أبو بكر: نقابة الصحفيين الفلسطينية واحدة من أهم خمس نقابات في العالم
أجرت اللقاء: عرين كبها
أكثر من 350 صحفياً تعرضوا لانتهاكات الاحتلال منذ بداية هبة القدس، في ظل وجود نقابة للصحفيين تعتبر هي الممثل الوحيدة لهم وللدفاع عن حقوقهم، فما هي الإجراءات للرد على هذه الانتهاكات؟ وما هي المميزات الممنوحة للصحفي الفلسطيني؟ وهل صحافتنا حقاً سطلة رابعة؟
أسئلة وغيرها طرحتها عرين قبها على نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر في مقابلة أجرتها في منزله، وفيما يلي نص الحوار:
• في مقابلة معك في تشرين الاول الماضي دعوت جميع الصحفيين إلى مقاطعة أي مسؤول فلسطيني يجري مقابلة مع وسائل إعلام اسرائيلية، كيف كانت ردة فعل الصحفيين تجاه دعوتك؟
الصحفيون الفلسطينيون جسم متماسك، واتخذنا هذا القرار في الأمانة العامة للنقابة بعد مداولات مطولة، ودراسات لواقع الإعلام الإسرائيلي، فلدينا وثائق كثيرة تدل على أنه إعلام محرض ضد الفلسطينيين وضد القيادة والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية، وأيضاً هو إعلام يبيض صورة الاحتلال ويزور الحقيقة، وبالتالي بعد دراسات مطولة وصلنا إلى نتيجة مفادها أن أي مقابلة من قبل مسؤولين تتم مع وسائل إعلام اسرائيلية لا تخدم القضية الفلسطينة بل يتم الإيقاع بهم أو استغلالهم من أجل تشويه صورته وصورة الشعب الفلسطيني، لذلك ارتأينا أنه يجب التوقف عن أي لقاء مع الصحافة الإسرائيلية، فنحن لدينا صحافة فلسطينية قادرة وصحفيين مؤهلين لإيصال الرأي العام إلى العالم.
• رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دائمًا يحرض ضد الصحفيين الفلسطينين ما تعليقك؟
تحريض نتنياهو ضد الصحفيين الفلسطينيين مستمر، ورأينا بعد نهاية كانون الاول الماضي ارتفاع وتيرة الاعتداءات الاحتلالية على الصحفيين الفلسطينيين، فهناك أكثر من 350 صحفيا تم الاعتداء عليهم منذ بداية الهبة، وبالتالي معدل الإصابات والاعتداءات يوميًّا أكثر من ثلاثة صحفيين، كما تم إغلاق محطات اذاعية في مدينة الخليل وإرسال انذارات رسمية بإغلاق عدد آخر من المحطات الإذاعية.
•الإجراءات المتخذة من قبلكم للرد على هذه الانتهاكات؟
عندما رأينا تزايد قوي في الإنتهاكات ضذ الصحفيين طالبنا اتحاد الصحفيين الدولي في اجتماع عقد في بروكسل بأن يتم ارسال لجنة تحقيق دولية من الاتحاد إلى فلسطين للتحقيق في هذه الجرائم، حيث نريد منها توفير حماية دولية للصحفيين الفلسطينيين، وتم بالفعل حضور اللجنة برئاسة رئيس الاتحاد جمبو ملحة، ونقيب صحفيين فرنسا وبريطانيا وجنوب افريقيا وعدد من المسؤولين الدوليين، وحضر مختصون اجانب بالقوانين وحقوق الإنسان والحريات الإعلامية، وأخذت إفادات من صحفيين تم الاعتداء عليهم، وتم تزويدهم بالوثائق التي تدين الاحتلال الإسرائيلي.
