شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال    تشييع جثمان الشهيدة سندس شلبي من مخيم نور شمس    قوات الاحتلال تفجر منزل الشهيد نضال العامر بمخيم جنين    مجلس الوزراء يبحث توسيع تدخلات غرفة العمليات الحكومية في الإغاثة والإيواء    فتوح يُطلع السفير المصري على آخر التطورات وسبل تقديم الدعم إلى شعبنا في قطاع غزة    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 48,219 والإصابات إلى 111,665 منذ بدء العدوان    "الجدار والاستيطان": الاحتلال يشرع ببناء مستعمرة على أراضي بيت لحم ويخصص 16 ألف دونم للاستعمار الرعوي    الاحتلال يهدم منزلا في دير إبزيع غرب رام الله    الاحتلال يواصل عدوانه لليوم الـ22 على جنين ومخيمها: تدمير واسع في البنية التحتية والممتلكات    16 يوما من عدوان الاحتلال على طولكرم ومخيميها: تدمير البنية التحتية واعتقالات ونزوح جماعي قسري    الرئيس يستجيب لاحتياجات العائلات الفلسطينية التي تحتاج للدعم والتمكين ويجري تعديلات قانونية على منظومة الرعاية الاجتماعية    تواصل ردود الأفعال الدولية المنددة بتصريحات ترمب بشأن السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين  

تواصل ردود الأفعال الدولية المنددة بتصريحات ترمب بشأن السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين

الآن

كيف تذكرت يا أحمد... ولماذا لم تتغير في عصر العولمة ؟ د. إيهاب عمرو

تلقيت قبل شهور قليلة رسالة عبر تطبيق "واتس أب" من شخص عرف على نفسه أنه صديق الطفولة والدراسة قائلا انه بحث عني فترة طويلة حتى حصل على رقم هاتفي من أحد أقربائي. وقام بإرسال إيماءات معينة مثل أسماء المدرستين اللتان درسنا فيهما، وأسماء المدرسات والمدرسين الذين قاموا بتدريسنا خلال المرحلتين الإبتدائية والإعدادية، ثم طلب مني التعرف عليه.

عندها لم أجد صعوبة في تذكر بعض الزملاء الذين كانوا معي خلال تلك الفترة، حيث قضينا سنوات طوال على مقاعد الدراسة وكنا على الدوام نلازم بعضنا البعض في منازلنا، وكنا نمارس رياضة كرة القدم من خلال فريق المدرسة، وكنا نلازم بعضنا كذلك في فرق الكشافة المدرسية وفي المجموعات الفنية ذات العلاقة بالأنشطة المدرسية. حقيقة الأمر لم أجد عناء كبيرا في تذكره وفي توقع أنه هو المبادر بالاتصال، إنه صديقي أحمد الذي ينحدر من قرية عينابوس أو عين يبوس، التي تقع جنوب محافظة نابلس وتبعد عنها ما يقارب 12 كم، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى اليبوسيين. وقام صديقي أحمد بتزويدي بأخبار كافة الزملاء السابقين الذين أصبح معظمهم مهندسين، أطباء، محاسبين، ورجال أعمال كأحمد.

بقيت محادثته علامة فارقة في حياتي، وتواعدنا باللقاء عند زيارتي الأردن، وهو ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين، حيث قام مشكورا بدعوتي لتناول طعام الغداء في فندق ريجنسي بالاس الراقي في مدينة عمان، ثم قام بدعوتي مرة أخرى برفقة زميل آخر درس معنا ويعمل مدقق حسابات لتناول طعام الغداء في مطعم فاخر جدا في يوم لن يمحى أبدا من ذاكرتي، إذ قضينا وقتا ممتعا وتذكرنا كافة اللحظات الجميلة التي عشناها، وتحادثنا عبر تطبيق واتس أب مع زملاء آخرين بعضهم موجود في الأردن مثل إبراهيم الذي أصبح مهندسا معروفا وآخرون خارج الأردن مثل محمد الذي أصبح رجل أعمال في الولايات المتحدة الأميركية والمنحدر من قرية سلواد القريبة من مدينة رام الله.

عندما حادثتي أحمد في المرة الأولى قلت له كيف تذكرت بعد كل هذه المدة الطويلة؟ أجابني قائلا بدهشة وهل نسيتك، وهل نسيناك، الكل يذكرك، وذكرني بأنني كنت لاعب كرة قدم مميز على مستوى المدرسة وأنني لعبت كذلك في فريق الوحدات للناشئين.

إن أحمد الذي أصبح رجل أعمال مميز على مستوى الأردن حالة فريدة ومميزة في العصر الذي نعيش، إذ أنه يجمع كافة الزملاء السابقين ويذكرهم ببعضهم البعض، ويتواصل معهم عبر تطيبق واتس أب لا لشيء إلا ليذكرنا بالماضي الجميل. ولم يتغير أحمد في عصر العولمة إذ بقي ثابتا على مبدئه في عصر المتغيرات، ذلك أنه ينتمي لجيل تربى على احترام الصداقة واعتبارها بمثابة رابطة قرابة، جيل ينبذ صداقة المصالح ولا يعترف بها كأساس للعلاقات الإنسانية.

أعادني أحمد إلى الوراء ثلاثين عاما أو يزيد، وذكرني بكافة المعلمات اللاتي قمن بتدريسنا خلال المرحلة الإبتدائية، والأساتذة الذين قاموا بتدريسنا خلال المرحلة الإعدادية، خصوصا أن لديه علاقات مميزة مع معظمهم ويلتقي بعضهم في شركته.

لقد جئت يا أحمد أو عدت في لحظة كنت أحوج ما أكون فيها أن أعود إلى الوراء، أن أعود إلى ذاتي وأن أعيد اكتشاف نفسي، إذ جئت لتقول لي: كن كما كنت وكما ستكون، وعدت لتقول لي: لم تكن غير ما كنت ولن تكون. ودعته ولسان حالي يقول: من أين جئت يا أحمد وكيف عدت، وأحسبك عدت لتعيد إلي ذاتي وترسم لي حقيقة أمنياتي.

غادر أحمد بعد أن قام بإيصالي بسيارته عائدا إلى بيته، غير أنني لم أغادر تلك اللحظة الفارقة في حياتي.. أشتاق إليك يا أحمد.. أشتاق إليكم يا أصدقاء طفولتي.. أشتاق إليك يا طفولتي.. أشتاق إليك يا ذاتي..أشتاق إليك يا مدرستي، أشتاق إليكم يا معلماتي ويا أساتذتي.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025