رمضان.. شهر إنسانيتنا - موفق مطر
رمضان شهر صيام وسلام، فلماذا يحوله الذين في قلوبهم ونفوسهم مرض غرضا لشهر أكل وحرب؟!
هو شهر صيام وتدبر واقتصاد، لكن التجار الكبار والصغار حولوه لشهر أكل واسراف وعجز في الراتب!
هو شهر سلام يجاهد المرء نفسه فيمضي بها على الصراط المستقيم، محبا، مبتسما، هادئا، عاقلا، ودودا للناس، لطيفا بسلوكه وكلامه، لكن الذين يحرفون كلام الله جعلوه شهرا يحلون فيه سفك الدماء الآدمية والحرب.
المجرمون الارهابيون الهمجيون يعلمون أنه شهر السلام والرحمة والتراحم، والمغفرة والغفران، وشهر ليلة القدر التي هي سلام على الدنيا والناس أجمعين، وليس شهر ما يسمونه (الجهاد المزيف) الذي يحلون فيه قتل الجنود الصائمين، والأبرياء الآمنين، والمصلين في بيوت العبادة.
رمضان فرصة الغني ليعيد حساب أمواله ويفكر بأنسب السبل للبرهان على انسانيته وقناعته وايمانه بمبدأ المسؤولية الانسانية والأخلاقية عن أطفال الفقراء والمساكين، والمحتاجين، فالنظر لهذه الشريحة من المجتمع بما تيسر يقوي نسيج المجتمع، ويحصنه من هجمات الكراهية والبغضاء، ويفوت الفرص على اللاعبين على وتر الصراعات بين الأغنياء والفقراء.
رمضان شهر الدول والمجتمعات الفقيرة، ففي رمضان يساعد المواطن ادارة الدولة العادلة، وتساعد الدولة العادلة المواطن بايجاد فرص عمل، وتنفيذ مشاريع صحية وتعليمية مثلا مما يتم توفيره، تعود فائدتها على أفقر المواطنين، أما اذا استمر مؤشرالاستهلاك والاستيراد بالتصاعد فهذا نزيف نفتح جروحه بأيدينا في جسد دولتنا الفقيرة شئنا أم أبينا.
رمضان فرصة ثمينة لتأديب النفس الجامحة، وترويض الغريزة ان كان فيها ميول وحشية، والتحرر من عادات تستعبد المرء وتذله، فالخاضع لعادة تضر بالجسد والروح والعقل ينتصر برمضان وأجوائه الروحانية والاجتماعية على آفة استفحلت واستوطنت حتى باتت عادة ليست ضارة وحسب، بل قاتلة بامتياز.
بات رمضان شهرا لغزوات الفضائيات، يحتلون بمواقف الكاميرا الخفية المرعبة السمجة، وصراخ وعويل ودموع النساء المظلومات، وسيوف ورماح ونيران المحاربين من عهد الجاهلية مرورا بصلاح الدين والخديوي، وحريم السلطان مقاعد ومجالس العائلة، بعد قذفنا بوابل من أفخاذ الخرفان المحشية، والطيور المحمرة والمقمرة، والحلويات الأفرنجية فتسيل دموعنا لأن افطارا واحدا مما نراه قد يكلف الموظف ربع راتبه، فيبلع المسكين ريقه ويقول: اللهم اني صائم.
رحمة بهوائنا ونفوسنا وأمعائنا يا فضائيات ووسائل الاعلام وشركات الانتاج وتجار وصانعي المواد الغذائية..
خذوا كل شهور السنة الميلادية والقمرية واتركوا لنا شهر رمضان.