شركاء في حركة فتح دوما ، ردا على "الجيش المنسي" لرامي مهداوي- ياسر المصري
أولاً الأخ والصديق رامي معذرة لقلمك الذي جافى الحقيقة وأنتقص من قيمة الواقع وطبعا من مبعث نواياك الحسنة وأملك بالأفضل الذي نستحقه
لكن عليك أن تشكر قادة فتح التي حتى هذه اللحظة استطاعت أن توفر المناخ لجيلنا ولغيره لأن يتمتع بالديمقراطية وحرية التعبير التي نستحق والذي لولاه لما كتبت ما كتبت وهذه ليست منة منهم بل واجبا
فقادة الحركة الذين رحلوا وأورثونا تاريخا مشرفا نتغنى به ويقر به الأعداء كان حولهم ومعهم الكثير من الكادرات الحركية التي صنعت من رؤياهم وانتمائهم مدارس ثورية ووطنية أعطت لنا مساحة من التعرف على نماذج قيادية نستدل عليها من قيمة الموروث الذي نتغنى وسنبقى نتغنى به ونعمل
ولا اعتقد ان الكتابة عن أبناء الحركة به أنتقاص أو إفتقار لكون أبناء هذه الحركة هم جماعة من شعب غني بالعطاء والقدرة على التمسك بحقوقه وثوابته وخزان تضحياته هو اكبر من بعض المقالات وحتى ان كانت استحقاقا يأتي ضمن استعراض محطات الفخر بنا هوية وموروث نضالي يطال كل ساحة ومخاضات تثبيت الهوية الوطنية الفلسطينية والتي يطول الحديث عنها دوروس ومواقف
والتي تتناول كافة أبناء هذه الحركة وغيرهم من المناضلين حين التطرق لهذه الميادين والمواقف
وهؤلاء أي ( ابناء الحركة ) هم من كانت تأتي قياداتهم عبر انتخابهم في مؤتمرات الحركة وعبر التسليم والوثوق بأنهم أهل للمسؤولية ، وان التطرق للقيادة التاريخية على أنهم 'أحياء أموات' في مواقعهم كلام سطحي وساذج وغير صحيح يقصد به التشويه العدمي والنقد السلبي والتجريح دون طائل.
كما انه يمثل جهلا أو انتقاصا من الحقيقة، فليس ذنب الحركة وقيادتها إن كان البعض مصاب بالعمى المؤقت أو بعدم الإدراك الصحيح ليجعل من ذلك ذنبا يحمله الأخرون ؟!
ان القيادة التاريخية الحالية الباقية والموجودة بيننا ،ومع القيادة الجديدة التي تجاورها ،هي جزء من هذا الشعب العظيم صناع مجد الفكرة الوطنية -التي كادت تطمس لولا فتح- والمواقف الوطنية التي تتميز بها حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح ابداعا وعملا وعطاء لم ينضب معينه منذ البدايات حتى جاء اليوم الذي استلهمت فيه كل الثورات العربية حاليا هذه الفكرة والمسار النضالي الذي صنعته فتح نموذجا صالحا للاقتداء.
وبدءا من بناء وتحصين ثم حماية المشروع الوطني والقرار المستقل، وابراز الكيانية الفلسطينية في حضن فتح ثم (م.ت.ف) ثم السلطة ثم الدولة القادمة باذن الله الى تكريس المدنية و الديمقراطية التي يتلاعب بها الآخرون وسواد الليل يلفهم،
ان قيادة حركة فتح هي قيادة العمل الموصول والمتزن في الليل والنهار لإعادة الشرعية لصندوق الإنتخابات كصيغة تحمى تعدد الآراء والتوجهات الوطنية في اطار تكريس الثقافة الديمقراطية المتنورة لا تلك التي ترى في الصندوق غزوة لمرة واحدة وكفى الله المؤمنين شر القتال.
