" محمد الفقيه ياقمرا فلسطينيا صاعدا الى العلياء "- فراس الطيراوي
بادىء ذي بدء لا يمكن ان نجد استهلالا افضل من قول الله عزوجل ( ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقاً في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ).
شهداؤنا مشاعل نور ... قوافل يمضون ... ينتشرون في الأفق ... يتخللون في عمق الارض ... ينبتون في كل يوم جديد شهيداً تلو الشهيد ... يرسمون خارطة الوطن بدمائهم الطاهرة الزكية ... ويزينونه حتى تحرير أراضيه كاملة غير منقوصة فلا بقاء لهذا المشروع الفاشي.
لتذهب روحك الطاهرة يا محمد الفقيه يا بن فلسطين البار / يا بن جبل الخليل الأشم الى جنات الخلد لترفرف في عنان السماء مفتخرة متباهية بعظمتها وشموخها، يا ايتها الملائكة افتحي أبواب السماء فان روح البطل محمد قد وصلت وزفيه بموكب الفخر والاعتزاز واعلني شهادة روحه الطاهرة في كل ارجاء الكون. محمد الفقيه ياقمراً فلسطينياً صاعداً الى علياء المجد لم تقل لأمك أنك وأنت راحل في معية الفجر، متوضئاً بالنور وبالهمة، بالصدق ومحبة الأرض، لم تقل لها بأنك ابتهلت لله أن تكون شهيدا لتمنحها شرفاً لا يمنحه أي ابن لأمه مهما فعل كما الشهيد، هل كان بإمكانك أن تقول لها: إنك قرأت شهادتك في أخاديد الأرض وأنت تدوسها، وفي رائحة الهواء حين استقر في رئتيك محملاً بالبارود وأصوات القنابل وصرخات الجنود، هل كان الوقت سيسعفك لتقول لها: «لا تبكي يا غالية فشهادتي هديتي لك، ليظل رأسك شامخاً هناك في الأعالي كأنك تقبضين على يدي وتمسحين رأس صغيري الآتي » ربما لم تقل لها بلسانك، لكنها سمعتك حتماً، فهي منذ كنت في أحشائها تسمعك قبل أن تتكلم، تعرف أنك كتبت لها آخر الكلمات التي وصلت لروحها كما أرسلها قلبك «اصبري يا أمي فأنت تبنين مجد فلسطين كما بنيته أنا ورفاقي الشهداء بصبرك وتضحيات قلبك الرائع»!من طول أرض فلسطين وعرضها، من معظم مدنها وقراها وأحيائها، خرج شباب توضؤوا بإيمانهم بربهم، وبحبهم للوطن. شربوا الحق باكراً ولبوا نداء الحق حيثما كان الحق. صغار على الموت كبار للشهادة والتضحية.
عظام بوطنهم ولوطنهم. هذا الوطن الذي يزف خيرة شبابه للسماء بفخر وصبر وتوكل، هذا الوطن يكبر كل يوم بهؤلاء وتشمخ قامة رجاله ونسائه: الأمهات الصابرات، الآباء الكبار، الأبناء والأخوة والزوجات.. كلنا نلتمس مجداً من رائحة شهادتكم أيها الرجال الحقيقيون.
فالحديث عن هولاء الأبطال والرجال الرجال صعب لأنهم جذر الامة وملح الارض وملامح فلسطين ، فكلماتنا تقف مكبلة بالخجل عما قدمه هؤلاء العظماء من تضحيات ، فهم الذين يجعلون بدمائهم كل شيء حي ، هم الذين يرقون الى درجة الأنبياء والرسل في العطاء ، وأرواحهم تجول في عالم النور كالملائكة يحومون حول العرش العظيم والفضاء الواسع.
فالهامات تنحني اجلالا واكبارا واكراما لهم لأنهم امتطوا صهوة زماننا الزائف ليصيغوا للأمة أمجادا لا تغيب ، فهم الذين حطموا القيود والسدود واقتحموا ليلنا الحالك ليمضوا نحو ضياء الصباح ، هم الذين صنعوا من أجسادهم جسرا لتعبر فوقه جيوش النصر القادمة. ختاما الى الشهيد محمد الفيقه وكل من اختاروا جنان الخلود في الفردوس الأعلى ليبقوا فيها خالدين، بكم تفتخر الكلمات وتعجز، وأمامكم تموت القوافي، وتتهاوى كل مفردات اللغة بحثاً عما يوازي عظمة الشهداء إعجاباً وتقديراً.. لقد اختصرتم قيم الحياة ومباهجها وأفعالها بكلمة واحدة هي: “الشهادة”، وكلما ارتقى شهيد من أبطالنا ازدادت السماء تألقاً واتساعاً، واقترب النصر الأكيد.
ولنا إن شاء الله مع كل شهيدٍ وقفة إلى أن تُكتب الشهادة !!