ابنتكم في خطر- هلا العشي
تخيل لو وصلتك رسالة تقول ان ابنتك في خطر فماذا ستفعل وكيف ستتصرف ؟ بالطبع ستهرع مسابقًاً الرياح وقاطعًا المسافات مهما كانت بعيدة لانقاذها ولحمايتها بروحك ودمك , فهذا ما يجب أن يفعله كلٌ منا عندما تصله رسالة كهذه , لكن كل يوم يصلنا رسالة استغاثة كهذه تقول القدس في خطر ... القدس تستصرخكم ... القدس اٌغتصبت ... أسوارها ستهدم ... الى أن وصلتنا آخر رسالة مفادها أن باب المغاربة سيٌهدم . كل هذه الرسائل والمسلمين يقفون مكتوفي الأيدي دون حراك سواره واوواوالمسووحراك ح, بل لا يزالوا يغرقون في سبات عميق . فلا عادت الصيحات تٌجدي ولا تٌسمن من جوع لأن أهلها قد تخلوا عنها وصموا آذانهم حتى لا يسمعوا استغاثاتها وأناتها المتواصلة .
رحم الله من سبقونا بالإيمان فلو وصلت أحدهم الرسالة لامتطى جواده , وعدَ عتاده ليصدع جٌدر الظلام , غير آبهًا بروحه ودمه فداءًا لابنته الغالية . نعم فقد كانوا رواد الكون , وسادة الزمان , لا يخضعون ولا يركعون مهما بلغت أنياب الحرب ضراوتها . لقد كانوا يقفون بصدورهم العارية دفاعًا عن كرامتهم , فكيف يدعوا ابنتهم ضحية الأيادي الغادرة الماكرة التي عبثت بها نتيجة صمت المتفرجين .
أما اذا ما تأملنا تاريخنا الحاضر فنجد أن كافة المسلمين في الدول العربية الآن تاهوا في سراديب الضلال وضفافه , وما عادت تصلهم الرسالة لأنهم باتوا يلهثون وراء الثروة والسلطة والمال والجاه , وينتظرون إشارة واحدة لإطلاق شرارة الفساد , وهتك الأعراض حيث أصبح شغلهم الشاغل هو اسقاط الأنظمة والقضاء على الرؤساء , فاخواننا في مصر وسوريا وليبيا واليمن والبحرين وتونس يكررون نفس المشهد وكأنها لوحات فنية رسمت بريشة فنان واحد . المواطنون يملئون عرض الشارع , يحملون الشعارات المنددة , تستباح دمائهم بأزيز الرصاص , وجنازير الدبابات , وهدير المدافع والطائرات , ومن ثم تنقلب جماعاتهم إلى عصابات مخربة تٌروع المواطنين وتجتاح البيوت الآمنة لتقضي عليها وتقتل براءتها , إلى ان تأتي شاشات التلفزة بدورها الوطني لترصد هذا , وتحيك قصص بطولية لذاك . وها نحن نحيا تلك الأحداث التراجيدية الدامية , وها هو الواقع الواهن أوهن من أمله فكيف لهم في زحام هذه الأجواء ان يتكاتفوا لاغاثة ابنتهم التي تأن ليل نهار وتشكو ضعف حراسها .
بكلماتي البسيطة وفي الوقت الذي أصبحت فيه الكلمة أمانة أسطر أحر التعازي الى كافة المسلمين الذين وصلتهم الرسالة , وغرتهم الأماني في الحياة الدنيا , ليتركوا ابنتهم في خطر دامس . كما وأقول شكرًا لكل من ندد وتظاهر في الشوارع معربًا عن حزنه لما يحل بمهجة فؤادنا القدس . لكن السؤال الذي يكرر نفسه الآن هو لو كانت ابنتكم في خطر هل ستنددون وتنكرون ومن ثم تنامون؟! ام أن ضمائركم لن تهدأ إلا بعد زوال الخطر ؟! بالطبع ستظلوا تسعون لإيجاد الحلول والبدائل المناسبة الى أن تتخذوا قراركم الأمثل , فما بالكم في قرة عين المسلمين وابنتهم جميعا ! . إنها القدس التي من بعدها ضاع شرف المسلمين و تواروا عن السنن , وألفت قلوبهم الفتن , وما حصدوا على إثرها إلا الشقاء والمحن .
أيها المسلمون بهممكم العالية التي عهدناها أن هبوا هبة رجل واحد وانتفضوا لتدافعوا عن ابنتكم المكبلة بسلاسل الذل والهوان , ودعوا سموم الافكار التي زرعها شياطين الارض بطلع نضيد , وبظل رجيم , وان اتت أٌكلها فلا تجني إلا ثمار فاسدة بعضها ظلمات فوق بعض . ختاما أرجو ان تكون رسالتي قد وصلت وليعلم الجميع ان ابنته في خطر وانه سيسأل عنها يوم القيامة لأنها أمانة في أعناق المسلمين .