مصر العزيمة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
أفزعتنا وروعتنا العملية الارهابية الاجرامية ضد مسجد الروضة شمال سيناء، عصرت قلوبنا وادمعتها ألما وتفجعا ، لا لعدد الضحايا الشهداء الذين سقطوا بسببها، وجميعهم كانوا في الصلاة الجامعة فحسب، وإنما لأنها أيضا ضربت أبسط القيم الدينية والاخلاقية والإنسانية، وجعلت من الجريمة بأحط وابشع صورها عنوانا للوضع العربي الراهن...!! أكثر من ثلاثمئة شهيد سقطوا بضربة كراهية وجهل وتطرف وعمى واحدة ..!! لصالح من جريمة من هذا النوع والمستوى، إن لم تكن لصالح أعداء سماحة الإسلام ووسطيته الرشيدة أولا، ولصالح اعداء الأمة العربية ثانيا وثالثا وعاشرا، الاعداء الذين لا يريدون لها مستقبلا كريما بين الامم، أصحاب مخططات التدمير والتقسيم والشرذمة والعدمية، الذين يرون في مصر العروبة حصنا وعاصمة لعرب النهضة والتفتح، وحاضنة لمشاريع المستقبل، فيتوهمون انهم بجريمة الارهاب، سينالون من عزمها في حربها العادلة ضد الارهاب والتي تواصلها اليوم نيابة عن العالم أجمع .
نعم لصالح من يذبح الاسلام بأبنائه وهم على سجادة الصلاة، على هذا النحو الفاحش العنيف ..؟؟ ليس هذا سؤالا بقدر ما هو تأكيد على ارتباط جماعات الارهاب الدموية بمخططات اعداء الامة، بل وعمالتهم لأصحاب هذه المخططات الذين هيأوا لجرائم الارهاب، وإشاعة القتل بفضائيات الفتنة والتفريق والتشرذم ...!!!
آن الاوان أن تغلق هذه الفضائيات، أيا كانت هويتها المذهبية، وعلى شركات الأقمار الاصطناعية أن تسقطها من على الهواء، آن الأوان لأن تسقط تجارة الدين، وليسقط شيوخ الفتاوى الحزبية، ليسقط شيوخ اللعن والتكفير، شيوخ دعاة الحروب الطائفية...هذا دمنا الذي يسفك بلا هوادة، مسلمون، سنة وشيعة، ومسيحيون، شرقيون وغربيون، على حد سواء، والقتلة هم القتلة انفسهم : الضالون المجرمون العملاء، خونة الدين والأمة .
آن الأوان أن تجتمع الأمة على كلمة واحدة، وأن تقف جميعها وقفة رجل واحد، إلى جانب مصر العزيمة، مصر العروبة، وآن الأوان لرد أموال الخطيئة إلى نحرها، وهي التي تجاوزت كل حدود الدم الواحد واعتدت عليها ...!! إنها المجزرة التي يريدها الارهاب مصيرا لنا وتاريخا أسود لهذه الامة...!! غير أن هذا لن يكون ابدا، فمصر باهلها وجيشها وقيادتها على خط المواجهة الاول، تقاتل بروح المستقبل الذي هو روح النصر لا محالة، وتقاتل بمجد تاريخها وحضارتها، وشاعرها حافظ إبراهيم قد قال قبل قرن من الزمان " كم بغت دولة عليّ وجارت /ثم زالت وتلك عقبى التحدي " ولا شك أنها تقاتل ايضا بروح الامة واصالتها، وفي الطليعة منها روح فلسطين وموقفها، دولة وشعبا وقيادة، وتاريخا نضاليا يدرك حتمية المصير الواحد. نحن سننتصر والإرهاب حتما إلى هزيمة شاملة، إن لم يكن اليوم فغدا، ومصر هي التي تقول الآن ونحن معها : إن غدا لناظره قريب .