عام جديد.. ولنا في أرضنا ما نعمل
كنا هنا منذ فجر التاريخ وما زلنا، وهنا سنبقى على الدوام، صامدون فوق أرضنا، ثابتون على مبادئنا، ماضون ليس في طريق التحدي والمقاومة الشعبية فقط، وإنما أيضا في طريق البناء والتأسيس والرعاية الاجتماعية والتنموية لمختلف قطاعات الشعب وأولا قطاعات الشباب والمرأة وحسبما أعلن الرئيس أبو مازن في خطاب الذكرى الحادية والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، فإن صندوقًا وطنيًا لدعم تشغيل الشباب بات في قيد الإنشاء، وكذلك هناك المزيد من العناية الاستراتيجية بالقطاعين الزراعي والصناعي، لنا حقا في أرضنا ما نعمل، ولن تكسرنا أبدًا سياسة الاحتلال العنيفة، سياسة القتل والاستيطان والعنصرية، التي هي في حسابات الحكمة والتاريخ معا، سياسة الوهم ان القوة الغاشمة بوسعها ان تنتصر وتسود، ومن هنا يتجدد الامل ويتكرس تطلعنا الانساني النبيل، ان الحرية قدر شعبنا الذي لا بد ان يتحقق، الحرية بدولة الحرية والسيادة والاستقلال، لأننا مصممون على دحر الاحتلال، وواحد وخمسون عاما من ثورة خلاقة، اقتحمت الصعب، وتحدّت موازين القوى الاقليمية والدولية جميعها، وجعلت المستحيل ممكنا، واحد وخمسون عاما من نضال بطولي مجيد، وحشد عظيم من الشهداء الابرار، والجرحى والاسرى البواسل، تؤكد على هذه الحقيقة التي لم يعد بإمكان أحد أن يتجاهلها.
واحد وخمسون عاما من ثورة الفتح، ثورة الشعب والوطن، حركة الوطنية الفلسطينية وحزبها الاصيل، أسست وكونت واعلت بناء الكيان السياسي والنضالي لشعبنا، بهويته الوطنية، وبقراره المستقل، وقد باتت اليوم تبني اسس الدولة ومقوماتها ومؤسساتها، بشغف التطلع الحضاري، ان تكون دولة فلسطين هي دولة الحكم الرشيد، بضرورة النقد وشفافيته، وبحرية التعبير ونزاهته، وواحد وخمسون عاما من طلقة شجاعة، وحجر أسطوري، وهجوم سياسي بارع وشجاع، أعطى ومازال يعطي لفلسطين حضورها الحيوي والفاعل، في مختلف ساحات المجتمع الدولي ومحافله ومؤسساته ومنظماته العديدة.
فلسطين، اليوم في كل مكان، وفي كل خطاب كلما كان الموقف يتعلق بضرورة السلام العادل في الشرق الاوسط لضمان تحقيق الامن والاستقرار، هذه هي الحقيقة وهذا هو معنى الرقم الفلسطيني الصعب، بدمه ولحمه، بصوته وصورته، بواقع حركته وفعاليته، بواقع مكانه ومكانته، ونعرف أننا اليوم في خضم مواجهة كبرى مع الاستيطان وجيش الاستيطان الاحتلالي، وان هذه المواجهة ما زالت تكلفنا الكثير من الدم الطاهر العزيز، دم الشهداء الشباب والفتيان والفتيات والاطفال، غير ان هذا هو دم فلسطين بقبضتها المتعافية، التي تطرق ابواب الحرية بمنتهى القوة والاصرار، لتؤكد معنى الرقم الفلسطيني الصعب باستحالة تجاوزه او شطبه من معادلة الصراع، الصراع الذي لن تنهيه دبابات الاحتلال وطائراته ومدافعه واستيطانه، ولن يكون بامكان كل هذه الاسلحة ان تجلب الامن والسلام للاسرائيليين حتى لو جعلوها زادهم اليومي، فاما سلام للجميع، وأولا لفلسطين ولشعبها الصابر المرابط، وإما "النار جيلا بعد جيل" لسنا نتوعد هنا، لكنها الحقيقة التي ينبغي على الاحتلال الاعتراف بها اللحظة قبل الاخرى، من اجل امن واستقرار مثمر ومنتج ان يتحقق في ظل سلام عادل ما زال ممكنا ان يكون.
سنقاوم ونواصل هذه الطريق، دون كلل ودون خوف او وجل، وبلا اي تردد او تراجع، سنقاوم ونبني ونعلي البناء، فلنا – حقا- في أرضنا ما نعمل.
وكل عام وشعبنا بخير الأمل والتطلع والثقة بالمستقبل، الذي لن يكون سوى مستقبل فلسطين الدولة الحرة بعاصمتها القدس الشرقية، بعون الله وإرادة شعبنا العصية أبدًا على الكسر.