص والعلاقات الشخصية، وأيضا حالة التكبر والغرور التي تسيطر على النقاد، فأساس الابداع هو التواضع'.
وزارة الاعلام: وظيفتنا جزئية ولدينا متابعاتنا
وقال وكيل وزارة الاعلام محمود خليفة، إن غياب قانون الملكية الفردية، وانتشار الطباعة السوداء والتي يسعى من خلالها أصحاب المطابع إلى نشر كتب لمؤلفين غير فلسطينيين باعتقادهم أن حق الملكية مُتاح لهم، وهذا دفعنا كوزارة اعلام إلى محاولة تخفيف هذه الفوضى بالذهاب نحو تسجيل الإيداع وليس حق الملكية، ومحاسبة حالات كثيرة جرى فيها إعادة طباعة لمؤلفين فلسطينيين، وحماية المبدعين تحتاج إلى جهود وزارة الثقافة باعتبارها العنوان الاول للمبدعين، واتحاد الناشرين، ووزارة الإعلام.
وأضاف خليفة، إن الدور الأبرز في تنظيم النشر وتداول الكتب جزء منه هو من مسؤولية وزارة الثقافة، وجزئية من مسؤولية وزارة الاعلام التي تعاني من وجود ميزانية كئيبة وضعيفة لا ترتقي للنهوض بالواقع الثقافي، فالمؤلف ودار النشر بحاجة لمن يدعمهما.
وحول العلاقة بين وزارة الاعلام ومطابع ودور النشر، قال خليفة، 'لدينا دائرة متابعة واشراف على المطابع، وبموجب القانون فإنه يتوجب على كل مطبعة حين تصدر كتاب، إرسال 4 نسخ منه لوزارة الاعلام، لكن غياب القوانين ذات العلاقة بالنشر وعدم تفعيلها، أدى إلى عدم التزام من قبل المطابع ودور النشر، لذلك لا توجد لدى وزارة الاعلام احصائية شاملة لأعداد الكتب التي تصدر سنويا في فلسطين، اضافة إلى أن عدم السيطرة على المعابر والحدود أثر بشكل كبير على الحالة الثقافية وتطويرها.
أصحاب دور النشر: لم نرَ وزارة الثقافة أو وزارة الاعلام
قال مدير مكتبة دار الشروق للنشر خضر البس، 'لا أحد يدعمنا أو يشتري منا، لا وزارة الثقافة ولا وزارة الاعلام، يجب تفعيل اتحاد الناشرين، ووجود لجنة قراءة ورقابة في وزارة الثقافة، ووزارة الاعلام ايضا مسؤولة عن هذه الفوضى، ومن أشكالها الطباعة في الخارج، حيث يعتقد الكاتب أن الكتاب المطبوع في الخارج سيحقق له شهرة. ونحن لدينا لجنة لقراءة الكتاب وتقييمه وتدقيقه، يهمنا الجودة، وأن يكون المضمون يستحق النشر، ننشر سنويا نحو 50 كتابا بين طبعة أولى وإعادة نشر، وعرضنا قبل سنوات على وزارة الثقافة اتفاقية لنشر 360 كتابا في عام واحد، بحيث ينشر كل يوم كتاب، لكن الاتفاق لم يجر.
وأكد أمين مكتبة دار الرعاة للنشر رامي القبج، أن المسؤولية هي مسؤولية وزارة الثقافة ووزارة الاعلام، 'ونحن منذ 18 عاما لم تدعمنا وزارة الثقافة ولو بشراء كتاب واحد. 18 عاما ونحن الذين نذهب الى وزارة الثقافة ووزارة الاعلام لنعلمهم بالكتب، نريد منهم ان يجتمعوا بنا ولو مرة واحدة خلال العام الواحد، نقوم بتقييم الكتب ولا نأخذ مالا مقابل طباعة الكتاب، ونعطي حصة من المبيعات للمؤلف.
المثقفون.. آراء متباينة حول الحالة الثقافية
الناقد عادل الأسطة، قال 'هناك فوضى في النشر وليس هناك ضابط، هناك دور نشر تجارية ادفع لها مبلغا من المال تنشر لك أعمالك، وهناك من ينشر اليوم كتبه على نفقته ويبيعها أو يوزعها على أصدقائه، وليس لدينا جهة مسؤولة تمنع النشر دون إعطاء رقم وطني ISBN وليس هناك متابعات نقدية حادة تجعل من يقدم على النشر يفكر مرارا.
