تعليق الجرس
بقلم: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لم تكن ولن تكون استقالة سعد الحريري من منصبه كرئيس للحكومة اللبنانية، شأنا لبنانيا خالصا، لا لأن اعلان الاستقالة جاء من عاصمة العرب السعودية فقط، وانما لأن الاستقالة جاءت على خلفية التدخل الايراني الفظ في الشأن اللبناني، وهو التدخل الذي ترسم سياساته طهران، وعلى نحو استراتيجي خطير، ليمتد في اكثر من دولة وموقع ...!!
ومع ذلك لن ندخل، ولن نتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، التي نرجو لها دوما سلامة الحال، لكنا في مواجهة التدخل الايراني وهو يحاول التمدد في ساحتنا الفلسطينية "بعلاقات" تمويل وخطب شعاراتية، مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي، وقد انضم لهما مؤخرا على نحو فج "فصيل يساري" دون اي تفسير ماركسي ولا وطني مفهوم (..!!) نقول في مواجهة هذا التدخل لن نقف مكتوفي الأيدي، ولن نسمح به على اي نحو كان، وهو الذي يخطط لأن يستنسخ تجربة "حزب الله" في فلسطين لتتسع خارطة "الامبراطورية الفارسية" التي بات الحديث الايراني عنها علنا، كما جاء في تصريحات وزير الدفاع الايراني حسين دهقان، والتي قال فيه ايضا "نحن اسياد المنطقة"..!! هذا يعني وببساطة شديدة ان التدخل الايراني لا يريد تحرير فلسطين، ولا يسعى لتحقيق اية مصلحة فلسطينية، بقدر ما يريد الهيمنة والسيادة والسيطرة الاستحواذية، فهل تعي "فصائل طهران" هذه الحقيقة وتدرك حجم هذه المخاطر التي يؤلفها التدخل الايراني ..؟؟
أخطر من ذلك ان تأليف سلطة داخل السلطة في ساحتنا الفلسطينية، مع وجود الاحتلال الاسرائيلي، انما هي وصفة لتدمير المشروع الوطني، مشروع الدولة، مشروع الحرية والاستقلال، لأننا في مواجهة الاحتلال وفي النضال الوطني لدحره، لا نحتمل تنازعا في القرارات الاستراتيجية، ولا مغامرة في المصالح الوطنية العليا، ودون سلطة واحدة وادارة واحدة وسلاح واحد، لن تكون مواجهتنا للاحتلال، مواجهة مجدية، وقادرة على تحقيق كامل اهدافها العادلة.
ان اية علاقات لفصائل العمل الوطني، مع المحيط الاقليمي ما لم تنطلق من قاعدة الوحدة الوطنية، والقرار الوطني المستقل، بمواقفه الراعية للمصالح الوطنية العليا، لن تكون سوى علاقات التابع للمتبوع على اقل تقدير، ولا تابع بوسعه ان يقرر موقفا بهذا الاتجاه اوذاك، ما لم يكن اتجاها يخدم مصالح المتبوع "السيد" الممول سياسة ومواقف واموالا ...!!
إن استقالة الحريري هي استقالة تعليق الجرس، وقد علق برقبة "دهقان" الذي بتنا نعرف تماما من تصريحاته الوقحة، من هو المتربص بمستقبل هذه الامة ودولها، كي تكون مجرد نقاط في خارطة الامبراطورية الفارسية ..!!