وثانيا أن هذه القيادة هي قيادة حية ومتفاعلة يوميا بما تمثله من نموذج قيادي حتى هذه اللحظة التي ما زالت متمسكة بها بخطنا النضالي الوطني الدافع باتجاه الحرية
وثالثا أن الأخ الرئيس هو رأس هذه القيادة والذي تزداد قناعاتي الشخصية والوطنية يوما بعد يوم بأني حين قلت له ذات مرة بأنه ملهم لجيلنا ( الخامس والسادس من عمر هذه القضية ) كنت على صواب نظرا لكل ما أسس له نحو مسؤولياتنا تجاه مشروعنا الوطني التحرري والتعددي حتى هذه اللحظة
ان هذه القيادة عملت وتعمل لأن يكون جيلنا الشاب شريك ومُقتدر يستطيع أن يأخذ مكانه عبر العطاء والاقدام والإبداع والتميز والإنحياز للوعي الوطني المطلوب لهذه المرحلة لما فيها من مواجهة سياسية حرجة وحاسمة مع الإحتلال، ومابها من تأثير على شكل المجتمع الفلسطيني ونظامه السياسي الحالي والمأمول
وماعلينا سوى رسم ملامح المجتمع الذي نريده خاليا من الفساد ، يؤمن بالفرد وحقوقه ويؤسس لمجتمع تعددي تسوده الحرية و الديمقراطية ومجتمع يعمل لغده بناءاً على واقع وليس وهم أو شعارات فضفاضة ، حيث ان مواجهة الواقع والإقرار به تمثل أولى محطات الإصلاح و احد أهم أسس المراجعة الإيجابية البناءة
وأضيف أن هذه القيادة رغم ذلك ليست مخلدة بل مرتبطة بزمن وبرنامج حيث انه تم انتخابها عبر المؤتمر السادس للحركة والذي عقد لأول مرة على أرض الوطن ، وهي اذ تضع في عنقها الأمانة فانها تخضع يوميا ودوريا للرقابة والمساءلة والمحاسبة الصعبة والشديدة في اطارها ومن خلال المجلس الثوري الذي أثبت قدرة وحرصا على التقويم والتصويب ، ما تخلى منه التنظيمات الأخرى وخاصة تلك التي تكذب باسم الله وتفترض بذاتها القداسة أو الحصانة
ان حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح تمثل المجتمع الفلسطيني المصغر ، لكونها تضم كافة شرائح وألوان مجتمعنا الفلسطيني وفئاته ، ومن حضر المؤتمر يدرك ذلك بوضوح، اذ مثّل هذه التقسيمات والفئات وبالتالي ما تم فرزه من هذا المؤتمر جاء في حقيقته فرزا مجتمعيا
ولا يمكننا هنا ان نكون منفصمين فتارة نمجد شعبنا وتارة نشتمه؟! ونبحث عن كل ما يمكننا ان نتخيله من نقيصة للاساءة لذاتنا من باب التشبث بحب جلد الذات والإنتقاص منها
لقد جاءت هذه القيادة ديمقراطيا، وتم انتخابها وجزء منهم أعيد تجديد الثقة بهم في ظروف صعبة وقاسية ، مثل وجود الانقلاب الدموي (ما أسمي الانقسام) ومثل وجود أنسداد الافق السياسي وليس ذلك مسؤوليتنا نحن الفلسطينيين ، بقدر ما هو استراتيجية إسرائيلية للبحث عن كل فرصة ممكنة لتصفية القضية الفلسطينية ووضعها في قفص الواقع المفروض
وما كان من هذه القيادة ان تمتلك كل وسائل وادوات القوى السحرية لتحل جميع الأزمات والإفرازات السلبية المتراكمة منذ عقود في سنة ذهبية أو سنتين ، بقدر ما أخذت على عاتقها عبء المسؤولية ووقف الانحدار والسلبية في المسار ثم دفع العربة للأمام ، وهنا أقول أنه لا يجوز لأي منا أن يقفز عن موقف هذه القيادة المتمثل بعملها الواضح ليلا ونهارا على الحد من ثقافة الانعزال و الإقصاء و التكفير والتخوين وتشريع الاقتتال الداخلي وعدم التعاطي بردات الفعل تلك التي تؤثر عميقا في موروثنا الفكري والثقافي على مدى الأجيال.
