شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات    مجزرة جديدة: عشرات الشهداء والجرحى في قصف للاحتلال على مشروع بيت لاهيا    3 شهداء بينهم لاعب رياضي في قصف الاحتلال حي الشجاعية وشمال القطاع    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على حي الصبرة جنوب مدينة غزة    لازريني: مجاعة محتملة شمال غزة وإسرائيل تستخدم الجوع كسلاح    شهيدان جراء قصف الاحتلال موقعا في قرية الشهداء جنوب جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على بلدة قباطية جنوب جنين    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منازل ومرافق في النصيرات وخان يونس    إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا  

إسرائيل تبلغ الأمم المتحدة رسميا بقطع العلاقات مع الأونروا

الآن

المخاطر التي تهدد وعينا الوطني والتصدي لها.. بقلم: باسم برهوم

صياغة الوعي الوطني أو القومي، هي مسألة معقدة اساساً وذات طابع ملحمي. فالوعي يُصاغ عبر أجيال ومراحل تاريخية طويلة، وعبر أحداث وتطورات من الطراز الثقيل. وتواجه عملية صياغة الوعي الوطني اليوم تحديات تجعلها أكثر تعقيداً والمقصود هنا تحدي العولمة وأدواتها، والتي أصبحت تصل الى عقل الفرد (المواطن) وتأثر في وعيه أكثر بكثير من تأثير الدولة التابعة لها.

صياغة الوعي الوطني الفلسطيني هي أكثر تعقيداً من كل ما ذكر، فالشعب الفلسطيني لا يملك السيادة على ارضه، كما أن الفلسطينيين موزعون على امتداد الأرض ويعيشون ظروفا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مختلفة تجعل من مهمة صياغة الوعي الوطني مهمة صعبة للغاية.

وبما أن الوعي الوطني مرتبط ارتباطاً مباشراً وقوياً بمدى ادراك هذا الشعب او ذاك لهويته الوطنية، فإن المرحلة التي اعقبت نكبة فلسطين عام 1948، كانت الأسوأ عندما تم الغاء فلسطين وشعبها عن خارطة المنطقة والعالم، وكادت هويته الوطنية أن تطمس كُلياً، وبالتالي لم يكن هناك امكانية للحديث عن وعي وطني، وإنما تمنيات وآمال بالعودة الى الوطن. وفي تلك المرحلة ذابت الهوية الوطنية الفلسطينية وذاب معها الوعي الوطني اما في إطار الوعي القطري للدولة المتواجدين فيها أو في اطار الوعي القومي العربي العام، عندما صاغ هذا الوعي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

لم تتم استعادة الهوية الوطنية وبالتالي بلورة الوعي الوطني الفلسطيني وصياغته إلا بعد ظهور حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي أسسها الرمز ياسر عرفات، وثم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة أحمد الشقيري، والأهم ظهور الثورة الفلسطينية التي بدأتها فتح في مطلع عام 1965، هذه التطورات قادت الى توحيد الشعب الفلسطيني حول هدف التحرير والعودة وبالتالي بلورة هويته ووعيه الوطني على هذه الأساس.

التطورات السياسية والعسكرية اللاحقة وخصوصاً هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران 1967 حسمت لدى الشعب الفلسطيني، وفكرة الاعتماد على الذات الوطنية، بعد ان سقطت اوهام الاعتماد على شعارات ووعود الأنظمة العربية التي ارتهن لها الشعب الفلسطيني على امتداد عقدين، وفي تلك المرحلة برزت أهمية الوعي الوطني الفلسطيني، ومعها أهمية ان يتملك هذا الشعب قراره الوطني بيده، والا يقرر أي طرف مصيره نيابة عنه كما جرى عام 1948.

لقد تمت صياغة الوعي الوطني الفلسطيني عبر مراحل طويلة وتضحيات كبيرة وكان هذا الوعي باستمرار هدفاً مباشراً للعدو الصهيوني الاسرائيلي وحلفائه في العالم، وهدفاً للأنظمة العربية الطامعة بالاستحواذ على القضية الفلسطينية كورقة تعزز من خلالها دورها العربي والاقليمي.

هذا الوعي الذي أخذ شكله ومضمونه في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين لم يكن مهدداً كما هو اليوم، ونلاحظ كيف يتم اختراق هذا الوعي، عبر أطراف وادوات متعددة ومختلفة بطبيعتها عن تلك الأطراف والأدوات القديمة التي كانت تستهدف هذا الوعي.

في السابق كانت دول عربية وأنظمة لها مشروع قومي، هي من يستهدف هذا الوعي، وكان الصدام يدور في حينه حول كيف نحافظ على هويتنا الوطنية من الذوبان في إطارها القومي وكيف نحافظ على قرارنا الوطني في سياق منع هذه الأنظمة من تحويل القضية الفلسطينية الى ورقة تخدم مصالحها وليس مصالح الشعب الفلسطيني، اليوم ما يهدد الوعي والهوية الوطنية اطراف من طبيعة مختلفة، فهذه الأطراف اما مجموعات او تنظيمات الاسلام السياسي التي لا تؤمن اساساً لا بالهويات الوطنية ولا القومية وبالتالي تحارب الوعي الناتج عنها لمصلحة الهوية الاسلامية وهي بالتأكيد ليست اسلامية، وانما هوية مشوهة تخدم مصالح هذا التنظيم الضيقة.