• الصحفي الإسرائيلي يتميز عن الصحفي الفلسطيني بما توفره له حكومته من امتيازات والتسهيلات في مجال عمله، أنتم كنقابة ما الامتيازات الممنوحة للصحفي الفلسطيني؟
نحن نعيش في واقع ربما هو فريد من نوعه على مستوى العالم كله، فنحن أولا شعب فلسطيني محتل منذ 49 عامًا، وثانيا لدينا انقلاب من قبل حركة حماس على السلطة الشرعية الفلسطينية، وهي سلطة قائمة بواقع القوة والانقلاب في غزة، كما أننا نخضع لقوة القانون العسكري الإسرائيلي، ومن أجل توفير الحماية للصحفيين نطالب الحكومة الشرعية باحترام القوانين كحرية الصحافة وألا تقيد العمل الصحفي نهائياً، بالمقابل على الصحفي أن يكون مسؤولا ووطنيا.
في قطاع غزة صراحة هناك سلطة غير شرعية لا تحترم القوانين وارتكبت انتهاكات كبيرة ضد الصحفيين أبرزها احتلال مقر نقابة الصحفيين لمدة خمس سنوات، واستغلالها كمقر للأمن الداخلي الحمساوي.
كنقابة ممثلة لكل الصحفيين نحن نعمل على توفير دورات للصحفيين للعمل في ظل النزاعات المسلحة، وبالتالي على الصحفي أن يمتلك المهارات التي تؤهله للعمل في هذه الظروف.
• أغلب الصحفيين الفلسطينيين مصدر معلوماتهم لنقل الخبر من وسائل الإعلام الإسرائيلية، ما هي النصائح التي تقدمها للصحفيين فيما يتعلق بمصادر الحصول على الأخبار؟
أنا أختلف معك أن الإعلام الإسرائيلي هو مصدر معلوماتي لأغلب الصحفيين، ولكن بصراحة في بعض القضايا تكون وسائل الاعلام الاسرائيلية مصدر الخبر، فمثلاً، ما يجري في منطقة الجليل وفي المناطق التي يسيطر عليها المستوطنون فمصدر الخبر جيش الاحتلال بواقع القوة العسكرية على هذه المناطق، بينما في القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني يجب أن نكون نحن مصدر الخبر، ونحن نعلم تمامًا أن الإعلام الإسرائيلي يهدف من خلال القوة التي يمتلكها والتمويل والتوجيه والقرار إلى خدمة الاحتلال وإطالة عمره واستمراره، واستطعنا أن نوقف رواية التمثيل والكذب الإسرائيلية واستطعنا أن نميز بين الرواية الحقيقية والكاذبة.
لا أحد فوق القانون!
• ما هي الإجراءات التي تتخذونها بحق الصحفيين الذين يخالفون أخلاقيات المهنة، ويقومون بنشر صوراً للشهداء والجرحى تؤذي مشاعر ذويهم؟
وفق النظام الداخلي للنقابة نطلب من الصحفي الذي قدمت شكوى ضده بحضور جلسة مع لجنة أخلاقيات المهنة، حيث تقوم هذه اللجنة بدراسة الشكوى والاستماع لكلا الطرفين، فنح لم نوجد لنحاكم الصحفيين فلسنا محكمة، بل من أجل أن ندافع عن الصحفي وعن حريته، لكن بالمقابل يجب عليه أن يلتزم بأخلاقيات المهنة، وأن ينتقد بحرية كاملة دون المساس بأي مواطن فلسطيني، لدينا سلسلة من العقوبات لكن لهذه اللحظة لن نستخدمها بل نحاول توجيه الصحفي.
النقابة الآن بصدد إصدار قانون للصحفيين، تم إعداده وسيتم رفعة للرئيس ولمجلس الوزراء للمصادقة عليه، فنحن لدينا نظام داخلي أقل قوة من القانون، فالقانون ملزم لي ولكل الصحفيين في فلسطين.
