الكاتبة اليافعة شهد محمد وروايتها "خذلان شتاء" في معرض الكتاب
استضاف "فضاء الحرية" في معرض فلسطين الدولي العاشر للكتاب، اليوم السبت، لقاء خاصا مع الكاتبة اليافعة شهد عبد الرحيم محمد من محافظة طولكرم، أداره وزير الثقافة إيهاب بسيسو.
وسلط اللقاء الثقافي الضوء على روايتها الصغيرة (نوفيليتا) حول الأسر والأسرى، التي تحمل اسم "خذلان شتاء".
وفي بداية اللقاء تحدث بسيسو عن حكاية اللقاء بينهما، حين زار وفد من ملتقى طولكرم الثقافي المعرض، وتعرف إلى شهد، التي قدمت له الرواية، قبل أيام، وقبيل مغادرته إلى بيت لحم ليشارك في حفل إطلاق فعاليات مؤتمر "الثقافة والمقاومة"، لافتا إلى أن الأزمة الخانقة في الطريق سمحت له بقراءة "خذلان شتاء"، ولاكتشاف فضاءاتها الإبداعية.
وقال "تفاجأت بكل معنى الكلمة فيما يتعلق باللغة، والحبكة، كونها فتاة في السابعة عشرة من عمرها تكتب بهذا الإصرار، وبهذا الشغف".
وأضاف: "تحمل شهد رسائل وطنية وأدبية وثقافية، ولذا وجدنا أن أفضل طريقة نقدم بها هذا العمل المميز، أولاً بتقديمه في فضاء الحرية، وثانياً بأن أتشرف بأن أقدم شهد محمد للقراء، هذه الموهبة الفذة تستحق منا كل الدعم والاهتمام، ليس لكونها فتاة يافعة، أو تكتب عن الأسرى، أو جاءت من بعيد، بل لكون شهد في هذا الكتاب فرضت حضورها بتميز، وبالتالي وجودها بيننا انحياز بالأساس لوجع حقيقي، وحلم شخصي، وبالتالي حين نحتفي بشهد في معرض الكتاب، فإننا نحتفي بها وبأنفسنا، وبفلسطين التي تنجب هكذا شباب وصبايا يرفعون اسم الوطن عاليا.
وشدد بسيسو على أهمية "فضاء الحرية" كنافذة وإطلالة وحضور في معرض فلسطين الدولي للكتاب، والهدف منه الاطلاع ليس فقط على التجربة الإبداعية في الأدب والفكر والسياسة وأيضا في التحصيل الأكاديمي للأسرى، بل على الظروف التي يعيشها الأسرى والمعتقلين من الجنسين، في ظل أجواء تشبه إلى حد كبير الأجواء في فضاء الحرية.
وتطرق بسيسو إلى الرموز الثقافية والوطنية التي خرجت من محافظة طولكرم، كـ"أبو سلمى"، وعبد الرحيم محمود، وعلي فودة الذي كتب كلمات قصيدة "إني اخترتك يا وطني"، وغناها مارسيل خليفة، لافتا إلى أن شهد محمد ابنة هذا المناخ، التي جسدت صورة الحلم والإبداع الفلسطيني.
وقرأ بسيسو أكثر من مرة مقاطع من رواية "خذلان شتاء"، هو الذي صرح بأنه "لو كانت هذه الندوة هي إنجازنا الوحيد في هذا المعرض لكنت راضياً تماماً، مع الاحترام لكل القامات الثقافية الفلسطينية والعربية المشاركة في المهرجان، والقادمة من عدة دول وأقطار في العالم"، واصفاً شهد محمد بـ"القمر الجديد الذي يضيء في سماء الثقافة الفلسطينية".
وعبرت الكاتبة اليافعة عن سعادتها بدعوة وزير الثقافة وإدارته ندوة حول "خذلان شتاء"، لافتة إلى أن "الشتاء لا يخذل أحداً نهائياً، لكن طالما أننا تحت احتلال، فمن الطبيعي جداً أن أحبّ الفصول إلينا قد يخذلنا .. هو شتاء واحد من خذلني، ومن بعده توالت الشتاءات، حين تم اختطاف شقيقي مني".
وقالت محمد: "تعددت التصانيف الأدبية لكتابي، فقيل عنه رواية قصيرة، أو قصة طويلة، أو سردية، هذه التصنيفات لا تهمني، أطلقت عليه اسم رسالة فقط".
وأضافت: "منذ طفولتي وعيوني مفتوحة على رؤية الاحتلال، ثلاثة من أربعة أشقاء سبق وأن اعتقلوا، وأتذكر زيارتي لأشقائي وأنا في الصف الأول في ثلاثة أيام متتالية (الأحد، والاثنين، والثلاثاء).. المشكلة أننا نكبر، ونرى الاحتلال، وما تزال المشاهد التي اختزنتها منذ الطفولة تحفر عميقاً في الذاكرة.. بدأت الكتابة منذ الصف الرابع، ولكن الأهم أنني بدأت القراءة من الصف الثالث، وأقول أن القراءة صنعتني، وكم أندم أنني لم أقرأ منذ الصف الأول".
ولفتت شهد محمد، إلى أن هذا العمل (خذلان شتاء) استغرق أربعة أعوام، وكادت الإحباطات تطيح بها وبالرواية لكنها أصرت على إتمامها، وقالت: "قد يرى البعض أن ثمة أسلوباً طفولياً في العمل، وهذا لا أنكره، فقد كتب جلها في الصف السادس، باستثناء الفصل الرابع والمقدمة".
وأوضحت أنها قرأت الكثير عن السجون، ومن أدب السجون، وشعرت بثغرات هنا وهناك، وما هذا العمل إلى محاولة لسد ثغرة ما، ولأقدم شيء ما في هذا النوع من الأدب، فالأسرى هم الوجع الأكبر، لافتة إلى أن هناك كتاب دون غيرهم نشعر أنهم يكتبون عنا ويشبهون روحنا، وتأثرت بشكل كبير بالروائي حنا مينا.
وأعلن أصحاب دور نشر في فلسطين والأردن استعدادهم لتبني موهبة شهد محمد بنشر "خذلان شتاء" في طبعات محلية وعربية جديدة، وفي نشر أعمالها المقبلة، ووجه بسيسو تحية لوالدة شهد محمد وأشقائها الأسرى المحررين والمعتقلين، في حين وصفت شهد والدتها بالوطن الصغير، كاشفة عن أمها "لم يقعدها السرطان عن زيارة ابنها الأسير"، وهو ما أثار حالة من التأثر والاحتقان لدى الجميع.