" في عيدكنَّ للمرأة العربية والفلسطينية خاصة تنحني الهامات" - فراس الطيراوي
ففي الثامن من آذار من كل عام تحتفل البشرية بعيد المرأة العالمي تخليداً لذكرى المناضلات النسويات الاول اللواتي تَصدرنَ صفوف الاحتجاجات والاضرابات والمؤتمرات، وبعضهن قد ضحين بحياتهن من أجل تحسين ظروف عمل المرأة، ثم من أجل حقها في التصويت والانتخاب وحقوقها السياسية، ومن أجل المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات، في مسيرة شاقة بدأت في معامل نيويورك، وانتهت في أروقة الأمم المتحدة عبر محطات دولية عديدة وعقود من السنين، ليتم بقرار أممي اعتماد الثامن من آذار يوم عطلة رسمية، وعيداً خاصاً بالمرأة على مستوى العالم.
لا يسعنا بهذه المناسبة العطرة الا ان نبعث باسمى آيات التهاني لكل نساء العالم بشكل عام، والعربية والفلسطينية بشكل خاص، لانها المناضلة، وأم الشهيد، وأخته، وزوجته، والشهيدة، والجريحة، والأسيرة ، تحية إجلال واكبار واعتزاز وافتخار لكفاحها وصمودها وتضحياتها المستدامة، وهي تتصدى لاعتى التحديات الاحتلالية وأشرسها، راسخة ثابتة كالجبال، أحييها اما، زوجة، أختا، بنتا، ربة بيت، عاملة، طالبة علم، اسيرة في معتقلات الاحتلال الصهيوني الغاشم.
فسجلنا الفلسطيني حافل بأسماء نساء فلسطينيات تركن بصمات واضحة في الوعي الشعبي الفلسطيني، بدءً من الأمهات المهجرات اللواتي شهدن النكبة الفلسطينية وعشن اثارها ، فشكلن أعمدة الحياة في خيام اللاجئين ومخيمات البؤس والشتات، فعانيْنَ الكثير وما زلن يعانين على مختلف الصعد الحياتية، ولكنهن صامدات، صابرات، حتى يحقق الله لهن حلم العودة الى وطن ضاع في زمن النخاسة والخيانة والرجعيات. فعندما نقول المرأة الفلسطينية ليس من باب العنصرية وإنما لانها منبت الرجال، ومنبع الابطال، مثلٌ اعلى، ونموذجٌ يحتذى، ومنبع العطاء ومعينه الذي لا ينضب أبدا ، فقد كانت خنساء عصرها التي دفعت بزوجها وابنائها الى اداء واجبهم الوطني، وهي التي تقبل فلذة كبدها الذاهب الى لحظة استشهاده وتقرأ له سورة الفاتحة وتستقبله بالزغاريد عندما يعود مستشهدا ، فزاوجت بذلك بين النضال والمقاومة، وعبئ الصبر، فضلا عن معاناتها في تربية أبنائها وزرع روح الانتماء للوطن، والأرض، والشعب. واندفعت هذه المرأة الفلسطينية العظيمة الى ميادين العزة،والكرامة، والشموخ، والنضال، وشاركت الفدائيين جنبا الى جنب، فارتقت شهيدة، وسقطت جريحة، وذاقت مرارة الأسر، وظلام السجون، وجور السجان، وعتمة وبرودة الزنازين، فسجل التاريخ بأحرف نورانية اسماء أقمار فلسطينية كان لهن اثرا عظيما في قهر القهر حتى عجز عنهن القهر ، ولعبن دورا طليعيا في النضال ضد المحتل واثبتن وعبر الكثير من التجارب أنهن جديرات بشراكة الرجل في كافة المجالات.
ختاما وفي يوم المرأة العالمي ننحني إجلالاً واكباراً لكل الماجدات اللواتي قدمن أرواحهن في سبيل تحرير الوطن والخلاص من المحتل ولكل من عذبن في السجون والمعتقلات وقدمن أرواحن قرابيناً على طريق الحرية والاستقلال، ونبارك للمرأة عيدها وندعوا لها بالمزيد من التقدم والعطاء على ذات الطريق لرفعة المجتمع وتطوره.
عاش يوم المرأة العالمي، عاشت المرأة الفلسطينية الصابرة المجاهدة، الحرية لاسيراتنا الماجدات الحرائر في الباستيلات، المجد والخلود لشهيدات الوطن، والخزي والعار للاحتلال واعوانه، وما بعد الليل المدلهم الا بزوغ الفجر...!