الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس    34 عاما على اغتيال القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري    الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من مخيم بلاطة شرق نابلس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس  

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس

الآن

هشام أبو عساكر وحياة لم يعشها بعد

 نداء عوينه

تراه يحدّق فيما حوله كمن يحاول أن يشرب المعرفة بعينيه، خجول أمامك هائل أمام نصه، يكبر سريعاً ما أن يبدأ بقراءة قصائده حتى يُهيأ لك جنّياً عارفاً أو عملاقاً يرى العالم من أعلى.

هشام أبو عساكر، شاعر من غزة، ولد في العام 1990 في الإمارات ونشأ في غزة منذ عمر الخمس سنوات، يقول إنه هبط على الشعر بـ"باراشوت"، وإنه الآن يعيش في الشعر من أجل الشعر والجمال فقط. له رغم ضيق المساحة والأفق نظرة جمالية عليا، مطّلع على تجارب قصيدة النثر العربية والعالمية، يحتذي شارل بودلير وأدونيس مثلاً، ويأخذ صياغة نفسه وشِعره على محمل الجد لدرجة أنه لا يعيش لغيره؛ "كنت مطلعاً قليلاً على الشعر، قرأت أبو العتاهية وجرير وأنسي الحاج وأدونيس وبودلير، وأحببت المضمون الجمالي في الشعر، أحب التفجير اللغوي في قصيدة النثر، وأحب انسياب المعنى فيها".

هشام "مغتربٌ" في غزة، يلجأ للمساحة الالكترونية بديلاً عن المساحة الفعلية في نشر إبداعه، وهذا بحسب رأيه "نتيجة للحياة الأخرى التي لم نعشها بعد، هي جميلة، لكنها صعبة في غزة، مستحيلة في غزة".

 بدأ اهتمامه بالشعر في السنة الثانية من دراسته للهندسة، والتحق بجاليري غزة قبل هدمه؛ "وفر لي جاليري غزة مناخاً جميلا للنمو، قبل تجريفه وهدمه، رأيت نفسي وبدأت بالعمل الحقيقي على ذاتي وقراءتي. هناك تعرفت على خالد جمعة وعثمان حسين وناصر رباح، وبدأت بالابتعاد عن المسار الأكاديمي الجاف الذي بدأ يزهق روحي وبدأت بحضور اللقاءات والفعاليات، خرجت من الجاليري وأنا منسق عام لتجمع يوتوبيا، بدأت بقيادة هذا التجمع والعمل من خلاله لتحقيق هويتي الخاصة".

ورغم منظاره الجمالي العالي وحسّه غير الاعتيادي، واعتباره غزة تربة خصبة للإبداع، يشعر هشام بانفصام ومعضلة، اختناق وضيق في النفس يدفعه للوحدة، "الوحدة تشكل دافعاً لقراءة ذاتي، وتجارب الآخرين، فمهما كان الأفق والوعي متشكلاً يبقى فراغ لا يسده سوى السفر، سوى الخروج لرؤية العالم، والحياة التي لم نعشها". هشام يعشق الجمال، ويقلقه الخراب، متوحّد متصالح مع ذاته، يرى أن الحياة جميلة، ولكن ليس هكذا، "ليس هناك".

تبدو موضوعة الهوية إشكالية لدى أبو عساكر، يقول إن غزة شكّلت هويته، وفي الوقت ذاته يقول إن "الهوية هي ما سيجيء وليس ما جاء. حققت لي غزة حالة من الألم قاسية جداً جعلتني أنزف وأنا أكتب، هذا هو السؤال الأصعب؛ أحبها، عشت فيها طوال عمري، هي السجن والحاضنة ووطن العذابات. في السجن يغيب عن البال أن لنا بلاداً أخرى. عندما مررنا بالحاجز شعرت بالذل النفسي الذي يزرعه الإسرائيلي فينا ويمزقنا من الداخل، وشعرت بأننا نستحق أكثر من ذلك بكثير".

حصل هشام على جائزة علي الخليلي عن مجموعته الشعرية الأولى "الموتى يحكمون العالم"؛ يقول عنها "موتى يحكمون العالم تعبير عن رفض لكل ما يحدث، قمة العدمية واللا انتماء. تقول المجموعة باختصار إن البشر هم أسوأ ما حدث لهذا الكون. كلّ ما أكتبه هو احتجاج، هو رفض. أنا لا أستطيع تحمّل القيود ولا تقبّلها، أريد أن أسافر.. حتى يتصاعد الدخان من البوصلة".

ينشط هشام أيضاً في نشر الثقافة ورفع المعرفة في غزة ضمن مجموعة يوتوبيا التي أصبح منسقاً عاماً لها، وفي الوقت الذي تتلقى مؤسسات المجتمع المدني تمويلاً لتنفيذ نشاطاتها، كانت مجموعة يوتوبيا تعمل بتمويل شخصي من أفرادها، حتى تعاقدت مع مركز غزة للثقافة والفنون، الذي بدأ بتمويل نشاطات المجموعة.

"لنا نظرة تتمثل في أن غزة لن تتغير ولن يصلح حالها إلا بالمد الثقافي وزرع الوعي في عقول الشباب، ولذا لم نترك باباً إلا طرقناه، فالفرص قليلة، وعلينا تربية الجيل الجديد على ثقافة أنه يجب أن تقدم شيئاً".

هشام أبو عساكر منفرد بوقفته الواثقة أمام نصه، ونصّه ضخم، فلسفيّ أحياناً ووجودي وعدميّ أحياناً، ولكنه جميل، وعميق وواعد بمستقبل متوهج.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025