والطرف الثاني هي دول وانظمة عربية معروفة بارتباطها بالسياسات والمشاريع الاميركية- الاسرائيلية، لم يكن لها يوماً أي تطلعات لا قومية ولا وطنية ولا حتى اسلامية، هي دول تعمل بما تؤمر به والمشكلة انها تمول دورها المشبوه بنفسها وهذه ظاهرة جديدة في  التاريخ البشري، وهي أن يمول عميل عملاءه بنفسه.

أما التهديد والتحدي المتعلق بالعولمة وهو الأخطر، فالمعروف، أن هدف العولمة من وجهة نظر واضعيها، انها اداة لفرض الهيمنة الأميركية وهيمنة الشركات متعددة الجنسيات على العالم، بما يتعلق بالحالة الفلسطينية، فإن الأطراف كافة التي تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني، هي الأقوى والتي تمتلك كل الامكانيات والخبرات لاستخدام أدوات العولمة بدءاً من اسرائيل الى دول عربية واقليمية غنية، إضافة الى عقل العولمة الأكبر القابع في واشنطن وتل ابيب، والذي من بين اهدافه الرئيسية خدمة الأهداف والسياسات الاسرائيلية.

ما يجعل استهداف كل هؤلاء لمشروعنا الوطني أسهل، هي الضبابية التي تحيط اصلا بالمشروع في السابق كانت اهداف مشروعنا الوطني مباشرة وواضحة وبسيطة، تتلخص بالتحرير والعودة، ولكن هذه الأهداف ولصعوبة تحقيقها دفعة واحدة وبالانتصار العسكري الحاسم، جاءت فكرة تحقيقها على مراحل، وهنا أصبحت الأهداف أكثر صعوبة على الفهم والإدراك، إضافة الى صعوبة تحقيقها حتى بعد أن  باتت محددة في  دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كيف نواجه هذه التحديات والمخاطر التي تستهدف وعينا الوطني؟

حجر الزاوية في المواجهة، هي إعادة صياغة وتوضيح مشروعنا الوطني وأهدافه للجيل الفلسطيني الراهن في الوطن والشتات، ولتوضيح طبيعة الأدوات وشكل المقاومة من أجل تحقيق أهداف هذا المشروع عبر ندوات مكثفة مباشرة، وعبر الوسائل التي اعتاد وأدمن عليها هذا الجيل، وهي أدوات العولمة ذاتها، وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت بالضرورة ان يعرف هذا الجيل أن الاهداف التي نسعى اليها، وفي مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية وايجاد حل لقضية للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار 194 هي مهمة نضالية ليست بسيطة تحتاج الى حشد كل الطاقات الفلسطينية من اجل تحقيقها. وان هذه الأهداف لم تتبلور كما هي عليه الا عبر تضحيات جسام قدمها الشعب الفلسطيني.

وايضاً مهم، ان يدرك هذا الجيل أن النضال السياسي والدبلوماسي في ظروف صعبة، خاصة في ظرف تشهد فيه الأمة العربية ذروة تمزقها.. هو الاداة والوسيلة الافضل في هذه المرحلة وهي قادرة على تحقيق انجازات، خصوصاً اذا ادرك هذا الجيل ان صراعنا مع اسرائيل ومشروعها الصهيوني الاحلالي والتوسعي، لا يحسم بالضربة القاضية، وانما بالنقاط ومدى قدرتنا على مراكمة هذه النقاط لصالحنا.

ومن ناحية أخرى، فنحن في ظل العولمة وما تفرضه علينا من تحد وأدوات، فإننا مطالبين بإتقان استخدام هذه الأدوات لما فيه مصلحتنا عبر طريق عمل مدرب ومُحصن وطنياً يعمل ليل نهار ليحتل مساحة معقولة على وسائل التواصل الاجتماعي هدف هذا الطريق هو تحصين الوعي الوطني وتوضيح السياسات بطريقة عقلانية وموضوعية تتمتع بمصداقية بعيداً عن الانجرار وراء اساليب الروح والبناء في دائرة الاشاعات والرد على هذه الاشاعات.

ولكن الأهم من ذلك، هو الاتصال المباشر مع الجيل الفلسطيني من شباب و شابات عبر ندوات تنظم في الجامعات والأحياء والقرى والمخيمات وضمن خطة طويلة الأمد لندوات تعقد في الشتات ايضاً.

ان التهديدات والمخاطر التي تستهدف الوعي الوطني الفلسطيني كبيرة وهائلة، تكاد تعصف بالقضية الوطنية الفلسطينية برمتها، لذلك يجب ان تكون الاولوية الأهم هي حماية هذا الوعي وتحصينه بكل السُبل الا فإن الثمن الذي سندفعه سيكون باهظاً جداً.

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024