دراسة : المستوطنات مشروع ايدجيولوجي وليس اقتصاديا
خلصت دراسة أعدها مركز أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، إلى أن المستوطنات الإسرائيلية هي مشروع أيديولوجي، وليست مشروعا اقتصاديا لأنها غير مربحة بل مكلفة، وتختلف في هذا الجانب مع الاستعمار التقليدي.
والدراسة كما بين مدير عام معهد "ماس" سمير عبد الله، تأتي ضمن برنامج خاص لإنجاز 20 دراسة مخصصة لأولويات السلطة الوطنية، وهذه الدراسة جاءت في سياق سياسة مقاطعة بضائع المستوطنات، ومدّ السلطة بمعلومات لضمان فعالية أعلى للمقاطعة على المستوى المحلي والدولي.
وعرض معدّ الدراسة نعمان كنفاني اليوم الثلاثاء، دراسته التي جاءت بعنوان "الهيكلية الاقتصادية للمستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية"، والتي هدفت لتجميع أكبر قدر من المعلومات وتحليلها، لافتا إلى نقص المعلومات المتاحة حول البنية الاقتصادية للمستوطنات، واللازمة لتصميم سياسات مناسبة لمقاطعة المستوطنات، وتتكون الدراسة من سبعة فصول.
وقال كنفاني، "بلغ عدد سكان المستوطنات 296 ألف نسمة باستثناء سكان القدس، في العام 2009 منهم 177.6 ألف بسن العمل، ويشارك 111 ألفا منهم في قوة العمل، وتصل نسب البطالة في صفوفهم لحوالي 6.7% وهي أقل من نسب البطالة داخل إسرائيل.
وعن مكان العمل والإقامة، بين كنفاني أن ربع سكان المستوطنات في القدس الشرقية يعملون داخلها، في حين يعمل 50% من سكان المستوطنات في الضفة الغربية داخل إسرائيل.
وفيما يخص توزيع قوة العمل، أشار معدّ الدراسة إلى توجه ثلثي العمال الساكنين في مستوطنات الضفة للعمل في الخدمات، و2% فقط في الزراعة، فيما تبلغ نسبة العاملين الأجانب في القطاع الزراعي في إسرائيل 37.4%، منهم 10% من عمال الضفة الغربية.
وأوضح كنفاني أن الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية في المستوطنات مخصص لزراعة الخضراوات والحمضيات، وتنتج المستوطنات فقط 5% من إنتاج إسرائيل من الحبش والدجاج والبيض.
وعن القطاع الصناعي ومشاركة المستوطنات، قال كنفاني: "يبلغ عدد العاملين في القطاع الصناعي 364 ألف عامل، يعمل منهم فقط 4300 في مستوطنات الضفة، وتقل إنتاجية العامل في إسرائيل عن إنتاجية العامل في المستوطنات.
وأشار إلى أن كلفة بناء المستوطنات بلغت 425 مليار شيقل منذ العام 1967 حتى العام 2008، وكلفت المستوطنات إسرائيل 390 مليار شيقل.
ووفقا للدراسة، وصلت مشاركة المستوطنات (الجولان، والضفة الغربية بما فيها القدس) حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يشكل عدد سكانها 11% من عدد سكان إسرائيل.
وتقدر المساحة المبنية عليها المستوطنات في الضفة بحوالي 12 مليون متر مربع. وقاربت الدراسة بين ما تم صرفه لتعويض مستوطني غزة إذا ما تم إخلاء المستوطنات الضفة، حيث تحتاج إسرائيل إلى 60 مليار دولار، منها 30 مليار تكاليف المباني، و30 مليار تعويضات للمستوطنين بدل عمل وغيره.
وبين كنفاني أن الاستيطان في الضفة الغربية مر بمراحل ثلاث، الأولى منذ العام 1967 حتى العام 1977، وفيه تم تبني خطة "أيالون" ببناء المستوطنات على امتداد غور الأردن انطلاقا من القدس باتجاه الأغوار. وتميزت المرحلة الثانية (من العام 1977 وحتى العام 1993) ببناء مكثف للاستيطان على الحدود الغربية للضفة الغربية، في حين لم تسجل المرحلة الثالثة، وكانت بعد أوسلو، زيادات كبيرة في عدد المستوطنات، لكن زاد فيها التوسع داخلها.
وشكل المستوطنون المتدينون، حسب الدراسة، 50% من عدد سكان المستوطنات، في حين شكل العلمانيون 15% والباقي من المهاجرين الجدد، حيث برزت نزعة جديدة بتحويل المهاجرين الجدد بعد العام 2006 إلى المستوطنات.
وعقب كل من عميد كلية الاقتصاد والتجارة في جامعة بيير زيت محمد نصر، والخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي، على الدراسة، واتفقا على الحاجة للتدقيق في الأرقام، حيث بدا وكأن هناك بعض التناقض في الأرقام، كذلك لم تأت الدراسة على ذكر البؤر الاستيطانية التي زادت من مساحة المستوطنات وأخذت بالتوسع لتصبح مستوطنات.
وقال نصر: "الدراسة نجحت في فتح نقاش في الموضوع من ناحية علمية، ونجحت في توفير كمية من المعلومات وتجميعها وتنسيقها، كما أنها مهمة لإنضاج سياسات مقاطعة بضائع المستوطنات في السوق المحلية والدولية"، داعيا لمقاربة بين السياسات الإسرائيلية لدعم المستوطنات والسياسات الفلسطينية لدعم المواطنين المهددة أراضيهم بالاستيلاء عليها لاستخدامها في المفاوضات.
ويرى نصر أن على الدراسة أو غيرها مناقشة دراسة حجم تعويضات الفلسطينيين عن نهب أراضيهم ومواردهم لصالح الاحتلال.
وقال التفجكي إن الدراسة عانت من نقص في المراجع، ولم تتحدث عن المنطقة الصناعية في "معالية افرايم" في منطقة الأغوار، التي تضم حوالي 28 مصنعا، ومثلها منطقة "كرمئيل" جنوب الخليل. كذلك لم تأت الدراسة على ذكر استخدام 16 كيلومترا مربعا ككسارات، والمناطق السياحية والمحميات الطبيعية لخدمة المستوطنات، لافتا لقيام إسرائيل بتحويل بؤر استيطانية في منطقة مخماس شرق رام الله إلى مناطق سياحية لخدمة المستوطنين.
وركزت الكثير من تعليقات المشاركين في النقاش على إغفال الدراسة لسرقة مواردنا المالية لأغراض الصناعة والاستخدام المنزلي للمستوطنين، ولأغراض تجارية مثلما تفعل شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت".
ورأت بعض المداخلات أن الاستيطان ربما جاء لحراسة مصادر المياه وضمان الاستيلاء عليها، حيث تحصل إسرائيل على ثلث كمية المياه من آبار الضفة الغربية.