«تكية» مشعل تكشف عورة الاخوان- عادل عبد الرحمن
قبل ايام قليلة قام السيد خالد مشعل بزيارة طارئة للقاهرة التقى خلالها الامين العام لجامعة الدول العربية، الذي اعلن (نبيل العربي) انه حمل مشعل رسالة للنظام السوري بشان التداعيات الجارية في سوريا نتاج الثورة، ومطالبته النظام بالمزيد من التعاون مع الجامعة العربية. وفي السياق اكد ابو الوليد في ذات المؤتمر الصحفي، انه وحركته بذلوا جهودا كبيرة ومضنية لايجاد حل للمسألة السورية .
الدور الذي لعبه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الشأن الداخلي السوري، يكشف عورة تنظيم حركة الاخوان المسلمين العالمي، الذي حدد موقفا واضحا ضد النظام السياسي السوري، ليس هذا فحسب، بل ان فرع التنظيم في سوريا جزء لا يتجزأ من قوى الثورة، وهو شريك في المجلس الانتقالي للثورة السورية. وكما يعلم الجميع وفق اللوائح الداخلية لتنظيم حركة الاخوان المسلمين، قرارات التنظيم العالمي ملزمة لكافة الفروع، ولا يجوز الحياد عنها. ومع ذلك سمحت حركة الاخوان للسيد خالد مشعل بلعب دور الوسيط لانقاذ النظام السوري، تحت ذريعة «إيقاف نزيف الدم». وهو ما يكشف تواطأ وتلاعب حركة الاخوان المسلمين الدولية بمصير الثورة الشعبية السورية. فمن جهة هي مع قوى الثورة، من خلال فرعها السوري، ومن جهة اخرى هي تتساوق مع النظام على حساب الثورة والشعب السوري، من خلال الدور الذي يلعبه خالد مشعل، وفرعها في فلسطين، لحماية رأس قيادة حماس.
الأهم من ذلك, ان دخول خالد مشعل في الشأن الداخلي السوري، هو امر مرفوض فلسطينيا. لأن السياسة الفلسطينية الرسمية تؤكد ومنذ بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة وخاصة بعد العام 1967 عدم التدخل في الشؤون الداخلية العربية. وهذا المبدأ الناظم للعلاقات الفلسطينية - العربية لا يعني ان الفلسطينيين ليسوا معنيين بالتطورات والاحداث العربية. ولكن القيادة الفلسطينية تحرص على الابتعاد عن التجاذبات العربية الداخلية في هذا النظام او ذاك او العربية - العربية، لأن الشعب العربي الفلسطيني دفع ثمنا باهظا نتيجة بعض السياسات الخاطئة في هذا الشأن، إن كان في الكويت او لبنان او العراق او غيرها. وبعض الأنظمة العربية ينتظر فرصة ما لتدخل فلسطيني ما في هذا الشأن او ذاك ليحمل الفلسطينيين المسؤولية عما يحدث في البلد، ومن ثم يقوم بعملية طرد اللاجئين الفلسطينيين من البلد. واحيانا دون سبب يتم افتعال معركة ما مع الفلسطينيين لارتكاب جريمة طرد الفلسطينيين كما فعل العقيد القذافي, الرئيس الليبي السابق اكثر من مرة مع ابناء الشعب الفلسطيني، لاسيما وان الانظمة العربية، تعتبر الشعب الفلسطيني شماعة لتعلق عليها افلاسها وبؤسها السياسي.
الدم السوري دم عربي عزيز وغال على ابناء الشعب الفلسطيني، ليس فقط لأنهم جزء اصيل من الامة العربية، انما لأن الشعبين العربيين السوري والفلسطيني ومعهما شعبا لبنان والاردن، هم جميعا بمثابة شعب واحد (شعب بلاد الشام). ومع ذلك ليس من حق ولا من مصلحة حركة حماس، ولا من مصلحة الشعب الفلسطيني التدخل في الشأن السوري. والشعب السوري صاحب الثورة العظيمة لا يبارك هذا التدخل، ويرفضه رفضا صريحا وجليا. إذاً لماذا التدخل؟ من الذي طلب من حركة حماس التدخل في الشأن السوري؟ وألا يكشف ذلك انتهازية حركة حماس وحركة الاخوان المسلمين تجاه القضايا العربية؟
كما ان تصرف حماس، ليس شأنا حمساويا خاصا، لأن النتائج العبثية، الناجمة عن خطوة ابو الوليد، لا تقتصر عند حدود حركة حماس ووجودها في سوريا بل تطال علاقة الشعب العربي الفلسطيني مع الشعب والثورة السورية، التي حسمت خيارها وقرارها باسقاط النظام الاسدي. وهذا قرار الشعب وقواه الحية. وعلى جميع القوى الالتزام بما تريده وتسعى اليه الشعوب هنا او هناك. لان لغة العواطف الكاذبة مثل الحرص على الدم السوري، والخشية من التداعيات الداخلية، امست بضاعة فاسدة ومرفوضة.
والدرس المهم بالنسبة لقوى الثورة السورية مجتمعة في الداخل والخارج، هو الانتباه للعبة الخطرة، التي ينفذها تنظيم حركة الاخوان المسلمين، الذي يضع رجلا في البور ورجلا في الفلاحة، فإن نجحت الثورة، فهاهم جزء من الثورة، وان فشلت فهاهم كانوا وسطاء ولم يكونوا مع الثورة.
مع ذلك وحرصا على عدم تفتيت جهد قوى الثورة السورية، المطلوب من قوى الثورة مطالبة تنظيم الاخوان فرع سوريا بالزام حركة حماس بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري. فإما ان تصمت او تكف عن التدخل من قريب او بعيد في ما يجري داخل سوريا. وعلى خالد مشعل ان يحفظ ماء وجهه وان يكف عن التدخل، وعلى امين عام الجامعة العربية، السيد نبيل العربي, عدم الزج بالفلسطينيين لا خالد مشعل ولا غيره بالشؤون الداخلية العربية، لحماية الفلسطينيين من اية تداعيات راهنة او مستقبلية قد تمس بمستقبل الوجود الفلسطيني في هذا القطر العربي او ذاك.