ويقول الشاعر فراس حج محمد، الذي أصدر أربعة دواوين شعرية، 'لطالما كانت الساحة الأدبية الفلسطينية تشكو من النشاطات الأدبية المتعددة الأشكال، فقد شهدت هذه الساحة ركودا فيما مضى، إلى أن ظهر جيل من الكتاب الشباب الممتلئ حيوية وطاقة، وذو أفكار خاصة فيه، بعيدا عن السير في ركاب الكتاب الكبار، فظهرت كتب كثيرة، شعرا ونثرا، نصوصا او قصصا او روايات، وهذا الأمر بحدّ ذاته ظاهرة صحية، ومؤشر على الاهتمام والدخول إلى معمعة الكتابة والنشر.
وأضاف: أما فيما يتعلق بمدى الرضا عن النشر غير المسؤول، فيجب علينا أولا البحث فيما هي المسؤولية؟ ومن يحدد هذه المسؤولية، لا سيما أنه لا يوجد عندنا في فلسطين دائرة مختصة بالمطبوعات والنشر على الرغم من وجود قانون بهذا الخصوص، والمسؤولية الأولى والمهمة هي ضمير الكاتب نفسه الذي ينبغي عليه أن يتأنى أحيانا في إصدار كتبه، وأن يكون حريصا على تجويد ما يكتبه، وأن يتطور مع كل جديد، فنيا وموضوعيا.
وأشار إلى أن دور النشر على قلة ما تقدمه من تسهيلات للكتاب إلا أنها أحيانا تكون ضابطا تلقائيا لتدفق الكتب الرديئة، 'فدار النشر لا تدفع للكتاب، ولا تنشر لهم مجانا، ولا توجد جهات داعمة للكتاب الشباب، فلذلك تجد أن الكاتب المؤمن بذاته وموهبته مستعد أن يدفع تكاليف طباعة كتابه، وربما تذهب نسخ الكتاب هدايا أو تضيع بين المكتبات، فلا يدري الكاتب أين ذهب كتابه، فالمسألة مجازفة كبيرة، ومع ذلك من يجازف هذه المجازفة يستحق التقدير. فالأمر معقد وملتبس أحيانا لكن علينا أن ننظر إليه على أنه سوق مفتوحة، تنظم بضاعتها تلقائيا كأي بضاعة، وليس شرطا أن تكون البضاعة الكاسدة بضاعة رديئة، فكثير من الكتاب المشهورين عالميا لم يعرفوا إلا بعد موتهم، إذ جاء ناقد خبير وأنصفهم، فأعيدت طباعة كتبهم في دور النشر الكبرى، لما تدر على تلك الدور من ثروة لن تنضب بعدد القراء المحتملين على مر السنين!'.
وتابع: عليه، فمسألة ضبط النشر، ليست ذات جدوى في الحقيقة، إذ إننا بتصوري لا نعيش فوضى النشر بالمعنى المخيف للمصطلح، وإن سلمنا بحاجتنا لعملية ضبط هذه الفوضى فمن سيقوم بهذه العملية؟ هل تقوم بها وزارة الثقافة أما تحاد الكتاب أما لناشر؟ على الكتاب أن يكتبوا او من استطاع أن ينشر فلينشر، مع ضرورة أن يتابع النقاد كل جديد، وأنا هنا أركز تركيزا شديدا على دور الناقد الخبير الموضوعي وليس هاوي القراءات الانطباعية.
فيما يرى الناقد وليد ابو بكر، أنه لا يوجد لدينا دور نشر حقيقية، انما مكتبات ومطابع تقوم بدور النشر والاصدار، ووجود التزييف لدى هؤلاء بتصوير وإعادة طبع منشورات دون علم المؤلف أو منحه حقوقه.
وأضاف، هناك استغلال لاسم فلسطين بشكل واسع ورهيب في الكتابات الأدبية، لما تتمتع به القضية الفلسطينية من شهرة ومعاناة وحالة نضال، هذا أيضا ساعد على فوضى النشر.
