إشاعات الاحتلال وانقلاب السحر على الساحر
معن الريماوي
مع بداية إعلان الأسرى داخل السجون الإسرائيلية الإضراب المفتوح عن الطعام في السابع عشر من الشهر الجاري، لجأت دولة الاحتلال إلى تسخير كل امكانياتها لإفشاله وإحداث شرخ بين الأسرى داخل السجون من جهة، وبين عائلاتهم وباقي الشعب من جهة أخرى، من خلال سلاح الإشاعة التي تحاول أن تبثه بين أوساط الأسرى، لكسر إرادتهم ومحاولة إجبارهم على إنهاء الإضراب.
وبدأت إدارة مصلحة السجون والإذاعات العبرية بدس الأخبار الكاذبة التي تتمثل بأن حجم الإضراب ينحسر بعد أن أوقف البعض إضرابهم في أكثر من سجن، وهو ما انعكس ايجابا على الشعب الفلسطيني خاصة الأسرى المضربين، وقدم لهم خدمة، حيث دخل أسرى جدد في الإضراب، وباتت سياسة المحتل مكشوفة.
رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، قال: إن هذه الإشاعات هي جزء من الحرب التي تشنها إدارة مصلحة السجون تجاه الأسرى المضربين، وتهدف بذلك لضرب وكسر الروح المعنوية في صفوف الأسرى، وخلق هوة بين قيادة الأسرى والأسرى أنفسهم، وبين الأسرى وعائلاتهم من جهة أخرى.
هذه الإشاعات حسبما يقول قراقع دفعت أفواجا جديدة من أسرى جدد في سجني "مجدو" و"عوفر" لخوض الإضراب، ردا على الإجراءات التعسفية والانتهاكات المستمرة بحق الأسرى المضربين، وهو ما يرفع عدد الأسرى المضربين الى أكثر من 1500.
وتابع: "الأسرى متيقظون ومنتبهون لكل ما يجري حولهم، ويعلمون أن هذه سياسة اسرائيلية تهدف الى اثارة البلبلة بين أوساط الأسرى، بل العكس هذه الاشاعات رفعت من معنوياتهم، ووسعت الإضراب، كما أن الاعلام الفلسطيني قرر الرد على الإشاعات وطالب بتوسيع نطاق الفعاليات التضامنية مع الأسرى".
وأضاف، "اسرائيل قلقة ومتخوفة جدا من تبعات الإضراب، سواء داخل السجون أو خارجها، لكن الأسرى مستمرون في إضرابهم حتى تحقيق مطالبهم كافة، حتى أصبحت قضية الأسرى عالمية يشارك فيها الجميع، وهذا خلق عزلة لإسرائيل، ونبه العالم بأن الأخيرة تمارس انتهاكاتها بحق الأسرى خاصة المضربين عن الطعام".
وكانت الإشاعة في الماضي تعد أحد أسلحة الحرب المستخدمة بين الأعداء لإرباك جبهة العدو، وبث الرعب والخوف فيه، اضافة الى ضرب الروح المعنوية في صفوفه، وخلق هوة بين القيادة من جهة والشعب والجيش من جهة أخرى، وتشتيت التركيز في جبهة الأعداء عن الهدف المركزي.
إلى ذلك قال الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن الإشاعة هي جزء من السياسة التي تمارسها إدارة مصلحة السجون لكسر إضراب الأسرى، وتدس بذلك أخبارا كاذبة وتحاول خلق شرخ وعدم ثقة بين قيادة الأضراب والأسرى من جهة، وبين عائلاتهم باعتبار أن مثل هكذا أخبار قد تعتبر ورقة ضغط عليهم.
وأشار الى أن الاعلام العبري يستغل دخول بعض الأسرى للإضراب لعدة الأيام لأسباب صحية مثلا، وهو ما تلجأ له لتسوق ذلك بأنه تراجع من الأسرى عن الإضراب، كما تستغل عدم امكانية تواصل الأسرى فيما بينهم، وأن إدارة السجون هي المصدر الوحيد للأخبار.
ودعا الى عدم التعاطي مع مثل هذه الأخبار خارج السجون، وألا يتم تناقلها، اضافة الى ضرورة توسيع نطاق المشاركة الشعبية لمساندتهم لتقصير أيام الإضراب.
من جانبه أوضح المختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن الاحتلال يدرك خطورة الإضراب على صورته التي تحاول دائما أن تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالتالي ترى أن الإضراب سيفضح ممارساتها، ويفضح الرواية الاسرائيلية وسيكشف وجهها الحقيقي، وتعاملها اللاإنساني مع الأسرى، بالتالي تسخر كل امكانياتها لكسر الإضراب وإنهائه.
وتابع أن الهدف من ذلك هو إظهار أن الحركة الأسيرة غير موحدة، وأن هناك انهيارا في الحركة، وأن الخطوات هذه لا قيمة لها وفردية، وتحاول أن تأثر سلبا على معنويات الأسرى، من خلال إجبار البعض على إنهاء إضرابهم، اضافة الى بث الإحباط بين الأسرى حتى لا ينضموا للإضراب، وتحاول أن تؤثر على معنويات المواطنين وزعزعة ثقتهم بالأسرى المضربين.
وباتت سياسة المحتل واضحة ومكشوفة، والأسرى المضربون مهيؤون لخوض هذه المعركة، ويدركون جيدا أن إدارة السجون ستستخدم سلاح الإشاعة لتفشل الإضراب، الأمر الذي لن يجدي نفعا، وليس أمام المحتل إلا التفاوض وتلبية مطالب الأسرى العادلة.