مشعل وعباس وثورة الكماشة! - إياد السراج
لم يمهل أبو مازن ومعه خالد مشعل أحدا وعاجل الدنيا بضربة جديدة مباشرة اهتزت لها الشباك الإسرائيلية واهتزت معها قلوبنا واتسعت أحداقنا وتفتحت عقولنا على الذي نسمعه ونتابعه ونسأل إن كان كل ذلك حقيقيا . انه يعلن انه اتفق مع حماس على كل شيء وانه لم يعد بينهما خلافات! من الصعب أن تصدق أن كل ذلك كان للدعاية والإعلام والتكتيك فهل يكون أن أبو مازن قد مر بعملية مراجعة شاملة للقضية وكأنه يعود إلى الجذور بل أنه يكتشف أصوله . مما لا شك فيه أن محاولة تجميد الاستيطان وخذلان أوباما المتهاوي أمام أقدام إسرائيل قد أصاب أبو مازن بالصدمة وخيبة الأمل وزادت حين قرر طلب عضوية الأمم المتحدة لفلسطين فواجهته أميركا بالضغوط والتهديدات بل أنها اعترضت حتى على طلب عضوية اليونسكو.
بعض الكلمات لها دلالات عميقة مثل كلمة "الشراكة الكاملة" وكلمة "المقاومة السلمية". إن تجاوب قيادة حماس مع أبو مازن يدل على نضج ووعي ودرجة عالية من المسئولية والفهم السياسي. خالد مشعل يفهم العالم جيدا وهو يبشرنا بقيادة على نهج اوردجان والغنوشي فما الذي يحدث ؟ هل هي ثورة ثقافية وخطة مقاومة جديدة؟
ردة الفعل الأولية من إسرائيل تشي بالخبر وهو أن ما يحدث بين حماس وأبو مازن يعتبر إعلانا بالحرب على إسرائيل.
الفلسطينيون تحدثوا بعقلانية عن التهدئة وعن حدود ٦٧ وعن المقاومة السلمية ، فلماذا هذا التشنج الإسرائيلي؟ الواضح أن الخطة العباسية الحمساوية تكشف الألاعيب الإسرائيلية والتي تقوم على الادعاء بان الفلسطينيون ليسوا دعاة سلام وأن إسرائيل هي الضحية الدائمة للعنف الفلسطيني . أبو مازن ومشعل يقلبون السحر على الساحر ليذكرونا بالانتفاضة الأولى وروحها العظيمة. هل نحن على طريق مماثل بقيادة مشتركة في الوطن والشتات؟ لا استبعد أن يعتمد اليوم "سلاح الكماشة" بحصار إسرائيل من كل الاتجاهات بالضغط السلمي الشعبي والعالمي الذي يضم سلاح المقاطعة والتقدم للمحاكم الدولية بالإضافة للعمل في داخل إسرائيل لفتح جبهة للسلام من اليهود والعرب تعمل عمل "الشاكوش" بينما نبدأ التحضير ليوم تزحف فيه الآلاف على حدود غزه والضفة والأردن ومصر وسوريا ولبنان تطالب بالعودة وفي الوقت الذي تتصاعد المقاومة ضد الجدار والاستيطان.
إن الاتفاق على الحكومة بات تفصيلا صغيرا إذا ما نظرنا للصورة الكبرى التي تحكي عن شراكة ودولة وإستراتيجية نضالية تعيد بناء المنظمة وتعتمد "سلاح الكماشة" . لكن ذلك كله يتطلب قيادة واحدة وان يتزامن مع خطة طويلة لرأب الصدع في المجتمع الفلسطيني وان يصب الاهتمام على بناء الإنسان والنظام الذي يقوم على احترام الحريات والقانون. والحلقة الأولى في "الكماشة" هي للشراكة السياسية والاتفاق الوطني بين كل ألوان الطيف دون شذوذ لتشكيل القيادة الجديدة . فلا يحق استثناء أي من القوي الفاعلة مثل المبادرة الوطنية والجهاد الإسلامي.
ولا بد من استبعاد بعض الفصائل التي ليس لها وجود إلا في الجلوس في الاجتماعات وتصر على الجلوس في الصف الأول وهي لا تمثل أحدا . ولا يحق لأي فلسطيني الخروج على الإجماع فيما يتعلق بالأمن القومي وذلك مثلا بالعبث في قصة الصواريخ ليجرنا إلى اللعبة الإسرائيلية الجهنمية. لقد جربنا السلاح وانتصرنا في بعض معاركه وانتهكنا القانون واعتدينا على المدنيين واعتدينا على أنفسنا بنفس السلاح ودمرنا علاقتنا في الأردن وفي لبنان لأننا لم نحترم سيادة غيرنا ولا حرمة السلاح وكنا بذلك نلعب لإسرائيل . إن الذي حدث في القاهرة يؤشر إلى أن الفلسطينيين أصبحوا على وشك أن يتحدوا وراء رسالة سياسية برجماتية تقارع الرسالة الإسرائيلية الأيديولوجية المتطرفة والمغلفة بالدواعي الأمنية وتلك تشكل نقلة تاريخية.
آن الأوان أن نخوض غمار المقاومة السلمية الشعبية واني واثق أن نتائج هذا لو أحسنت قيادته ستكون مذهلة وسريعة .