المطلوب لاحتواء هذه الفوضى إنشاء مؤسسة ودار نشر وطنية تدعمها وزارة الثقافة وتفعيل اتحاد الناشرين، وعدم التعامل في النشر على أساس العلاقات الشخصية والتجارية، وأن يدعم المستوى السياسي الحراك الثقافي بشكل أكبر.
ناشرون جدد لم يلقوا دعما رسميا
الكاتب الشاب أحمد جابر، والذي اصدر كتابين هما: رحلة العشرون عاما، وكأن شيئا لم يكن، قال: استفسرت من شخص ملم بالأوضاع الثقافية ووزارة الثقافة ونصحني بعدم التوجه لتلك الجهات، لأنهم لا يملكون مالا للطباعة وما يطبع يبقى في مخازنهم.
وأضاف: هناك مدة معينة تعطيها دور النشر قبل أن يردوا جوابا فيما اذا كانت الكتب تستحق النشر ام لا، لكني لا أدري اذا كان كتابي تم قراءته وتقييمه قبل نشره.
الكاتبة الشابة نبال قندس، صاحبة كتاب يافا حكاية مطر وغياب، وكتاب أحلام على قائمة الانتظار، تقول: توجهت لفرع وزارة الثقافة في مدينة نابلس وطلبوا مني تقديم طلب للطباعة مع مخطوطة فقدمتها على اسطوانة، ثم أهملوها، وبعد نشري للكتب أطالبهم على الأقل أن يوصلونا للعالم الخارجي، وأن يغطوا تكاليف مشاركتنا بمعارض خارجية للكتاب.
الفيس بوك.. جزء هام من الفوضى
أكد عبد السلام عطاري، أن مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة موقع الفيس بوك، ساهم في هذه الحالة من خلال الخلط بين الغث والسمين، وكرست العلاقات الشخصية خاصة بين الجنسين، فتولد تبادل الاعجابات والتعليقات بسطحية، وساهمت في تسويق الاصدارات من خلال علاقات الكاتب على هذه المواقع.
بدوره، أكد الناقد عادل الأسطة، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعطي الحرية للجميع لينشر ما يريد، خلافا للمجلة أو الجريدة التي لها هيئة تحرير، و'لكن هل هذه ظاهرة سلبية بالمطلق أو إيجابية بالمطلق؟ هذا شيء آخر، كل شيء له وجهان عموما؛ سلبي وإيجابي، وكثرة النشر بدأت تربك النقاد الذين يدرسون ظاهرة أدبية فهي لا تمكنهم من الإحاطة الشاملة. حقا كناقد هذا بدأ يربكني شخصيا.
ويقول الكاتب الشاب أحمد جابر، 'لو سألنا أي فلسطيني برأيك من هم أفضل خمسة كتاب فلسطينيين معاصرين؟ لصدمنا من الاجابة، بسبب التشتت الواضح في الاسماء التي ستتعدى الـ100 اسم، منهم 90 كاتب فيسبوك! بينما قديما كنا نعرف أسماء الكبار والمشهورين.. ما على الكاتب سوى تجميع كتاباته الفيسبوكية، نسخها ووضعها في ملف وورد، ثم ارسالها لدار نشر والاتفاق على سعر، وفي غضون شهر يجهز الكتاب 'هات مصاريك وخذ كتابك'. ثم يبرز لدينا 'الغيور على الادب' ويطلق اشد أنواع النقد على هذه الكتب، والتهمة الاساءة الى الأدب الفلسطيني والإرث العظيم الموروث عما سبقوا، أما دار النشر فستقول أنها تقوم بدعم الشباب الكاتب، رغم ذلك فإنه على ميزان الأدب العربي الحالي سنجد الفلسطيني يتخذ مقعدا مرموقا، لكن في حال ازداد العدد واستمرت المهزلة فإنه يتوجب على اصحاب القرار اتخاذ اجراءات قانونية للحد من السلبية المستقبلية، مدعومين من المثقفين الغيورين، مع وجود لجنة مختصة في وزارة الثقافة مهمتها رفض او قبول المواد المرفوعة من دور النشر، وربما وضع سن قانوني لمن يحق لهم النشر'.
