مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ثلاثمئة وعشرون عاما في عام واحد- أشرف عباهرة*

يعتقد القارئ للوهلة الاولى أن هذا لغز حسابي أو رقم فلكي من أرقام الاغريق او اليونان، وقد يظن البعض انه لا يمكن ان يجتمع الرقمان معا، فقد يعتبرهما البعض صيغة مبالغة أو مجاملة لصغر سن كائن هنا أو جماد هنا أـو هناك، ولكنهما في الواقع رقم حقيقي عبَر عن عطاء جماعي بذله أفراد من المجتمع الفلسطيني، إنه رقم العطاء الطويل وعمر الشعوب التي يجمعها متطوعو جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني في عام واحد.

فعدا عن أن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني هي الحاضن الرئيس في الوطن والشتات للعمل التطوعي باعتباره مبدأ وطنيا وانسانيا يقدمه الشخص القادر لكل محتاج، وتؤمن كذلك انه عمل يؤسس لنهوض اقتصادي يساعد في تطوير الأمم والشعوب خاصة تلك الرازحة تحت الاحتلال، فهذا العمل الذي توارثه المجتمع الفلسطيني جيلا بعد جيل منذ مئات السنين، واعتبرته الجمعية امتدادا للهبة والعونة الفلسطينية وامتدادا قويا راسخا لآلاف الثوار المتطوعين الفلسطينيين منذ العام 1917 مرورا بالجمعيات النسوية واللجان الوطنية واتحادات الطلبة ونقابات العمال وغيرها من الاتحادات التي سعت حينذاك لتوريثنا هذا العمل النضالي ليبقى متماسكا صلبا متينا نباهي به الأمم والشعوب.

وسعت الجمعية دوما لابراز هذا العمل النبيل في مجتمع عصي على الكسر ومحب للحياة وحياة الآخرين، فهذه الجمعية التي كان اساس انطلاقتها في العام 1968 كان متطوعوها هم الرواد في تأسيس أول عيادة كمقر لها في مخيم ماركا القريب من العاصمة الأردنية عمان وضعوا نصب أعينهم اوجاع النكبة والنكسة والتشرد الذي عاناه المواطن الفلسطيني في الوطن واللجوء، فكان للمتطوعين الدور الاساسي في تأسيس هذا الصرح الشامخ والذي سيصبح وجهة الشعب الفلسطيني والعربي الحضاري والانساني ومقصد الكثير من الشباب العربي مستفيدين ومفيدين لتكبر ويكبر معها طموح وأمنيات المتطوعين المحبين للانسان والمؤمنين بأن لا حدود ولا مكان ولا زمان للعمل الانساني، لنلتقي اليوم ونكتب هذا العنوان الذي يفسر ان ما بذله 6069 متطوعا خلال العام 2015 يساوي 2796868 ساعة تطوع من مد يد العون وتقديم الخدمات الانسانية، والاجتماعية والصحية لأبناء شعبهم الفلسطيني وكل محتاج من خلال جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني.

واذا قارنا هذا العدد وهذه الساعات ببعض دول العالم المتحضره والذي يعتبر فيها التطوع من أهم الاعمال التي تشجعها الدولة وتساهم في دعمها بشكل كبير نجد ان ما قدمه المتطوع الفلسطيني من ساعات تطوع مقارنة بالمتطوع البريطاني يفوق بثلاث اضعاف، واذا ما قورن بمتطوعي استراليا فانه يفوقهم بثمانية اضعاف، ناهيك عن عشرات الاضعاف التي يتقدم بها المتطوع الفلسطيني عن شقيقه المتطوع العربي. وهذا الرقم يؤكد على الدور الكبير الذي يقوم به المتطوع اذا ما تم توجيهه لخدمة الانسانية جمعاء.

ان مجتمعنا الفلسطيني المعروف بترابطه الأسري والاجتماعي والعائلي لم يخذل وطنه يوما لا بل امتد عطاؤه إلى خارج حدود وطنه فلسطين، وهؤلاء المتطوعون من كافة الفئات العمرية ومن كلا الجنسين قادرون على صنع مسقبل فلسطيني واعد، مليء بالحب والبذل والعطاء الوطني والإنساني الذي يعتبر المواطن العربي في أمس الحاجة اليه نتيجة لظروف التدمير والقتل والتشرذم التي يمر بها.

أما على الصعيد الفلسطيني فيشكل الشباب ما نسبته 74% من المجتمع، وهم بحاجة ماسة الى تصويب الافكار والطاقات والاستفادة منهم وطنيا فهم الرافد الأساسي للوطن وهم بناة الدولة القادرين على تحمل المسؤولية الوطنية خاصة في ظروف فلسطينة استثنائية كالتي تعيشها القضية الفلسطينية هذه الايام.

ان العمل التطوعي الذي يلتقي كل متطوعي العالم تحت رايته يوحد الأفكار والجهود وهو قادر على توحيد الوطن الفلسطيني على قاعدة أن العمل التطوعي واجب وطني دون أية حسابات اخرى قد تحرف بوصلته ويكون انتماء حزبيا او دينيا او فكريا كما هي الحال عند البعض، فهذه الاعداد الكبيرة من المتطوعين الفلسطينيين يجب ان يكون لها هدف واحد يتمثل في المساهمة قدر المستطاع في تعزيز مفهوم العمل التطوعي في فلسطين والنهوض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني والحفاظ على هذا الإرث التاريخي ليبقى ارثا وطنيا تتوارثه الاجيال القادمة.

ان متطوعي جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني هم جزء من ثلاثمئة وخمسين مليون متطوع في ارجاء العالم يساهمون في التخفيف من معاناة الشعوب ومحاولة الحد من ويلاتهم ونشر ثقافة السلام والبناء والانتماء، وان متطوعينا هم أبناء الشعب الفلسطيني الذي يعاني من بطش الاحتلال وجبروته ومحاربته لهذه الظاهرة المجتمعية والذين رحل منهم مئات الشهداء خلال مسيرة عطائهم الطويلة، ومع ذلك هم مستمرون في عملهم وواجبهم تجاه ابناء شعبهم الجريح في كافة الظروف والحالات والزمان والمكان فرسالتهم وايمانهم العميق بعدالة قضيتهم وتأكيدهم على الدور الذي يلعبه العمل التطوعي في التخفيف من ويلات شعبهم والمساهمة العالية في تعزيز اقتصاده هو أساس عملهم، وبهذا العطاء اللامتناهي والانتماء الأزلي للانسانية وبتلك الايادي الفلسطينية التي نفخر بها وبالجهد الذي يقوم به هؤلاء المتطوعون حيثما وجدوا أقول انه لا بد من وجود جسم وطني يوحد العمل التطوعي من حيث الهدف والمضمون وأن تكون أولى أولوياته تعزيز دور الشراكة المجتمعية وتنمية قدرات الشباب والمتطوعين وان يكون الانتماء فلسطينيا صاحب رسالة سامية نتوحد جميعا تحت مفهومها بعيدا عن الخلافات والتجاذبات السياسية والحزبية الضيقة التي مزقت النسيج الوطني والاجتماعي وبعثرت عطاء متطوعينا والذي رسم من تاريخه نموذجا للتوحد الاجتماعي والسياسي والفكري والوطني وأن يستفاد من هذه الكفاءات الوطنية والحفاظ عليهم كأهم فئة وانبل ظاهرة عرفها التاريخ ليكون أساسا وطنيا يؤسس للبنة الدولة الفلسطينية القادمة.
----------
* مدير المتطوعين في جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني

Za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024