وفي الحديقة أزهار جميلة
محمّد علي طه
نتحدّث في جلساتنا وندواتنا، ونكتب في الصّحف والمواقع وشبّكات التّواصل الاجتماعيّ، عن قضايا تزعجنا وتقلقنا وتؤلمنا مثل وباء العنف الذي يصبّحنا ويمسّينا: بحوادث القتل بالسّلاح النّاريّ وبالسّلاح الأبيض (لا أدري على ماذا هو أبيض!) التي تحصد يوميًّا شبّانًا في عمر الورود، ونساءً لا ذنب اقترفنه سوى أنوثتهنّ، وبطوشاتٍ عائليّة تدلّ على مدى التّخلف الكامن في عقولنا، وبفوضى الشّوارع التي صارت بارومترًا لمقياس الزّعرنة، وبغير ذلك. وهذا "الغير ذلك" ليس قليلًا والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
واقعنا ليس أسود داكنًا، وليس رماديًّا غامقًا وليس ليلكيًّا فاقعًا بل هناك في حديقتنا أزهار ناضرة جميلة بيضاء وحمراء و... يحقّ لنا أن نعتزّ ونشمخ ونفخر بها ونرفع رؤوسنا في الفضاء العالي ونقول بملء الأفواه: نحن لسنا من ضيعة صغيرة منسيّة.
اسمحوا لي، وأنا المتفائل السّرمديّ، أن أقدّم لكم في هذا الصّباح الجميل باقة ورد من أزهارنا.
أوّلًا: بلغت نسبة الطّلاب العرب في الجامعات الاسرائيليّة في هذا العام 18 في المائة (طلّاب السّنة الأولى) أي ما يعادل نسبتنا من عدد السّكّان. وتزيد نسبة الفتيات بين طلّابنا عن 60 في المائة بينما تتجاوز الـ 65 في المائة في معهد "التّخنيون". فماذا لو أضفنا إلى هذه الشّجيرات الخضراء في كروم زيتوننا الآدميّة آلاف الطّلاب الذين يدرسون في الجامعات الفلسطينيّة والأردنيّة والأوروبيّة؟
ثانيًا: عندنا مجموعة لامعة من العلماء في الجامعات والمعاهد العلميّة العليا تتحدّث اختراعاتهم وانجازاتهم عن مكانتهم العالية كما أنّ أسماء البعض منهم مرشّحة لجوائز مرموقة في الطّبّ والصّيدلة والكيمياء والفيزياء والحاسوب وغيرها من العلوم.
ثالثًا: يقول أبناء عمومتنا: إذا أردت علاجًا ناجعًا فتوجّه إلى طبيب عربيّ فالأطبّاء العرب بارزون في أشهر المستشفيات والعيادات في ميادين القلب والكبد والكلى والعيون والدّم والسّرطان و... (ما شاء الله!).
رابعًا: عندنا حركة ثقافيّة إنسانيّة راقية حقّقت إنجازات في المسرح والسّينما والرّسم والنّحت والغناء والموسيقى والأدب وفيها أسماء نسائيّة بارزة.
خامسًا: يلعب أبناؤنا في أشهر النّوادي الرّياضيّة في البلاد وفي نوادٍ أوروبّيّة عالميّة.
سادسًا: يعرف فلّاحونا قيمة الأرض ورائحتها وينتجون أجود الزّيتون والزّيت وأشهى التّفاح والفراولة والملوخيّة والخيار و...
سابعًا: وماذا نقول عن عمّالنا ومهندسينا ومدرّسينا وممرّضاتنا ملائكة الرّحمة؟ بارك الله في سواعدهم وعقولهم وأناملهم.
في الحديقة أزهار جميلة تقرّ العيون وتفرح القلوب وتزكي الأنوف.