ماذا تقول وزارة الثقافة بشأن القوانين؟
وبحسب وزارة الاعلام فإن لديها وحدة خاصة بحماية حقوق المؤلف تم انشائها رسميا في العام 1998، والحاقها بالإدارة العامة للتنمية الثقافية ومن ثم الحاقها بالإدارة العامة للمكتبات والمخطوطات، وقد جرت محاولة اخرى لصياغة قانون حديث في العام 2000، وجرى تقديمه للمجلس التشريعي، وجرت مناقشته في اللجان المختصة، ثم توقف عند هذا الحد، كما جرى تحديث مشروع القانون عام 2006 بالتعاون مع مكتب اليونسكو في رام الله، لكن لم تتم دراسته في المجلس التشريعي نتيجة لتوقف جلسات المجلس، والآن من المتعذر العمل به، حتى لو اقره المجلس التشريعي، لأنه أصبح قديما وهناك مستجدات كثيرة نشأت وتغييرات وتحديثات تجري كل بضعة أشهر تقريبا في مجال الملكية الفردية مما يجعل القانون من ذكريات الماضي لا أكثر.
وقالت إن 'اعادة احتلال مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية مرة اخرى من قبل الاحتلال الاسرائيلي وتدمير معظم وزارات السلطة الوطنية ومصادرة العديد من الوثائق والبيانات الاحصائية يتطلب الوقت والجهد لإعادة تعويض ما فقدناه.
ان عدم اقرار قانون حقوق المؤلف من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني أثر بشكل كبير على عدم وجود مكتبة وطنية فلسطينية، علما بأنه صدر قرار في العام 1997 بإنشاء المكتبة الوطنية الفلسطينية ولكن حال ذلك القرار كحال قرار حقوق المؤلف، لذا فإن الواقع الفلسطيني فيما يخص حقوق المؤلف والحقوق المجاورة هو أن القانون الساري في فلسطين الى الان هو القانون البريطاني لعام 1924، ولا تزال فلسطين عضوا في اتفاقية بيرن 1933 لحماية المصنفات الادبية والفنية كتحصيل حاصل خلال مرحلة الانتداب البريطاني، وعضو في الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف منذ العام 1981، وعضو في منظمة الأليسكو وتشارك في الأنشطة المتعلقة بحقوق المؤلف التي تنظمها المنظمة.
لا أحد يعرف عدد الاصدارات السنوية في فلسطين، ولا أحد يملك رقما واضحا لعدد المطابع ودور النشر في فلسطين. وزارة الثقافة تقول إن غياب وعدم إقرار سياسة نشر من قبل المجلس التشريعي هو السبب الرئيسي في فوضى النشر. بينما تقول وزارة الاعلام أنها لا تملك السيطرة على المطابع في مناطق C وB التي تتبع للسيطرة الاسرائيلية ولا تملك احصائية لعددها، بالتالي تشكل هذه المطابع جزءا من الفوضى بما يتعلق بإعادة طباعة كتب لمؤلفين دون مراعاة حقوقهم.
يُشار إلى أنه وخلال إعداد 'وفا' تحقيقها حول فوضى النشر وغياب حقوق الملكية الفردية وتساؤلها بشأن المكتبة الوطنية، وحوارها مع عدد من جهات الاختصاص والمثقفين، ومحاولتها الوصول الى أسباب غياب سياسة النشر والقوانين المتعلقة بضبط وتنظيم الحالة الثقافية والابداعية في فلسطين، أصدر مجلس الوزراء المنعقد يوم الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2015، قرارا بإنشاء المكتبة الوطنية الفلسطينية، وذلك من خلال جمع وحفظ التراث الثقافي والإنتاج الفكري وصيانته ونشره، وإصدار الببليوجرافية الوطنية وتنظيم الفهارس الخاصة بها، وإعطاء الرقم المعياري الدولي للكتب والدوريات، والقيام بإجراءات الإيداع للمطبوعات وفقاً للقانون، والإشراف على عمل المكتبات العامة والخاصة والجامعية والسعي نحو تحديثها وتطويرها، وتقديم الخدمات المكتبية والمعلومات للباحثين والدارسين، والحفاظ على الملكية الفكرية، واقتناء الإنتاج الفكري الوطني في فلسطين.