دير قلعة.. العلو الممنوع عن أصحاب الأرض
يامن نوباني
تبدأ الطريق إلى دير قلعة في أعلى قمة جبل القلعة، كيلومترين شرقي دير بلوط في محافظة سلفيت، من أمام برج عسكري يقيمه الاحتلال الإسرائيلي على مدخل البلدة، في طريق ترابية ضيقة ووعرة ومتعرجة، تصعد إلى أعلى قمة جبل القلعة، حيث الدير المرتفع 370 مترا عن مستوى سطح البحر.
في طريق الصعود إلى الدير، تبدأ بصمات الاحتلال والاستيطان، الذين وضعوا مؤخرا إشارات ودلالات إرشادية توصل إلى الدير، كما نصبوا لافتات كتب عليها: خطر السقوط ممنوع الاقتراب.
في الدير المبني منذ 1500-1600 عام، هواء عليل واطلالة أنيقة على الساحل الفلسطيني المحتل، كما فيه احتلال خانق، يحبس التاريخ في قبضة يده، لا يفصل دير القلعة عن مستوطنة بدوئيل سوى 100 متر، على طرف المستوطنة من جهة الدير وضعت المقاعد الخشبية وألعاب التسلية للمستوطنين، ومنظار يطل على الساحل الفلسطيني المحتل منذ عام 1948. والنظرة من علو إلى ساحل الوطن قد تكلف صاحبها المصاب بالحنين، الاحتجاز والطرد من المكان والإهانة.
للدير أهمية تاريخية واستراتيجية، حيث يقع على تقاطع طرق اللد وقيسارية ونابلس، وتشير بقايا الاعمدة فيه إلى ارتباطه بالمملكة الرئيسية في سبسطية. وتبرز أهميته الدينية في كنيسته ظاهرة المعالم، ومحرابه، وغرف العبادة.
الخراب والاهمال يبدو جليا في الأراضي المحيطة بالدير، وهو أمر خارج عن إرادة أصحابها، فالأرض بور وملأى بالأشواك والشجر اليابس والأغصان المتهالكة، اضافة إلى وجود عشرات من أشجار الزيتون غير المقطوف، فطوال الطريق تراقبك عين الاحتلال الواسعة في المنطقة، ويؤكد الأهالي أنهم غالبا ما يتعرضون للطرد من المكان على أيدي جنود الاحتلال والمستوطنين.
في مكان غير بعيد، يرتفع البناء الاستيطاني التهويدي الجديد والمعروف باسم "ليشم"، ليغطي المساحات المفتوحة على جانبي دير سمعان الاثري، حيث تجرف أراضي المواطنين من بلدتي كفر الديك ودير بلوط المجاورتين.
ويبدو واضحا للعيان، اختفاء قطع فسيفساء بأكملها من الموقع، وهو ما أكدته تقارير وتحقيقات صحفية فلسطينية سابقة، حول نقل فسيفساء من الدير إلى متاحف اسرائيلية داخل الخط الأخضر، كما أفاد تقرير لوزارة السياحة والاثار الفلسطينية عام 2005، بقيام خبراء آثار إسرائيليين بحملات تنقيب واسعة في أراضي دير بلوط، حيث تم الكشف عن سلسلة من الغرف والأرضيات الفسيفسائية الملونة والعادية، عليها رسوم، إضافة إلى الكشف عن قنوات مائية، وصهاريج ومعاصر عنب ومدافن.
وحسب مدير السياحة والآثار في محافظة سلفيت منتصر موسى، فإن أرض الدير البالغ مساحتها 5 دونمات، تضم خزان مياه رئيسيا، وهو من أكبر الخزانات في الفترة البيزنطية، وسورا داخليا وسورا خارجيا، وأقواسا وبركا منحوتة في الصخر، وطاقات عالية في جدران الدير، وغرف طعام وغرف استقبال، منوها إلى ان الدير مبني في القرن الخامس او السادس الميلادي على عهد جوستنيان بالفترة البيزنطية.
تعد دير بلوط أكثر قرى محافظة سلفيت انتاجا للزيتون، كما تشتهر بزراعة الخضراوات البعلية خاصة الفقوس والبامية والثوم، وترتفع عن سطح البحر 270م.
وبحسب وزارة السياحة والاثار، فإن محافظة سلفيت تضم أكثر من 130 موقعا أثريًا، يقع معظمها في المنطقة c ويمنع فيها الاحتلال السياحة والاثار القيام بعمليات الترميم وتحويلها إلى مزارات سياحية.
يشار إلى أن أكثر من 20 مستوطنة قائمة في محافظة سلفيت التي تعد المحافظة الثانية بعد القدس من حيث نسبة الاستيطان ومصادرة الأراضي.