جائزة نوبل للسّلام
محمد علي طه
الحمد لله، أنا في كامل قواي العقليّة، لم أشرب كأسًا من الخمرة، ولم أشمّ شيئًا سوى عبير ليمونة الدّار، ولم أتناول "شحطة" من هذا الذي يُباع في بلدتنا بالسّرّ وبالعلانيّة، ولم أمضغ القات منذ القصف السّعوديّ لليمن السّعيد فأرجوكم أن تأخذوا ترشيحي لبنيامين نتنياهو، لجائزة نوبل للسّلام على محمل الجدّ، فأنا لا أمازحكم، ولا أرغب بأن أمسّ مشاعركم، ولا أتطاول على مواقف ميري ريغف، ولا أطعن بتأتأة اليسار الاسرائيليّ الصّهيونيّ رحمه الله.
نتنياهو لم يشارك من قريب أو بعيد بمجزرة دير ياسين أو الطّنطورة أو الدّوايمة أو في الهجوم على فندق الملك داوود.
نتنياهو لم يقتل من النّاس عددًا يماثل ما قتله شمعون بيرس أو هنري كيسنجر أو "السّتّ المحترمة" من بورما وهلم جرّا ممن نالوا الجائزة.
والرّجل يؤيّد استقلال الأكراد وإقامة دولة كرديّة مستقلّة مثلما أيّد انفصال جنوب السّودان واستقلاله ولكنّه يعارض استقلال الشّعب الفلسطينيّ وإقامة دولة فلسطين المستقلّة لأنّها ستكون دولة حماس وداعش وباكو حرام ووكرًا للإرهاب العالميّ ودولة "الله اكبر.. اطخ اليهود".
ونتنياهو داعية سلام منذ خطابه الشّهير في جامعة بار ايلان، "دولتان لشعبين". دولة إسرائيل على "أرض إسرائيل الكبرى" ودولة فلسطين في سيناء أو في الرّبع الخالي أو على سطح القمر بل إنّ للشّعب الفلسطينيّ الحريّة باختيار أيّ مكان على وجه البسيطة ما عدا الأراضي الفلسطينيّة ويسمّيه فلسطين.
ونتنياهو شارك في اجتماع الحراميّة في مستوطنة غوش عتصيون احتفالًا باليوبيل الذّهبيّ للاستيطان وأعلن أنّه لن "يقلع" مستوطنة يهوديّة من الضفة ومن هضبة الجولان، وبما أنّه رجل مساواة فقد أضاف "ولا عربيّة" والمثل العربيّ يقول: من ساواك بنفسه ما ظلم.
ونتنياهو يعارض بصرامة أن تكون إيران دولة نوويّة، وكيف لا وهو ضدّ السّلاح النوويّ والذّرّيّ، وأمّا فرن ديمونا فمن المعروف أنّه ينتج الحليب والزّبدة والعسل ولا يشكّل خطرًا على إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد.
ونتنياهو رجل إنسانيّ لا يفرّق بين الأجناس والألوان واللّغات فالرّجل وحكومته وحزبه وائتلافه يشرّعون القوانين التي تفوح منها العدالة والمساواة، ومن الطّبيعيّ ألّا تكون مساواة تامّة بين أبناء سارة وأبناء هاجر أو بين لغة التّوراة، لغة الكتاب المقدّس ولغة الأنبياء وبين لغة الصّحراء والبدو والإبل.
ونتنياهو لا يبذّر أمواله لأنّ المبذّرين إخوان الشّياطين وهو لا يصادق إلا أصحاب المليارات لأنّ اليدّ العليا خير من اليدّ السّفلى.
وإذا نال نتنياهو الجائزة فسيعلن عن ضمّ الضفة (A.B.C) إلى دولة إسرائيل ويلقي خطابًا فصيحًا في خدمة السّلام وخدمة الانسانيّة والقضاء على الإرهاب الإسلاميّ (سوف يُدرّس في الجامعات) وعندئذ ننشد معًا، عربًا ويهودًا، بالعبريّة "هيفينوا شالوم عليخم" وبالعربيّ الأندبوريّ:
جينا وجينا وجينا.. جبنا السّلام وجينا.