"ماجدة العوا"
عيسى عبد الحفيظ
فارقتنا مؤخراً أثناء زيارتها للاطمئنان على ابنتها المقيمة في الامارات العربية المتحدة، مصرية الجنسية فلسطينية الهوى والالتزام السيدة ماجدة احمد سعيد العوا ابنة الاسكندرية التي تستحم بمياه المتوسط، صاحبة التاريخ العريق منذ العهد الروماني ومن أجمل المدن المصرية بل ومن أجمل المدن التي تجاور البحر المتوسط.
السيدة ماجدة العوا من مواليد عام 1948م، في الاسكندرية تنحدر عائلتها من جذور سورية، شقيقها من كبار المستشارين القانونيين في جمهورية مصر العربية، وقعت في عشق فلسطين الذي لا يقاوم، فاقترنت بزميلها في الدراسة الأخ المناضل فايز شراب من خان يونس الذي حضر إلى هناك لإتمام دراسته في القانون وكانت هي زميلته في الدفعة، فكان النصيب واقترن بها ثم غادرا معاً إلى الجزائر ليعملا في سلك التعليم.
رزقت منه بأربعة ابناء، ثلاث من البنات وصبي واحد يعمل الآن في قنصلية فلسطين في الاسكندرية.
عند العودة عمل زوجها مستشاراً في وزارة العدل وعملت هي أيضاً مع وزير العدل السابق الأخ فريح أبو مدين وكانت غزة هي المدينة التي استقرت العائلة بها.
حضرت إلى الجزائر في بداية السبعينيات وكانت مثال المرأة الواعية وطنياً، الملتزمة اخلاقياً، الودودة والاجتماعية مع كل أبناء الجالية الفلسطينية هناك، إذ ندر ان تتخلف عن المشاركة في أي نشاط سياسي أو وطني او اجتماعي. مضيافة في بيتها بشوشة بوجه كل الضيوف وما أكثرهم نظراً لتشعب واتساع علاقات زوجها مع الآخرين سواء التنظيمية او الوطنية أو الاجتماعية. غاية في الكرم وسخاء اليد إذ كان من النادر أن يدخل أحد بيتهم ويخرج دون غداء أو عشاء، ماهرة بالطبخ إلى درجة تثير الاعجاب صاحبة ذوق رفيع رغم بساطة البيت فقد كانت تضفي عليه بلمستها الانسانية أجمل الصور والذكريات انخرطت واندمجت بالعمل الفلسطيني الوطني من المشاركة في كل الفعاليات وما أكثرها في بلد كالجزائر كانت وما زالت لا تبخل بالعطاء بل وبالدعم وبالمشاركة لأي عمل وطني خاصة إذا تعلق الأمر بفلسطين.
حسب علمي لم يصل مسؤول فلسطيني إلى الجزائر الا وتمت دعوته إلى بيت فايز شراب (أبو محمد) لتقوم أم محمد زوجته بالواجب كما ينبغي وأكثر خاصة عندما حضر أسرى أنصار المحررون والمحررات إلى الجزائر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1983م.
لم تكن تستطيع تفريقها عن الأخريات الا بلهجتها والمشاعر والأحاسيس كذلك.
ذهبت أم محمد وبقيت ذكراها في السجل الفلسطيني سورية الأصل، مصرية المنشأ والجنسية، فلسطينية الهوى والانتماء. هكذا هي فلسطين توحد ولا تفرق تجمع ولا تشتت.
الفكرة هي الأصل وكما قال شاعرنا الخالد محمود درويش.
ما أصغر الدولة!
ما أكبر الفكرة!