هل بدأت التغذية القسرية مع أنباء جلب "مرتزقة" ؟؟
جيفارا سمارة
ما كان بالأمس نية ودراسة لجلب اطباء "مرتزقة" من خارج كيان الاحتلال لتغذية الأسرى المضربين عن الطعام قسريا، بعد "استفظاع" حتى نقابة أطباء "إسرائيل" خيانة قسم أبقراط، صار اليوم نبأ اكثر تفصيلا عن جنسيات هؤلاء المرتزقة من الهند والشيشان.
"سيحضرون اطباء من الهند والشيشان لقتل اجساد هزيلة لم يدخل احشاءها الا الماء والملح الذي صودر ايضا من بعضهم (الاسرى) منذ 22 يوما، هذا اذا لم يفعلها (التغذية القسرية) أطباء من مصلحة السجون و"الشباك". كل ذلك لمساعدة "وزير الامن الداخلي" جلعاد أردان للصعود في الانتخابات التمهيدية على اجساد الأسرى الفلسطينيين"، والكلام لصحيفة "هآرتس العبرية".
"فتحت عيناي فوجدت أنابيب تغذية تملئ جسدي في الأنف والفم والحنجرة والوريد والبطن الذي كان شبه مفتوحا بالكامل، مستغلين فقداني لكافة الحواس والذاكرة خلال 11 يوما من غيابي عن الوعي"، يقول الأسير المحرر مالك القاضي الذي خاض اضرابا عن الطعام في سجون الاحتلال منتصف يوليو/تموز العام الماضي، رغم توقيعه على وثيقة تؤكد أنه لا يريد أي تغذية حتى لو وصل به الأمر الى الاستشهاد جوعا.
ويظهر الوجه الاكثر وحشية وبشاعة للاحتلال في الاضراب الحالي الذي يخوضه قرابة 1800 أسير بدون مدعمات، وهو ما يجعل من اطالة أمد اضرابهم اكثر، امر قاتلا ومستحيلا، بدءا من دعوة وزير نقل الاحتلال كاتس الى اعدامهم، ووزير خارجية الاحتلال ليبرمان الى الاقتداء برئيسة وزراء بريطانيا التي تجاهلت اضراب الأسرى الايرلنديين عن الطعام ما ادى الى استشهاد 10 منهم، وليس انتهاء عند مطالب عضو ""الكنيست أورين حازان: "اتركوهم يموتون فالسجون مليئة بهم ولم تعد تتسع، ولكن هناك مكان تحت الأرض".
القاضي الذي خضع لا كثر من عملية جراحية إبان اعتقاله وبعد خروجه بسبب مضاعفات الاضراب عن الطعام، يقول لـ"وفا": إن الاحتلال الذي لا يدخر وسيلة لكسر عزيمة المضرب عن الطعام بالحرب النفسية من استغلال ذويه وهو ما كنت اعانيه عندما كنت ارى دموع والدي فوقي وانا اعاني من نوبات الالم والغثيان، او بمختلف صنوف ما لذ وطاب من الطعام التي توضع امام المضرب، او ترهيبه من عواقب ونتائج اضرابه، او بالاعتداءات الجسدية واللفظية التي لا تنتهي، وهو ما اكد رئيس هيئة الاسرى والمحررين عيسى قراقع الذي اكد ان اطباء مصلحة السجون يقومون بدور السجانين في المساومة والابتزاز على تقديم العلاج مقابل وقف الاضراب.
واشار قراقع الى ان بعض اطباء الاحتلال اصبحوا مجندين وداعمين لتعذيب الأسرى، وبث الرعب بالحرب النفسية وترهيب بحق الأسير المضرب المريض، عدا عن ما يتعرضون له من ضرب واعتداءات وتفتيش ومصادرة الأغطية والملابس إلا ما يلبسون، ومنع زيارات الأهل والمحامين، ونقل العديد منهم ما أدى إلى إغلاق سجن "هداريم" ليخلق اكتظاظا في السجون الأخرى.
