تنفيذ المصالحة، فرصة مواتية ! - د. عادل محمد عايش الأسطل
بشيء من الترقب، للقاء القمة المنتظر بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية "محمود عباس" ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل، والمخصص للشأن الفلسطيني - الفلسطيني الهام، في محاولة قد تكون الأخيرة، بغية إعادة اللحمة بين أطياف الشعب الفلسطيني، وبالتالي تجنب المزيد من الانقسامات والخلافات وتداعياتها، لا سيما مع ما يصاحب ذلك من شكوك وخشية، من شأنها إجبارنا على المزيد من الانتظار، وهذا ما لا يرضاه، ولا يهواه السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني، الذي تاق للوحدة والتماسك والتلازم من خلال نبذ الفرقة والانقسام، بعدما قاسى صنوف العذاب من جراء، التخاصم وكسر الصف والتناكف، على غير فائدة ولا عاقبةً محمودة، وإنما يُحسب كله من عمر الشعب الفلسطيني من غير نتاج ولا جدوى.
الوحدة، بمعناها الحقيقي، هي بعينها التي بمقدورها تسيير دواليب العجلة الحياتية الفلسطينية، نحو إرضاء طموحنا، وإحراج لما يُبطن بعضنا لبعض، وتثبيت عزتنا لدى غيرنا، والأهم من ذلك كله تنكيس أعلام أعدائنا، بحيث لا نريد أن نكون في وسط المخاوف، من دخول أعدائنا مجدداً لداخلنا، لتغذية خطوط الأزمة.
لا شك بأن الشعب الفلسطيني استقبل تحديد موعد لقاء "الرئيس عباس – مشعل" في يوم 23 من الشهر الجاري، بالأمل والفرح، والتمني بقرب الفرج، ورد عليه بالرضا، خاصة وأنه يجيء على مداواة أمرين مهمين في آنٍ معاً، التأكيد على الوحدة الفلسطينيين، وجمع الصف على كلمةٍ سواء، في مسيرة التاريخ الفلسطيني، وبإقناع بعض القوى والجهات الفلسطينية الأخرى، التي لا تريد إنجاز المصالحة الفلسطينية كما يجب، وبأن لا تقوم بإجراءات من شأنها عرقلة وزعزعة الوصول للمصالحة، وذلك لأجل الصالح العام من جهة، والتصدي للاحتلال الصهيوني، بشتى الوسائل المتاحة من جهةٍ أخرى، خاصةً وأن الرئيس "أبو مازن"، كان أعلن عن استمرار المقاومة السلمية، ودعا الجمهور لتوسيع الفلسطينيين للمقاومة الشعبية التي من شأنها زعزعة الاحتلال الإسرائيلي، وبالطرق الشرعية الهادئة، ورغم أنه يشدد على "الهادئة" ربما في إشارةٍ بإمكانية أن تتطور وحدها، أو أن تقوم جهات بتطويرها، وهذا يوحي أيضاً، بأن الأمور لا يمكن لها أن تستمر على هذا الحال، في ضوء الصلف الإسرائيلي، الذي هو في تزايد يوماً بعد يوم، من حيث عدم إذعانه لمتطلبات السلام، ومعاندته العالم بمواصلة الاستيطان، والحرب الضروس ضد الشعب الفلسطيني بعمومه.
وكان جدد الرئيس "أبو مازن" وفي ضوء المضي في مسيرة المصالحة، بما لا يدع مجالاً للشك، التمسك بالأسس التي طرحتها القيادة الفلسطينية، لاستئناف المفاوضات مع "إسرائيل"، والتي تقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، ووقف الاستيطان، معتبراً أنه "بدون هذين الشرطين لا توجد مفاوضات". وذلك لإفهام "إسرائيل" بالقوة الآتية، من حيث إنهاء الفرقة والاختصام، ومن ناحيةٍ أخرى، طمأنةً، لحركة حماس والحركات الأخرى، بأنه من العبث التفريط في الثوابت الفلسطينية.
ولا شك فإن أكثر ما يغيظ " إسرائيل" هو إنهاء الفرقة والعودة إلى التوحّد والاندماج، فمنذ إعلان مبادئ المصالحة في العاصمة المصرية "القاهرة" في أواخر أبريل/نبسان من العام الجاري، لم يعجب ذلك "إسرائيل" حين أعلن وبصريح العبارة رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتانياهو" بتخيير الرئيس"أبو مازن" بين السلام وبين"حماس" حين اختار الرئيس، السلام مع حماس على أنهم إخوة، وكان ذلك بمثابة اللطمة التي ستبقى آثارها باقيةً على وجه نتانياهو" الذي اعتاد على تلقي اللطمات، ليواصل غضبه على الرئيس، لمجرد سماعه بموعد اللقاء المرتقب مع السيد مشعل، فقد صدر عنه قوله:" حماس "إرهابية" ولقاء "عباس – مشعل" يعتبر ضربة قاسية لمسيرة السلام".
وهنا يجب التأكيد على ضرورة أن يكون لقاء الرئيس "أبو مازن" والسيد " مشعل" منسجماً مع التوجه الشعبي الفلسطيني" الداعي لتطبيق اتفاق المصالحة الذي وقّعاه معاً، خاصة وأن هذه المرحلة الحالية لا تحتمل المزيد من التأجيلات أو التراخي الغير مبرر لتنفيذ اتفاق المصالحة، الذي مضى عليه زمن ليس بالقليل، كنا أحوج فيه للتماسك والتعاضد في وجه الاحتلال الذي أذاق الفلسطينيين أشد العذاب، ولهذا يتوجب على كل من حركتي فتح وحماس، ومن أجل الوطن الفلسطيني، التلاين والتعاطي مع بعضهما البعض، لتجاوز كل مشكلات الماضي، وكل ما من شأنه إعاقة تنفيذ المصالحة والتوجه الحقيقي والجاد، نحو ترتيب البيت الفلسطيني، وخدمة المصلحة الوطنية العليا المتمثلة في لم الشمل الفلسطيني.
وأيضاً يتوجب على كافة الفصائل الفلسطينية، وقوى المجتمع المدني وسواء في الداخل أو الخارج، العمل الجاد وبنيّات صادقة، تهدف إلى بعث الوحدة للصف الفلسطيني من جديد، وعلى أقوى ما يكون، وذلك بتطبيق المصالحة الوطنية، ومن ثم المساهمة في خلق الأجواء الداعمة إلى تحقيق الوحدة الوطنية، لأن إنهاء الانقسام يُعتبر بلا شك، مسالة وطنية تاريخية بحق كافة الأطياف الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية إنما هو انجاز مشرّف، ووسام على رأس كل الفلسطينيين، الذين أضرتهم أصناف الفرقة والمناكفة، وألحقت الأذى بكيان الشعب الفلسطيني وبالقضية الفلسطينية وأولوياتها في بناء الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.