أما ما يتعلق بالنظام الداخلي للحركة، فإن الحديث عن أي تيار أو حزب أو فئة أو حتى شعب تظهر قوته ومناعته من مناعة وحصانة وقوة القانون الذي يَحتكم إليه، ولا أعتقد أن أي تنظيم دخل كما دخلت فتح في تجربة واختبار صارم لهذا النظام حيث استفاضت في مناقشة وتنفيذ آليات تطبيق هذا النظام بما يتعلق بأحد أعضاء اللجنة المركزية(سابقاً) كنموذج، وعبر حوارات وجدالات برز فيها القابل أو المعارض لهذا التفسير أو ذاك بحرية وقوة تحسد عليها فتح ، أظهرت ما لهذا النظام الداخلي من هيبة وسطوة واحترام استطاعت أن تفرض ذاتها على جميع مدارس الحركة .
وبالتالي يمكن الحكم بالجزم والقطع أن النظام الداخلي للحركة هو من أعلى وأهم السلطات التي تستند إليها في شكل وماهية الحركة التي نريد، وقد تكون الذاكرة القصيرة من أهم إفرازات السلب في تنمية الوعي وتعزيزه خصوصاً إذا تعلق الآمر بذاكرة قريبة يتجاوزها البعض اعتقادا أو تيهاً في فلك التشبث في البحث عن النقائص
إن حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح امتازت وتمتاز بكل جرأة ووضوح في دعوتها وممارستها لمكافحة الفساد ، وعملت وتعمل على تعزيز هذه الثقافة، فهناك أكثر من شخصية أخذت الشرعية القيادية وفتحت ملفات فسادها ولم تجد لها غطاءاً لا من السيد الرئيس ولامن اللجنة المركزية للحركة ولا من المجلس الثوري، وقد كان جزء منهم أعضاء في المجلس الثوري سابقين وحاليين وجزء آخر لجنة مركزية، ولقد قام الإعلام الداخلي والخارجي بتناول قضاياهم وعبر اتصال حر ومفتوح ما يعد من مفاخر حركتنا.
أرى أنه من الواجب وحين التطرق إلى موضوع ما أسمي 'الجيوش المنسية' في مقال الاخ رامي ، أن لا يغفل أحداً منا أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح حركة جامعة للطاقات والقدرات نظراً لعدم حصرها في فئة طبقية أو إجتماعية أو ثقافية أو حتى دينية أو أيدولوجية معينة، وبالتالي كان باب المبادرات والابداعات فيها هو قوة الدفع الأولى التي وضعت الحركة في مصاف الريادة والتألق
وكانت فتح وما زالت الحضن الدافيء والوسط المرحاب لكل أطياف واجتهادات الجماهير والأعضاء القادمين من نطاق حضارتنا العربية الاسلامية المنفتحة على تجارب الشعوب طرا، وبالاسهامات المسيحية الشرقية التي تلهمنا وتحركنا وتجدد فينا الدماء والرأي والفكرة التي تخدم القضية والناس.
وكان أصل المبادرات قائما ومستندا إلى ثلاثة عوامل باقية في قبول أو رفض هذه المبادرات وهي: مدى ملاءمة هذه المبادرة والحاجة لها، وكذلك النتائج المترتبة عليها ونتائجها، إضافة إلى أن يكون دافعها ومحركها يتوافق والمصلحة الوطنية، ومن هنا لا يوجد من هو منسي أو مهمش لدينا أبدا، وكان من الأولى أن نقوم نحن الكوادر بغض النظر عن أماكن تواجدنا وخلفياتنا الاجتماعية والثقافية بإجراء المراجعة الذاتية والجماعية اللازمة والمطلوبة منا نظراً لشراكتنا في تحمل المسؤوليات عن وضع الحركة بكل مراحلها وأزماتها وبحسب ما يشير له النظام الداخلي بوضوح وأدبيات الحركة
وللتوضيح أكثر وكمثال من ثقافتنا الشرقية والعائلية (التي لا نقبلها بالمثال هنا ولكنها موجودة)، فإن والدي حين يكون له عشرة أبناء تكون نبرة صوته إذا تطرق لشيء يتعلق بحينا أو قريتنا عالية ومختلفة من أن يكون خلفه عشرة بنات وبالمنطق الأكثر صراحة والحاحاً فإن لما يسمى 'العزوة' دور وأثر على القائد وهذه العزوة في فتح هي كوادر الحركة فكيفما نكون نترك الأثر في القيادة.
