الكذبة الكبرى
محمد علي طه
لا توجد كذبة في الإعلام الإسرائيلي تفوق كذبة "القدس الموحدة"، ولو كانت موحدة لما اغتصبوا هذا النعت وألصقوه عنوة بزهرة المدائن.
كذبة يرددها الساسة من الشمال ومن الجنوب، ويرددها الإعلام الحر والمجند، ولا أحد يصدقها.
حاول رؤساء البلدية من تيدي كوليك حتى نير بركات مدعومين من رؤساء الحكومات ومن الوزراء الاعتداء على عذرية المدينة فزرعوا فيها الأبراج التي لم تجد لها مكانا في جمال المدينة.
حاربوا أسماء أحيائها وحاولوا عبرنتها ولكن حي المصرارة أبى، وحي الطور رفض واما جبل المكبر فما زال الفاروق يطل من على سفحه ممتطيا جمله.
ما زالت مداميك القدس تحمل انفاس معاوية والوليد والمأمون وعبد القادر وفيصل.
وما زالت المقاهي القديمة تروي طرائف النشاشيبي والحسيني والخالدي وغيرهم من المبدعين.
سوق القدس عربية. وكنائس القدس ومساجدها تتكلم العربية الفصحى.
هذه المدينة تأبى أن تكون مغتصبة.
من قال إن القدس موحدة؟
لكم أورشليم ولنا القدس.
لا أشكول ولا بيغن ولا رابين ولا شامير ولا باراك ولا بيبي استطاعوا توحيدها.
القدس مدينة ترفض زواج "المغتصبة"!
يا سبحان الله. لا شريط حدوديا يفصل بين الشرق وبين الغرب ولا جدار فصل من الاسمنت المسلح. ولا خندق. وتقود سيارتك قادما من باب الواد، من أبو غوش، وتدخل القدس الغربية وتسير فتجد نفسك أمام جدار سماوي يقول لك: هنا تبدأ القدس العربية.. ويتغير الهواء ويهب نسيم معطر بعبير التاريخ وتقول عندئذ: ما أحمق هذا الرجل الذي اسمه ترامب!
قبل سنوات زارني د. جمال الأسدي، المحاضر في دار المعلمين في سخنين والذي ترجم مجموعتي القصصية "وردة لعيني حفيظة" إلى اللغة الانجليزية ترافقه الكاتبة الأميركية د. مارتا مودي وابنها الصغير، يومئذ، وفي أثناء تناولنا طعام الغداء قلت: اظن أن الرئيس جورج بوش الابن أغبى رئيس عرفته أميركا. توقف ابن الكاتبة عن تناول طعامه وحدق بي مدهوشا ثم قال لأمه: أنا ألعب مع أترابي في ساحة المدرسة لعبة الرئيس الغبي بوش!
ماذا يلعب أطفال أميركا اليوم؟