وفي سبيل ابسط المطالب الانسانية التي ضمنتها لهم كافة المواثيق والمعاهدات الدولية من إنهاء لسياسة الاعتقال الإداري، والعزل، ومنع زيارات العائلات وعدم انتظامها، والعلاج وغيرها من المطالب، يخاطر الأسرى بمجرد الالام التي تبدأ في أول ايام الاضراب وغياب القدرة على المشي، وتساقط الشعر وانسدادات كلية للأمعاء، مصحوبة بالجفاف الشديد وتسارع نبضات القلب وفقدان التركيز، لتصل الى تلف او تأثر أعضاء مهمة وحيوية في الجسد كالدماغ والقلب والكلى والكبد نتيجة نقص المعادن والأملاح، وهو ما يعرض الشعيرات الدموية في هذه الاعضاء الى التمزق والنزيف، وهو ما يشكل أيضا خطرا حقيقيا على حياة المضرب عن الطعام، قد تؤدي الى الاستشهاد او ملازمة المضرب ان نجا من الموت بمضاعفات صحية خطيرة قد تلازمه مدى الحياة، كانسداد الأمعاء، أو فشل كلوي دائم، أو خلل في عمل الدماغ، وفشل في عضلة القلب أو الرئتين.
ويعود شبح التغذية القسرية، مجددا ليهدد حياة 1800 اسير مضربين عن الطعام، مذكرا بارتقاء علي الجعفري، وراسم حلاوة، شهيدا التغذية القسرية خلال إضراب الأسرى في العام 1980 بسجن نفحة، واسحق مراغة الذي استشهد عام 1983 جراء مضاعفات صحية ناجمة عن التغذية القسرية بالإضراب نفسه، ومن قبلهم الشهيد عبد القادر أبو الفحم عام 1970.
وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 210 شهداء، 72 من بينهم استشهدوا نتيجة التعذيب، و57 اسيراً استشهدوا نتيجة الإهمال الطبي، و74 اسيراً استشهدوا نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة، عدا عن الأسرى الذين أصدرت سلطات الاحتلال بحقهم قرارات بالإفراج، بعد تيقنها أنهم في مرحلة حرجة استشهدوا بعد فترة وجيزة من الإفراج عنهم.
وتتعدد اشكال للتغذية القسرية اما بإرغام الأسير على تناول الطعام والسوائل بعد ربطه بكرسي وتثبيت رأسه لمنعه من التحرك، وإدخال أنبوب عبر أنفه حتى يصل إلى معدته، ثم يضخ فيها عبر الانبوب سائل لزج، مما يتسبب بأضرار وتمزقات في منطقة الأنف والحنجرة، كما قد يتسبب بتمزق في القصبة الهوائية، وربما تنتهي بإدخال "الزوندا" إلى الرئتين بدل المعدة، وبالتالي تسبب الاختناق والموت، او من خلال إعطاء المغذيات عن طريق حقن الوريد بها، أو إدخال الطعام الى المعدة عن طريق عمل فتحة في جدار البطن الخارجي للوصول الى المعدة ما يشكل خطورة حقيقة على حياة الأسرى.
وتعتبر التغذية القسرية انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومخالفة لما نصت عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر والبيان المشترك الذي صدر في عام 2015 من الأمم المتحدة، والمادة 3 من اتفاقية جنيف الثالثة والمختصة في معاملة أسرى الحرب، واعلاني طوكيو في العام 1975، وإعلان مالطا الخاص بالإضراب عن الطعام والصادر عن الجمعية الطبية العالمية في نوفمبر 1991 والموقع من (43) جمعية طبية عالمية، واتحاد الأطباء العالمي الذي اعتبره "أسلوب غير أخلاقي" وشكلا من أشكال التعذيب والإهانة، ومنظمة "هيومن رايتس وواتش" اعتبرته مخالفة للمعايير الأخلاقية المهنية والطبية، بل وصنفته كأحد أشكال سوء المعاملة للأسير، والتي يحرمها القانون الإنساني، وحتى في كيان الاحتلال ذاته رفضت التغذية القسرية من قبل أفينو عامريخيس، رئيس المحكمة التابعة لـ"الهستدروت" الطبية، ورابطة أطباء لحقوق الإنسان، جمعية حقوق المواطن.