ولعل من أهم إنجازات هذه القيادة التي لا يجوز التطرق إليها في ظل عمل أعداء القضية الفلسطينية على كسر الغلاف الشعبي عنهم أن نكون شركاء جهلاً أو قصداً في المساهمة في هذا المشروع ، ومن بغض هذه المنجزات ما بعد المؤتمر السادس:-
أن الحركة توحدت مرجعياتها ، وحافظت أطرها على تواصلها الدوري -وان كان بحاجة للمزيد -من خلال المركزية والثوري والأقاليم ،وتقلصت التكتلات الداخلية مع تواصل رحابة فكرها وديمقراطيتها الداخلية التي زادت
تواصل التجديد في جسد الحركة في الهياكل النقابية والشعبية جميعا وفي الأقاليم الخارجية وفيما يلحق في أقاليم الوطن في غزة والضفة رغم قساوة الظرف في غزة للقبضة الحديدية التي يمارسها أمن حماس ضد الحركة.
وضوح خطة واستراتيجية وبرنامج الحركة السياسي والوطني وانسجامه مع الواقع بفضل رؤية الأخ الرئيس وقيادة الحركة وقرارات المؤتمر السادس والأطر المركزية.
• الاستجابة الدائمة من قيادة الحركة ذات الباب المفتوح دوما لكل المبادرات والمقترحات ومنها الشبابية وآخرها تلك المطالبة بالمصالحة وتلك المطالبة بتطوير الأداء الطلابي ومبادرات المهرجانات وتفعيل آليات التواصل الطلابي والشعبي وعشرات المقترحات التي وصلتهم وتفاعلوا معها ايجابا.
إعادة صياغة دائرة الحلفاء والأصدقاء وفق برنامج وخطاب الحركة الذي صاغ أسسه وشكله القائد العام للحركة واللجنة المركزية فيها.
اعادة القضية الفلسطينية بقوة إلى صدارة الواقع السياسي العربي و الدولي.
تعزيز الديمقراطية والتعددية وأسس المجتمع المدني وعقلية المؤسسات، والعمل على إعادة الشرعية لصندوق الانتخابات في إطار الثقافة الديمقراطية (المسعى الدائم للحركة لإنجاز المصالحة).
خلق توافق واجماع طني بين جميع القوى(وإن كان نسبياً) على اختيار الأداة النضالية الملائمة لمرحلة النضال الحالي ، وكان ذلك انجازا عظيما اذ اقرت كافة التنظيمات بما فيها حماس والجهاد بأسلوب المقاومة الشعبية والالتزام بالثوابت الفلسطينية
المساهمة بشكل أكثر فعالية على تعزيز وممارسة ثقافة المقاومة الشعبية والدعوة الدائمة لتوسيعها وتعميقها ما يجب أن تخبرنا عنه الأيام القادمة.
لعل هذه المنجزات وغيرها سواء صغرت أم كبرت والتي لا ينكرها الا جاحد أو جاهل أو قاصد أن يسيء، أو في الاتجاه الآخر ذاك غير المطلع وربما الساعي للأفضل والذي ينقد بقوة لأنه لا يقبل إلا بالكثير من الانجازات وهو ما نجله ونقدره من هذه الفئة الأخيرة
أقول أن مثل هذه الانجازات هي أيضاً مسؤولية كوادر الحركة جميعا، وبحاجة لهم لأن تظهر بشكل أكثر فعالية وقربا من الناس وأكثر تأثيرا ووضوحاً في الجماهير ، ضمن مسؤولية كوادر الحركة الدائمة والتي لا تقل أهمية عن مسؤولية القيادة المركزية في تفاعل دائم وحرص أكيد ونية حسنة وإرادة لا تهاب النقد أبدا ولكن مع سيل لا ينقطع من الأفكار الايجابية والفعل المنجز.