نيسان وذكرى الحبيب... خالد مسمار
عام كامل مضى.. بالتمام والكمال.. عام مضى على فراق الحبيب ابو جميل.. ومازال الدمع في المآقي.. خطفه الموت بسرعة مذهلة في مثل هذا اليوم من شهر نيسان شهر الالم والبطولة.. شهر الشهادة في اليوم الثامن منه استشهد البطل عبد القادر الحسيني وفي التاسع منه ارتكبت العصابات الصهيونية بقيادة مناحيم بيغين واسحق شامير ابشع مجازر العصر في قرية دير ياسين.. القرية الفلسطينية البطلة. وفي العاشر منه استشهد القادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر وابو يوسف النجار على ايدي عصابة جيش الاحتلال بقيادة باراك في قلب احدى العواصم العربية بيروت الصمود. وفي السادس عشر منه تم اغتيال الشهيد الرمز ابو جهاد في تونس. نعم في هذا الشهر (نيسان) وفي مساء يوم التاسع عشر منه فقدت اخي نافذ وفقدته حركة فتح والثورة الفلسطينية والسلطة الوطنية.. فقدته نابلس المدينة الاثيرة على قلبه.. مسقط رأسه، فقدته الأرض التي ناضل من اجلها ومن أجل العودة اليها.. والى ترابها المقدس. فقدته زوجته ام جميل وابناؤه جميل وأمل ومنال وأحمد.. فقدته أسرته واخوته واخواته، واصدقاؤه وزملاؤه.. فقده بيته في نابلس الذي بذل كل جهده وماله لترميمه ليعيده كما بناه والدنا المرحوم جميل مسمار. كنت أجده في كل زاوية من هذا البيت، فهذه لمساته هنا في هذه الغرفة التي كانت تلمّنا ونحن أطفال.. وهذا باب العليّة الذي احضره من عليّة جدنا المرحوم الحاج سعيد في عصيرة الشمالية. وهذا لجام وسرج فرس الوالد رحمه الله.. وهناك الجاروشة في زاوية اخرى من البيت.. تحسّ انفاسه في البيت، وطيف خياله.. لكنه ذهب وترك الحسرة في قلوبنا. يقول الاخ الكبير القائد ابو الاديب– رئيس المجلس الوطني الفلسطيني– عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في رثاء أخي من قصيدة له بعنوان " نافذ جميل مسمار":
( الناس للموت كخيل الطرادْ ) ونافـذٌ نافذُ ذاك الجـوادْ
والله لا يقبـل في داره ( الّا من استصلح من ذي العبادْ )
ويقول: أوّاه يا خالدُ كم نشتـهي ( جواهراً نختار منها الجيـادْ )
في رحمةٍ لله ممـدودةٍ نرجوه ان يرحـم ايضاً (رشادْ)
هذا عزاءٌ للزميـل الذي نقاؤه والحبّ فيما ارادْ
ويختتم الاخ الكبير ابو الاديب رثاءه قائلاً:
(مسمارُ) يا نـافذُ انت الذي يرنو اليك المجدُ يــوم التّنادْ
واراد الله سبحانــه خيراً وزهداً قائماً في الــوهادْ
ففي فلسطين الهوى والمـنى وصرحُها فيه الهدى والرشاد
وها هو احد احبابه.. احد الذين تدربوا على يديه في معسكر التدريب في سوريا اللواء فؤاد البلبيسي (موريس) يقول عنه: "كانت بوصلته فلسطين والقدس ولا سواهما.. وهو من الاسماء الثورية في الزمن الصعب.. ومن الاسماء التي لا يمكن ان تسقط سهوا او عمدا.. فهو من اصل الحكاية الفتحاوية.. ففي زمن العمل الفدائي والاسم الحركي كان من قادة القطاع الغربي.. ويمضي موريس قائلا: كان ابو جميل عسكريا بامتياز وصمته ابلغ من الكلام.. شارك في التخطيط والتدريب للعديد من العمليات نذكر منها عملية نهاريا عام 1974، تلك العملية التي اوقعت العديد من ضباط وجنود العدو، وعملية الزرّاعة في الغور داخل الوطن.. وساهم ايضا في الانتفاضة الاولى والقائمة تطول بالانجازات". ويواصل موريس: تعلمت اصول العسكرية منك ابا جميل والانضباط والمشية العسكرية، لم اسمع عنك سوى انك مؤمن طاهر نظيف القلب. رحل ابو جميل عزيزا مرتاح الضمير.. ايها الفدائي الذي لم يورث اسرته سوى الوطنية والشرف.. رحمك الله ايها الجميل يا صاحب التاريخ المعطر بنظافة اليد واللسان.. كنت قائداً زاهدا لا يتلّون.. كانت بوصلتك وطنية واضحة يا شريك الرغيف والملح.. يا من تعلمنا الكثير منك.. كنت فدائيا صبورا متواضعا، عملت بشرف الانتماء.. وستبقى جهودك الوطنية محفوظة عند الله". نعم يا موريس يا رفيق دربه.. نعم يا كل رفاق دربه.. سنواصل المسيرة مهما اعتراها من عثرات وسنستمر على الدرب الذي عمل واستشهد من اجله ابو جميل هو والقادة العظام من شعبنا البطل الذين استشهدوا في هذا الشهر شهر نيسان.. منذ عام 1948 وحتى اليوم. والى جنات الخلد ايها الابطال: " من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا " صدق الله العظيم