شهيد الأرض
زهران معالي
كعادته، منذ ساعات الصباح، ذهب المزارع محمود زعل عودة (46 عاما)، برفقة زوجته وأبنائه لحراثة أرضه وتقليم أشجارها، في منطقة رأس الخيل في بلدة قصرة جنوب نابلس، والتي دافع عنها من اعتداءات المستوطنين المتكررة حتى باغتته رصاصة مستوطن حاقد ظهر اليوم الخميس.
عودة المعروف في بلدته بحبه للأرض وتعلقه بها، فهو الذي أمضى سنين عمره في فلاحة الأرض وحمايتها من اعتداءات المستوطنين، أب لسبعة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر ستة عشر عاما، حاول طرد قرابة 20 من فتية المستوطنين من أرضه، فباغته أحد الحاخامات الذي كان يرافقهم برصاصة استقرت في صدره، واستشهد على إثرها.
يقول عضو بلدية قصرة عماد جميل لـ"وفا"، إن 20 مستوطنا من مستوطنة "ياش كود"، هاجموا عودة في أرضه بمنطقة رأس الخيل، وحاول صدهم برفقة عائلته التي اضطرت للهرب عند رؤية المستوطنين، إلا أن حاخاما كبيرا معروفا بجرائمه واعتداءاته المتكررة على البلدة، أطلق الرصاص الحي عليه، حيث اخترقت الرصاصة صدره وخرجت من ظهره.
أهالي البلدة الذي هبوا لنجدة عودة وحاولوا إنقاذه ونقله للمستشفى، وجدوا منعا من قبل قوات الاحتلال التي احتجزته لمدة نصف ساعة على حاجز زعترة حتى تأكدت من استشهاده، فسمحت لهم بالمرور. ولم تتوقف الجريمة هنا حيث اعترض طريقهم الارتباط العسكري الإسرائيلي على حاجز حوارة، وأخذ جثمان الشهيد لمعسكر حوارة، حيث مازال محتجزا حتى اللحظة.
وأشار جميل إلى أن المستوطنين القتلة بعد أن نفذوا جريمتهم لجأوا لمغارة قريبة، حيث حاصرهم الأهالي هناك، إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطبقوا حصارا على البلدة، ونقلوا المستوطنين بحافلات لمستوطنتهم.
وأكد جميل أن "المستوطنة تبعد ما يقارب 15كم عن أرض عودة، حيث تسلل المستوطنون للمنطقة القريبة من منازل المواطنين لهدف واضح وهو القتل".
ولم تكن جريمة قتل عودة الأولى لهؤلاء المستوطنين، فقد أعدموا عام 2011 الشاب عصام بدران تحت حماية وحراسة من قوات الاحتلال، كما تشهد أراضي البلدة وأشجارها على أيديهم الملطخة بالإجرام وحرق الأشجار وتقطيعها.
ونوه جميل، إلى أن الشهيد عودة بنى قبل سنوات منزلا زراعيا صغيرا في أرضه البالغة مساحتها سبعة دونمات، وأنه تلقى أكثر من مرة تهديدات بهدمه، كما تعرض لعدة اعتداءات من المستوطنين أثناء عمله في أرضه.
وشهدت بلدة قصرة مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال منذ لحظة إعلان استشهاد عودة، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، حيث أصيب الشاب فايز فتحي حسن بالرصاص الحي في قدمه، وتم نقله لمستشفى رفيديا لتلقي العلاج، فيما أصيب آخرون بالاختناق.
كما شن مجموعة من المستوطنين بعد ساعات من جريمتهم في قصرة، هجوما على منازل المواطنين في بلدة عصيرة القبلية جنوب نابلس بحراسة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين.
وأكد مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في محافظة نابلس أحمد جبريل لـ"وفا"، أن الطواقم لم تستطع الوصول لجثمان الشهيد عودة، مشيرا إلى أن الاحتلال أبلغهم أنه سيسلم الجثمان، لكنه لم يحدد موعدا.