• كيف يؤثر انقياد الصحفي في السياسة التحريرية للمؤسسة الصحفية على الموضوعية والمصادقة في نقل الأخبار؟
في فلسطين الصحفيون المهنيون والمؤسسات الإعلامية والقوانين الموجودة بحاجة إلى تعديل من لنكون أفضل، وفي الحقيقة أنها أفضل من غيرها في دول كثيرة، لكن هذا ليس مبررل القول
إن وضعنا جيد. فالسياسة التحريرية هي مسألة مهمة، أنا أعرف جميع المؤسسات الإعلامية وأعرف المؤسسات الوازنة التي تمثل سياستها التحريرية بشكل مهني ناجح.
في فلسطين لدينا قضية ربما تختلف عن العالم ولنا خصوصيتنا، حقيقة أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية ووكالة وفا الرسمية ووكالة معاً وعدد قليل آخر أكثر مهنياً من غيرها. الإعلام الحزبي هو الطاغي فالأحزاب لديها مؤسسات إعلامية ونحن نريد من هذه المؤسسات أن تعمل بشكل مهني ووطني.
• من حق الصحفي اختيار أعضاء نقابة الصحفيين عن طريق الانتخاب، لكن ما يحصل الآن هو تدخل السلطة السياسية في الاختيار والتعيين، كيف ستكون هناك صحافة فلسطينية نزيهة اذا لم تتصف عملية اختيار الصحفيين بالنزاهة؟
السلطة لا تتدخل نهائياً في عمل نقابة الصحفيين، من يتدخل بها هو المؤتمر العام للنقابة وعضو نقابة الصحفيين وفق شروط مهنية بعيدة عن السياسة منها: أن يكون صحفيا يمارس مهنته ويعمل في مؤسسة إعلامية، ويكون حاصلا على شهادة أو مؤهل علمي وبالتالي هو يمارس المنهة، وهذه ليست شروطا من جهة سياسية، علماً أنه سيكون هناك انتخابات في نهاية العام الحالي.
اتحاد الصحفيين الدولي صنف النقابة واحدة من أهم خمس نقابات في العالم من خلال تطوير نفسها، فالنقابة قطعت شوطاً طويلاً بالإحترام على المستوى الدولي.
• الصحافة هي السلطة الرابعة، فهل تعد صحافتنا الفلسطينية حقاً سلطة رابعة في ظل وجود عراقيل لها من قبل الاحتلال واتفاقيات موقعة من قبل السلطة السياسية؟
الصحافة سلطة رابعة، والعمل النقابي عمل نضالي والنضال لا يأتي بضربة واحدة وانما بتسجيل نقاط، نحن نعرف تماماً أننا في معركة نضالية شرسة ضد الاحتلال الإسرائيلي لذلك نعمل على خلق رأي عام دولي لصالحنا، فالصحافة في فلسطين مستهدفة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
• هناك عدد كبير من الصحفيين يتعرضون للمخالفات من قبل الأجهزة الأمنية، ألا يوجد اتفاقيات بين النقابة والأجهزة الأمنية لتوفير التسهيلات لهم وخصوصاً عند تغطيتهم للأحداث الهامة؟
بصراحة يوجد انتهاكات من قبل الأجهزة الأمنية الشرعية ويوجد انتهاكات قاسية من قبل أمن حماس غير الشرعية ويوجد جرائم من قبل الاحتلال ، ففي تقرير لعام 2015 هناك 800 انتهاك من قبل الاحتلال الإسرائيلي و87 انتهاكا من قبل حركة حماس والاجهزة الأمنية.
هناك اتفاق بين النقابة وشرطة المرور تم توقيعة من قبل اللواء حازم عطالله وهو ينص على حرية الحركة خلال تغطية الأحداث، بالمقابل يجب على الصحفي المحافظة على القانون فلا أحد فوقه.
في الآونة الأخيرة هناك بداية تعاطي جديد من قبل حركة حماس في القطاع مع نقابة الصحفيين، لأن النقابة بدورها تدافع عن كل الصحفيين بعيدًا عن انتماءاتهم الحزبية والسياسية.