في ذكرى انطلاقة فتح - عيسى عبد الحفيظ
اثنان وخمسون عاماً مرت في التاريخ الفلسطيني المعاصر وفلسطين تتفيأ ظل فتح، بوصلتنا نحو فلسطين الوطن والشعب والثورة.
تاريخ حافل بالانجازات تأتي في مقدمتها إعادة الاعتبار لفلسطين الوطن والشعب.
لم نكن قبل انطلاقة فتح الميمونة في الفاتح من يناير عام خمسة وستين وتسعمائة وألف سوى حفنة من اللاجئين ينتظرون مؤونتهم على أبواب وكالة الغوث الدولية في مطلع كل شهر.
بعد انطلاقتها التاريخية، أصبحنا شعباً مناضلاً واستبدلنا خيمة اللجوء بخيمة فدائية. مسحنا آثار اللجوء ببصمات النضال.
كان العالم ينظر لنا بعين العطف والحزن والرثاء، فأصبح ينظر إلينا بعين الاعجاب والهيبة والكرامة.
كانت الكرامة نقطة التحول التاريخية التي وضعت فتح على طريق القيادة للنضال الجماهيري فاندفعت كل فئات الشعب لترتدي الكوفية السوداء المرقطة معلنة رفضها للأمر الواقع، أوليست الثورة رفضاً للأمر الواقع.
أرادونا حفنة من اللاجئين فأصبحنا طوابير من الفدائيين. صادروا تمثيلنا الشرعي فجاءت فتح واستردته ليكون قرارنا فلسطينياً وطنياً وطبقنا شعارها الخالد: لا وصاية ولا تبعية ولا احتواء.
قرارنا لنا نحن شعب فلسطين أمانة في أعناقنا جميعاً وحركة فتح هي الوصية على الأمانة.
طرحت شعارها البسيط الجامع لكل من يود الالتحاق بركب الثورة: اللقاء على أرض المعركة.
لم يكن الوقت يسمح للهرطقات والملاسنات الديماغوجية، فلسطين تأتي في المقدمة. انخرط في صفوفها اليساري واليميني والاشتراكي والمتدين والوطني والغني والفقير، شعارها بسيط في شكله غني في معناه: ثورة حتى النصر.
اختصرت كل النقاش في جملة واحدة، صدرها مفتوح لكل من يبحث عن وطنه السليب فلسطين.
مدرسة فكرية تقرن القول بالفعل والنظرية بالتطبيق.
فتحت صدرها لكل الآراء والتوجهات والمعتقدات الفكرية داخل اطارها الرحب "دع مئة زهرة تتفتح في بستان الثورة".
قدمت خيرة كوادرها قرباناً للوطن، عشرة من أعضاء مركزيتها سقطوا رمياً بالرصاص، وعشرات الآلاف من الشهداء ومثلهم من المعتقلين.
كان وجوباً للنضال الهائل ان يتوج بالانجازات، فاعتلت كوفية أبو عمار مبنى الأمم المتحدة فأطلق صرخته من هناك: السلام وتبدأ من فلسطين والحرب تبدأ من فلسطين واختتم خطابه التاريخي قائلاً: لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي".
فتح مالئة الزمن وشاغلة الناس اسمها محفور في ذاكرة التاريخ وعلى جبين الزمن زغرودة حين يصدح الناي ورعود وبروق حين يجد الجد، تمتد مسيرتها من اول الزمن العربي المشروخ الى دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
طوق ياسمين يتأرجح على صدر صبية
بركان يجرف في طريقه كل الصخور والنتوءات
حلم ينمو في رحم المستحيل
طلقة حب للأحبة وطلقة نار على الأعداء
أنشودة التين والزيتون وشعب فلسطين
تلك هي فتح، فلا قرت أعين الجبناء