في غزة..."ساحة السرايا" تنشد الحرية للأسرى
زكريا المدهون
قبل عشرات السنين كان ذلك المكان سيء الصيت يخشاه كل فلسطيني لأنه مثل رمزا لتعذيب المناضلين واعتقالهم، لكن هذه الأيام تحول إلى ساحة تنشد الحرية للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي في إضرابهم المفتوح عن الطعام منذ أحد عشر يوماً.
على أطلال ما كان يعرف في عهد الاحتلال الإسرائيلي بـ "سجن غزة المركزي" الذي أنشئ في ثلاثينيات القرن الماضي، يتجمع يوميا الآلاف من أبناء قطاع غزة بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم الفكرية للتضامن مع الأسرى الأبطال في معركة الحرية والكرامة.
وسط مدينة غزة... خيام تملأ المكان علقت على واجهاتها وبداخلها لافتات ضخمة تحمل أسماء وصور أسرى أمضوا عشرات السنوات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وزنازينه، وفي مقدمتهم الأسير القائد مروان البرغوثي والأسير القائد أحمد سعدات وغيرهم.
داخل الخيام وخارجها يحتشد مئات المواطنين من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، وكذلك قادة الفصائل وأسرى محررون وممثلو النقابات جميعهم كانوا يهتفون ويحيون الأسرى في معركتهم البطولية.
أصوات مكبر الصوت تصدح بالأغاني الوطنية والكلمات التي تمجد وتحيي الاسرى، وتحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن حياتهم.
ويواصل أكثر من 1600 أسير في مختلف السجون الإسرائيلية لليوم الحادي عشر اضرابهم المفتوح عن الطعام لتحسين ظروف الاعتقالية السيئة.
بين كل فينة وأخرى يصدح صوت مكبرات الصوت عاليا مرحباً بقدوم وفد تضامني من حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وقبلها مرحبا بوفد من "نقابة المحامين" و"اتحاد المرأة الفلسطينية"، التي ألقى ممثلوها كلمات تضامنية مع الأسرى الأبطال، والمطالبة ببذل كل الجهود لوضع حد لمعاناتهم والإفراج عنهم.
ووجهت طفلة ترتدي ثوبا فلسطينيا كلمة مؤثرة إلى والدها الذي يقبع في سجون الاحتلال، ناشدت الضمير الإنساني وأحرار العالم العمل من أجل الافراج عن والدها الذي لم تقبله أو تحتضنه منذ عشرات السنوات.
وكان لنقابة الصحافيين الفلسطينيين دور بارز في دعم ومساندة الأسرى، بعد أن نقلت مقرها إلى خيام التضامن في ساحة السرايا وسخرته لخدمة الإعلاميين والوفود الصحفية.
وفي خيمة أخرى خصصت جمعيات ومؤسسات تعنى بشؤون الأسرى والدفاع عنهم، أماكن لها للتعريف بمعاناة الأسرى، فيما انتشرت مئات الصور للأسرى في جنبات وزوايا "ساحة السرايا" التي تقدر بمئات الدونمات.
"سجن غزة المركزي" عنوان للقهر والإضطهاد:
أنشئ في بداية الثلاثينات من القرن المنصرم، على يد الانتداب البريطاني، كمقر للقيادة العسكرية البريطانية في جنوب غرب فلسطين، وخصص جزءاً من المبنى كسجن مركزي للثوار الفلسطينيين.
وبعد نكبة عام 1948، ووضع قطاع غزة تحت وصاية الإدارة المصرية، تم استخدامه كمجمع للدوائر الحكومية، وخصص جزء من المبنى كسجن للقاطنين في قطاع غزة.
أما عقب هزيمة حزيران عام 1967م, تم استخدامه كسجن ومركز تحقيق للفدائيين والمنتمين لفصائل الثورة الفلسطينية.
كان السجن يتكون من ثلاثة أقسام، إضافة إلى قسم الزنازين "المسلخ". تميز سجن غزة المركزي بفاشية المحققين والإدارة في حينها.
أغلق سجن غزة المركزي، على أبواب عودة السلطة الوطنية إلى قطاع غزة عام 1994، فيما تم تدميره خلال الحروب الثلاث التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.