الذكرى السابعة لرحيل فتحي عرفات
صادف الأول من الشهر الجاري، الذكرى السابعة لوفاة الدكتور فتحي عرفات، راعي المسيرة الصحية والإنسانية لشعبنا، وأبرز الرواد المؤسسين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ويرتبط اسم الراحل عرفات بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وإنجازاتها العظيمة.. فلا يذكر المرحوم إلا وترتبط الجمعية باسمه، ولا تذكر الجمعية إلا ويرتبط اسمها باسمه.
كان رحمه الله يوظف مكانته وإمكاناته لدعم مشاريع الجمعية الخدماتية. فهو في زياراته للدول العربية والأجنبية كان يكرسها كلها لهذا الغرض، وكان بارعا في كسب الأصدقاء، ليس لمنافع شخصية، وإنما بهدف تجييرها لصالح الجمعية وشعبنا الفلسطيني.
وبفضل سماته تلك، وتفانيه من أجل شعبه، وحضوره الفعال في المؤتمرات الصحية والإنسانية، العربية والدولية، استطاع أن يبرز الجانب الإنساني في نضال شعبنا من أجل الاستقلال الوطني، ويجسد اسم فلسطين في أذهان الألوف، ممن شاركوا في هذه الفعاليات.
وبهمة الشباب، التي كانت سمة بارزة ملازمة له طيلة حياته، حتى وهو قابض على الجمر من شدة آلام المرض، الذي ألمّ به، نجح في رفع علم فلسطين وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الإنسانية، العربية والدولية.
وطيلة مسيرته الإنسانية على رأس جمعية الهلال الأحمر لم يترك الفقيد أمور تطوير الجمعية للصدف، وإنما كان يبادر إلى وضع الخطط والبرامج المستقبلية لأنشطتها وفعالياتها، على الصعد كافة، وخصوصا الصحية والاجتماعية، منعا للارتباك في العمل، وكي لا تؤثر الأحداث الطارئة، الناجمة عن الممارسات اللاإنسانية للاحتلال الإسرائيلي، على الخدمات، التي تقدمها.. وعليه كانت مستشفيات وعيادات ومراكز الجمعية على أهبة الاستعداد لكل طارئ، وبخاصة في لبنان، عندما كانت تتعرض التجمعات الفلسطينية ومؤسساتها هناك للاعتداءات والقصف. وكان لدى الهلال الأحمر دوما مراكز وعيادات ومستشفيات ميدانية بديلة لتلك التي تقصف وتدمر من قبل الاحتلال.
بناء على هذه الإستراتيجية لم يرتبك عمل الجمعية خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وحصار بيروت في العام 1982، ولم تتأثر الخدمات التي تقدمها، وخصوصا الخدمات الصحية والإسعافية. ونذكر على سبيل المثال، لا الحصر، أنه خلال حصار بيروت الذي استمر أكثر من ثلاثة أشهر، أنشأت الجمعية أكثر من 28 مستشفى ميدانيا لإسعاف الجرحى والمصابين، وإجراء العمليات الطارئة، التي كان أغلبها يتم على ضوء الشموع، بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
كل هذا الجهد كان يتم بأيد فلسطينية خبيرة، مدعومة بسواعد من المتطوعين العرب والأجانب، الذين تحدوا الحصار وهبوا لتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وبالنهج نفسه، الذي أرساه المرحوم الدكتور فتحي عرفات، تعاملت الجمعية مع ضحايا الاجتياح الإسرائيلي لمدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 2002، وكذلك خلال الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009، والحصار الذي فرض على القطاع ولا يزال.
إن الحديث عن إنجازات الراحل وإنجازات الجمعية، التي أسسها هو والرواد الأوائل، سلسلة لا تنتهي من الأعمال الإنسانية، ولكن يكفي الجمعية أن النهج الذي اختطه ورسمه، سيبقى نبراسا تهتدي به كوادرها وأعضاؤها في عملها الإنساني، وشاهدا على أن حضور الفقيد سيبقى مجسدا في برامج وأنشطة الجمعية وإنجازاتها المتنوعة.