إسناد جماهيري للأسرى.. ولكن!
جيفارا سمارة
رغم سنوات عمرها السبعين وإمارات المرض والتعب، إلا أن أم ناصر أبو حميد اكتفت بالماء وامتنعت عن الطعام، إسنادا لأبنائها الأربعة المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، فهي تؤمن بأن غياب أو ضعف الدعم الشعبي للأسرى المضربين، سيكون كارثيا على 6500 أسير.
أم ناصر التي تعيش في مخيم الأمعري للاجئين، والمحرومة من زيارة أبنائها الأربعة المحكومين بالسجن المؤبد، منذ شهر بسبب "المنع الأمني"، ترى أن الفعاليات المساندة للأسرى ممتازة، ويجب أن تكون أوسع وأكثر ديمومة طوال أيام الإضراب، وهو رأي اتفقت عليه شخصيات رسمية ووطنية حاورتهم "وفا" حول المطلوب لدعم مطالب الأسرى.
الاحتلال الذي دعا أحد وزرائه الى إعدام الأسرى كرد على إضرابهم، لم يمهل الأسرى كثيرا، فاستهل بداية اليوم الثاني من الإضراب بمنع المحامين من زيارة الأسرى المضربين، وإلغاء الزيارات المقررة للأسرى؛ بعد أن عزل قيادات الإضراب، وأجرى تنقلات كثيرة في صفوف الأسرى، وصادر ممتلكاتهم وملابسهم، مبقيا على ما يرتدونه فقط، وحوّل غرفهم إلى زنازين للعزل، بعد أن حجب المحطات التلفزيونية ووسائل التواصل مع الخارج.
فشل الإضراب سيشكل كارثة
ويرى رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن الفعاليات الشعبية المساندة للأسرى المضربين عن الطعام يوم أمس الاثنين، كانت حاشدة، إلا أن المطلوب هو الإبقاء على هذا الزخم المساند، بل وحتى زيادته مع تعنت إدارة سجون الاحتلال لمطالب وحقوق الأسرى، لأن فشل الأسرى في تحقيق مطالبهم ستكون نتائجه كارثية على الحركة الأسيرة ككل.
الإسناد الجماهيري يضغط على الاحتلال ويرفع معنويات الأسرى
ويقول الأسير المحرر خضر عدنان، الذي أفرج عنه بعد إضراب عن الطعام استمر 66 يوما، إن أكبر إسناد للأسير المضرب عن الطعام هو الحراك الشعبي والجماهيري المساند له، لسببين: أولهما أنه يشكّل ضغطا كبيرا على كافة مؤسسات الاحتلال ليست العسكرية فقط، والثاني هو رفع معنويات الأسير المضرب ودعمه بشكل كبير جدا معنويا، ويعطيه القدرة على الاستمرار في إضرابه، وهو أمر يتطلب وحدة داخل السجون وخارجها من قبل الأحزاب والقيادات والجامعات ومختلف المؤسسات الوطنية.
الموت أو مضاعفات خطيرة إذا طال أمد الإضراب
ويقول الدكتور سائد البلبيسي: صحيا، فإن إضراب الأسرى عن الطعام يقسم الى ثلاث مراحل: الأولى وهي من اليوم الأول وحتى العاشر، إذ يبدأ الجسم بالاستعانة بمخزونه من الدهون والبروتينات المخزنة في العضلات، وفي اليوم الثاني للإضراب يبدأ المضرب بالشعور بالصداع وألم في البطن، وفي اليوم الثالث يبدأ المضرب بالشعور بالجفاف البسيط ثم المتوسط مع الهزال وتسارع نبضات القلب، وهي أعراض تستمر حتى اليوم العاشر مع تصاعد في حدتها مع كل يوم.
ويضيف: مع منتصف الأسبوع الثاني للإضراب، تزداد حدة الآلام في البطن، وفي الأطراف كافة، مع تغير في الشكل الخارجي للمضرب، وجفاف في التعرق والبول واللعاب والدموع، وبروز للعينين، وشحوب.
ويتابع الدكتور البلبيسي: مع انتصاف الأسبوع الثالث تغيب القدرة على المشي، مع بدء تساقط الشعر وانسدادات كلية أو جزئية في الأمعاء، مصحوبة بالجفاف الشديد وتسارع أكبر في نبضات القلب وفقدان التركيز، وفي بداية الأسبوع الرابع تبدأ أعضاء مهمة وحيوية في الجسم بالتأثر، كالدماغ والقلب والكلى والكبد، إذ يعرّض نقص المعادن والأملاح، الشعيرات الدموية الى التمزق ما يعني بدء النزيف، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على حياة المضرب عن الطعام، قد تؤدي -لا سمح الله- الى الموت.
ويؤكد البلبيسي أنه في حال طال أمد الإضراب عن الطعام، فإن حياة الأسير تصبح في خطر حقيقي، وإن نجا من الإضراب فان مضاعفات صحية خطيرة قد تلازمه مدى الحياة، كانسداد الأمعاء الذي يستلزم عملية جراحية، أو فشل كلوي دائم، أو خلل في عمل الدماغ إذا ما تعرض للنزيف، وفشل في عضلة القلب أو الرئتين، وهي أعراض تبدأ مع نهاية الأسبوع الثالث، وتختلف من أسير لآخر بحسب طبيعة جسم المضرب عن الطعام.
توسيع قاعدة الفعاليات الوطنية والاقليمية والدولية
ويقول منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة عصام بكر، إن الفعاليات التي جرت بالأمس كانت مهمة جدا، إلا أن المطلوب هو الحفاظ على استمراريتها وزخمها لتكون على قدر تضحيات أسرانا في سجون الاحتلال، مشيرا إلى أن عدة عواصم عربية وعالمية شهدت وقفات تضامن وتسليم رسائل لمقرات الأمم المتحدة مثل: بيروت، وعمّان، ومراكش، والجزائر، ومدريد، وبروكسل، وواشنطن، وبيونس آيرس، وبريتوريا، وكييف.
ويضيف بكر أن منظمات حقوقية ودولية، كحركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي (BDS)، سجلت خطوات مهمة كوقفات تضامنية في عدد من المدن في أكثر من دولة، مشيرا إلى أن التواصل مع هذه المؤسسات للمزيد من الفعاليات التضامنية.
ويواصل نحو 1300 أسير في سجون الاحتلال، إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الثاني على التوالي، مع توقعات بزيادة عدد المضربين في الأيام المقبلة، حيث يحتجز الاحتلال في سجونه نحو 6500 أسير في ظروف اعتقالية صعبة.
ــ