50 عاما على "النكسة"
50 عاما مرت على "النكسة"، حين أكملت إسرائيل احتلال بقية الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، وأضافت إليها الجولان من سوريا، وسيناء من مصر، وذلك بعد مرور 19 عاما على نكبة فلسطين، وإقامة دولة إسرائيل بعد خلقها مأساة إنسانية للشعب الفلسطيني، وتشريده من أرضه.
ففي صباح الخامس من حزيران 1967 قامت إسرائيل بالهجوم على القوات العربية المصرية والسورية والأردنية، واحتلال أجزاء من أراضيها، فيما عرف بعد ذلك بـ"عدوان الخامس من حزيران"، تحقيقا لرغبتها في ضم الأراضي المجردة من السلاح في شمال فلسطين، وتحويل روافد نهر الأردن.
فبعد إنشاء الدول العربية هيئة خاصة لاستثمار موارد هذه الروافد، امعنت إسرائيل في تنفيذ ضم الأراضي وتحويل الروافد بقوة السلاح؛ وصعدت استفزازاتها بضرب المعدات الخاصة بهيئة استثمار الروافد، وتحرشت بالمزارعين السوريين؛ ما أدى إلى زيادة حدة الاشتباكات حتى وصلت إلى الاشتباك الجوي يوم 7/4/1967.
ونقلا عن المركز الوطني للمعلومات التابع لوكالة "وفا"، فقد تواترت الأخبار عن التجهيزات الإسرائيلية للحرب؛ فأعلنت مصر حالة التعبئة القصوى؛ لالتزامها باتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا والموقعة في 4/11/1966. وطلبت مصر من قائد قوات الطوارئ الدولية سحب قواته يوم 16/5 من سيناء، وتم ذلك يوم 19/5، وأعلن جمال عبد الناصر إغلاق مضائق تيران يوم 23/5 في وجه الملاحة الإسرائيلية، وهذا ما اعتبرته إسرائيل بمثابة إعلان حرب.
شرعت القوات المصرية والسورية تتوجهان نحو جبهات القتال، ووصلت فصائل من القوات الكويتية والسودانية والجزائرية إلى الجبهة المصرية، وتوجه الملك حسين إلى مصر يوم 30/5 وعقد معها اتفاقية دفاع مشترك، ووضعت القوات الأردنية تحت تصرف القيادة المشتركة. واتضح من التعديلات الوزارية الإسرائيلية والتدابير الاستثنائية نية إسرائيل بالعدوان.
وفي ليلة 4-5/6 طلب السفيران الأمريكي والسوفييتي من عبد الناصر عدم البدء بالهجوم؛ ولم تمض ساعات قليلة حتى بدأت إسرائيل الحرب.
على الجبهة المصرية، قامت الطائرات الإسرائيلية بإخراج الطيران المصري من المعركة من الضربة الأولى؛ إذ تم ضرب الطائرات في مهابطها قبل أن تقلع، وهاجمت الطائرات الإسرائيلية جميع المطارات العسكرية تقريبا من الصعيد إلى القاهرة. وحمل مخطط إسرائيل اسم "حركة الحمامة". وقامت البحرية الإسرائيلية بغارات على الموانئ المصرية في إطار العدوان الشامل، وقدرت الخسائر المصرية بعشرة آلاف شهيد ومفقود وخسارة 80% من عتاد الجيش.
وعلى الجبهة الأردنية وجهت إسرائيل ضربة للسلاح الجوي الملكي فدمرت 32 طائرة في مطاري عمان والمفرق. وقد حدثت معارك دامية في القدس، والضفة الغربية عموما. ورغم صمود الجيش الأردني؛ إلا أنه اضطر للانسحاب تحت الضغط الهائل للقوة الإسرائيلية يوم 6/6 مساء، وقد قدرت خسائر الأردنيين بـ"6094" شهيدا وخسارة 150 دبابة.
وعلى الجبهة السورية، لم يبدأ القتال حتى يوم 9/6، عدا عن الهجوم السوري على مصافي النفط في حيفا يوم 5/6، والذي ردت عليه إسرائيل بتدمير 60 طائرة سورية.
بدأ الهجوم البري الإسرائيلي على الجبهة السورية صباح 9/6 بقصف جوي مركز على المواقع الدفاعية، ودمرت 40 دبابة إسرائيلية، وتابعت إسرائيل هجومها يوم 10/6، واستولت على قمم جبل الشيخ الجنوبية وشمال الجولان، وخسرت سوريا 1000 شهيد و70 دبابة.
