سفينة نوح ترسو على يابسة دورا
حمزة الحطاب
قبل عدت سنوات، بدأ المهندس الزراعي مصطفى عمرو يدرس إنشاء سفينة في اليابسة عند أعلى قمة موجودة بمدينة دورا إلى الجنوب الغربي من محافظة الخليل، في فكرة أدنى ما قد توصف به بأنها ضرب من الجنون.
في حديقة أقيمت على دونم ونصف الدونم تقريبا، أمام مقام نبي الله نوح في دورا؛ مساحة ليحقق فيها عمرو حلمه بإقامة السفينة التي تجسد الرواية الدينية لنبي الله نوح.
يقول عمرو: "كان لنا الشرف في مدينة دورا أن نحتضن مقام سيدنا نوح عليه السلام، ومن باب الاحترام والتقدير والتقديس للنبي صاحب الرسالة؛ جاءت فكرة تدشين سفينة نوح لكي نظهر قصة صاحبها بإسقاطات فنية وجمالية وسياحية ودينية، كون هذا المقام يشكل قبلة للسياح من الدول الإسلامية، مثل الباكستان، وجنوب افريقيا، والهند، وماليزيا، والعديد من الدول".
الفكرة قوبلت مجتمعياً بادئ الأمر باستغراب أعقبه رفض، واتهم من قبل كثيرين بالشطط والجنون، لغرابة الفكرة وصعوبة تحقيقها، إلا أن بلدية دورا التي يعمل ضمن طاقمها كرئيس لقسم البستنة، رحبت بالفكرة منذ اللحظة الأولى لعرضها عليها، إلا أن "الضائقة المادية" وضعت المخطط على قائمة انتظار توفر الشركاء.
"إن شاء الله سترى هذه السفينة الخشبية النور بدعم محافظ الخليل الذي وعد بدوره بتوفير الدعم والمساعدة حتى يتم بناؤها وتجهيزها بشكل كامل. لدينا الطواقم الفنية التي تمتلك المهارات العالية، وستراعى في عملية الإنشاء كل الشروط الواجبة والمطلوبة، لتكون معلما وطنيا ليس لمدينة دورا فحسب بل لكافة ابناء الشعب الفلسطيني" يضيف المهندس عمرو.
في حال توفر الدعم المالي، سيكون فريق العمل بحاجة إلى 5 أشهر لتجسيد الفكرة على أرض الواقع، ولتكون السفينة متاحة لاستقبال الزوار والسياح، وسيبلغ طولها بالحد الادنى 21 مترا وبعرض 8 امتار بعلو طابقين، وستحتوي على كل ما تحتاجه السفن من أبراج وأشرعة.
أمين الدراويش أحد الفنيين الذين أوكلت لهم مهمة صناعة مجسم مصغر للسفينة، وهو من الأشخاص الذين سيساهمون بإنتاجها بصفتها النهائية، ابدى حماسة كبيرة للفكرة كون أن صناعة سفينة بهذا الحجم سيتم لأول مرة في الأراضي الفلسطينية.
يقول الدراويش، "ما هو مطلوب للإنتاج بسيط ولن يكون صعب التحقيق، حجم السفينة على الأرض سيختلف قليلا عما هو على الورق بفارق أمتار قليلة، وهذا مرهون بالشكل النهائي الذي نتطلع لتحقيقه، ليكون مطابقا لما ورد من أوصاف لسفينة نوح في الروايات الدينية والتاريخية".
قضى أمين الدراويش الكثير من الوقت يتصفح ويطالع، يحبث عن مجسمات وأشكال وهياكل، بنى مجسمين قبل أن يعلن انتهاءه من المجسم النهائي الخاص بالسفينة.
ويؤكد الدكتور ناصر دودين مدير مديرية أوقاف جنوب الخليل في دورا، أن المسألة ثقافية وتساهم بتعزيز القصة الدينية، وتساهم أيضا بجذب السياح، والأهم أنها تدلل على قصة سيدنا نوح ورسالته التي لم تقتصر على قومه وإنما كانت للبشرية جمعاء.