الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

قبل مائة عام سهّلت بريطانيا عملية تطهير فلسطين عرقياً واليوم تحتفل بهذه المناسبة

كتب: د. صائب عريقات
يحيي هذا العام نحو 13 مليون فلسطيني متفرقين في جميع أنحاء العالم ذكرى مرور 100 عام على صدور إعلان بلفور في الوقت الذي تجاهلت فيه الحكومات البريطانية المتعاقبة مسؤوليتها عما حلّ بشعبنا من عواقب كارثية جراء هذ الإعلان المشين الذي ما زال يدفع ثمنه أبناء شعبنا حتى يومنا هذا.

وعلى الرغم من أن العديد من المواطنين البريطانيين ليسوا على دراية بتأثير كل من وعد بلفور والانتداب البريطاني على شعبنا الفلسطيني، إلا أن هذين الحدثين مهدا الطريق للتطهير العرقي لفلسطين التاريخية في عام 1948، حيث تم تهجير المدنيين الفلسطينيين قسراً من منازلهم وذبحهم في هجمات إرهابية بشعة في ظل وجود القوات البريطانية في فلسطين.  

واليوم، بينما تمجد إسرائيل الإرهابيين الذين طردوا الشعب الفلسطيني من ديارهم لا يزال وعد بلفور ينير درب حكومة الاحتلال ويلهمها لمواصلة حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير.
لقد كان وعد بلفور قراراً واعياً ومدروساً بتجاهل حقوق مئات الآلاف من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الذين كانوا يعيشون آنذاك في فلسطين ويشكلون 95 بالمئة من السكان.
ففي فترة صدور إعلان بلفور، كان يبلغ تعداد شعبنا أكثر من 700،000 نسمة، متجذراً في حوالي 28،000 كيلومتر مربع في أرض اسمها فلسطين، هم أحفاد من بنوا مدينة القدس وموانئ يافا القديمة وحيفا ومدن غزة وبيت لحم والناصرة ونابلس، بالاضافة إلى مسقط رأسي أريحا، أقدم مدينة مأهولة بالسكان في العالم، وكذلك البحر الميت وغور الأردن الغني بموارده الطبيعية.

قبل مائة عام، كان وعد بلفور يقضي بتقطيع أوصال فلسطين وعزلها عن العالم ومحاولة القضاء على هويتنا الوطنية، إلا أن شعبنا حافظ هلى هويته الوطنية على الرغم من الخسائر والمعاناة والاقصاء، ولا تزال متأصلة بمزيد من الفخر بتراثنا التاريخي العريق الذي رسّخته أمة قوية ونابضة بالحياة.

لقد كانت النتيجة المباشرة للاستعمار البريطاني في فلسطين تشريد هذا الشعب ونفيه، والذي بدأ مع نكبة عام 1948. لم تكن هذه النكبة مرحلة تاريخية مؤقتة من التشريد القسري والتطهير العرقي ولكنها أضحت عملية متواصلة استمرت الى فترة ما بعد الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة في عام 1967، عندما هجرت المزيد من مئات الآلاف من أبنائنا قسراً ودمرت المئات من القرى الفلسطينية بما فيها عمواس ويالو وبيت نوبا.

وعلى الرغم من تنازلنا المؤلم بقبول الاعتراف بدولة اسرائيل على 78 بالمئة من وطننا التاريخي، تواصل إسرائيل حرماننا من حقنا في الوجود والعيش بحرية وكرامة على أرض دولة فلسطين المعترف بها دولياً والتي تشكل 22 بالمئة من وطننا التاريخي، ولا تزال بريطانيا كذلك تتجاهل هذه الحقوق، وستحتفل خلال اليومين القادمين بمرور قرن على طرد الشعب الفلسطيني من دياره وسلب حقوقه بدعوة رئيس وزراء الاحتلال إلى لندن.

ان قرار وعزم الحكومة البريطانية الاحتفال بهذا الوعد العار هو بحذ ذاته إهانة كبرى للشعب الفلسطيني ولمبادئ العدالة، خاصة وأن وعد بلفور الذي يتنكر للحقوق السياسية لشعب فلسطين هو ما تقوم بتنفيذه حرفياً حكومة الاحتلال الإسرائيلية على أرض الواقع، وهذا ما تترجمه برفضها لحل الدولتين الذي يتيح لأبناء شعبنا ممارسة حقوقهم السياسية التي طال انتظارها، وبرفضها أيضاً لقيام دولة ديمقراطية واحدة في جميع أنحاء فلسطين التاريخية يتمتع جميع مواطنيها بحقوق متساوية. لم تكن مبادئ بلفور تقوم على أسس الديمقراطية والعدالة بل على الاستعمار والاضطهاد. لا يكفي أن تدّعي الحكومة البريطانية تأييدها لحل الدولتين في الوقت الذي تعمل على تعبئة واستغلال ثقلها الدبلوماسي لمجابهة الاعتراف بدولة فلسطين أو بمنع أية محاولات لمساءلة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

من الواضح أن الحكومة البريطانية لا تزال ملتزمة بتجاهل الحقوق الفلسطينية من خلال الاحتفال "باعتزاز وفخر" بدرورها الاستعماري الذي تسبب في التهجير الجماعي لشعب فلسطين وايقاع الظلم والأسى بهم. ولا تزال تتجاهل قيام 274 عضواً في البرلمان البريطاني بالتصويت لصالح الاعتراف بفلسطين والذين دعوا حكومتهم إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وتتجاهل أيضا جهود الآلاف من مواطنيها الذين يناصرون حقوق شعبنا بلا كلل.

 يتوجب على الحكومة البريطانية تصحيح هذا الظلم التاريخي وتقديم الاعتذار الذي طال انتظاره لشعب فلسطين والاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وعلى الرغم من أن هذا الاجراء وحده لن يمحو نتائج وآثار الاستعمار، إلا أنه سيشكل نموذجاً لسائر أعضاء المجتمع الدول للقيام بما ينبغي لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط وحول العالم. لقد آن الأوان لبريطانيا أن تتصرف بمسؤولية لإحداث تحول نموذجي ملح واتخاذ خطوات ملموسة نحو إحقاق الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، الحقوق ذاتها التي تم رفضها والتنكر لها من قبل بلفور منذ قرن مضى.

 

 

kh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024