ردود أفعال
قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين زكريا الأغا، "إن نكسة حزيران عام 1967 تمثل فصلا من فصول الكارثة البشعة، والمؤامرة الاستعمارية المتواصلة، والتي وقعت جلها بحق شعبنا، وتعد نكسة تالية مضافة للنكبة الكبرى لعام 1948"، مشيرا إلى ما رافق هذه الذكرى من جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، وكذلك مسلسل القتل اليومي، والإعدام الميداني، وشهداء الأرقام، والمقابر الجماعية، أضيف إلى سجل الاحتلال الإجرامي".
وأوضح "أن النكسة مثلت الحرب الثالثة، ضمن سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي، والتي استولى خلالها الاحتلال على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة، وشرق القدس، وتسبب بموجة تشريد جديدة طالت نحو 300 ألف فلسطيني، لجأ معظمهم إلى دول الجوار، خاصة الأردن، وعلى إثرها صدر قرار مجلس الأمن رقم 242 في 22 نوفمبر لعام 1967".
وبالسياق، أشار إلى نتائج الحرب وهي تهجير معظم سكان مدن قناة السويس، ومعظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، ومحو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس والضفة الغربية والشروع في نهب ثرواتها لا سيما المائية منها، بالإضافة للمساعي الدائمة لتهويد القدس فور احتلالها وتنفيذ الخطط الممنهجة التي تعبر في مجملها عن العنصرية المطلقة، موضحا "أنه ورغم مرور خمسين عامًا حيث لا تزال تبعات حرب 1967م حتى يومنا هذا؛ إذ تواصل "إسرائيل" احتلال أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بالإضافة للجدار العنصري، والاستيطان، وتقطيع التواصل بين المدن، والقرى من خلال الحواجز".
وأكد "أن شعبنا ما زال يدفع معها ويلات الألم والمعاناة، ويكابد عذابات اللجوء، والتشرد، والقهر وجرائم الاحتلال المستمرة، حتى بلغت الذروة في التهويد، وتسريع وتيرة الاستيطان، ومضاعفة جرائم القتل، والإعدامات اليومية، وحواجز الموت المنتشرة على مداخل كل قرية، ومدينة، والجدار العنصري والزج بثلث أبناء شعبنا في السجون الفاشية، لحكومة الاحتلال، ودون مراعاة لحقوق الإنسان التي كفلتها كافة الشرائع والمواثيق الدولية الخاصة بالأسرى، إضافة لاعتقال المئات من الأطفال القاصرين، والنساء، وعشرات الأسرى المصابين بالأمراض الخطيرة، جراء الإهمال الطبي المتعمد.
ودعا الأغا إلى ضرورة توحيد الصف الفلسطيني لمواجه مخططات الاحتلال، مؤكدا ضرورة إنهاء حقبة الانقسام الأسود، والالتفاف حول القيادة الفلسطينية الراعية لحقوق شعبنا، بإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف. كما ثمن صمود الأسرى، وانتصارهم على سياسة الظلم والعدوان، التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم.
من جهتها، استذكرت وزارة الإعلام السنوية الخمسين لنكسة شعبنا، بقولها "إن مضي 50 عاما على هذه الذكرى السوداء، يزيد من إصرار شعبنا في سبيل الحرية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بالرغم من كل أشكال الإرهاب والعدوان والعنصرية لأطول احتلال ممتد بين قرنين، ويواصل تحدي إرادة العالم الحر وقراراته الدولية لإنصاف شعبنا، وبخاصة 242 و338، وقرار مجلس الأمن الأخير 2334".
وأشارت الوزارة إلى أن كلمة السر لإحلال السلام المتوازن تكمن برحيل الاحتلال، واسترداد الحقوق المشروعة لشعبنا، بدولة كاملة السيادة، وعاصمتها الأبدية القدس، ورحيل آخر جندي ومستعمر عن ترابنا.
وجدّدت التأكيد على أن كل الحلول السياسية المبتورة، ومحاولات تصفية قضيتنا، عبر بوابة الانقسام الأسود، أو طرح مشاريع لتفتيت أحلامنا بالدولة المستقلة ستسقط، كما كان مصير سابقتها خلال نصف قرن، وسيبطلها التفافنا الحديدي حول منظمة التحرير، العنوان الرئيسي لنضالنا، والممثل الشرعي والوحيد لحريتنا. كما حثت وسائل الإعلام الوطنية والعربية والدولية على استرداد جرائم الاحتلال والاستيطان والإرهاب خلال نصف قرن، وهي فظائع لن تسقط بالتقادم، وسيساق كل الواقفين خلفها إلى المحاكم الدولية.
وأشادت بكل أحرار الأرض، الذين يساندون قضيتنا، ويلاحقون إسرائيل ويقاطعونها بكافة الأشكال؛ ويساهمون بتوثيق إرهابها، الذي يتحدى إرادة الحرية والحياة والسلام والعدل.