صلابة الزعيم .. صناعة التاريخ
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لا تمكن صناعة التاريخ وعلى نحو ما تريد الارادات الحرة، ارادات الحق والعدل والسلام، بالامتثال لمشيئة الاملاءات ايا كانت طبيعتها، وانما بالاعتراض عليها وتحديها ومواجهتها، وهذا ما فعله الرئيس الزعيم ابو مازن بمنتهى القوة والوضوح حين أشهر اللا الفلسطينية الكبرى، بوجه الادارة الاميركية ضد انحيازها الظالم الى جانب الاحتلال الاسرائيلي، في اعتراض هو الاشجع على الاطلاق في عالم السياسة اليوم، والاشجع كوقفة فارس وحيدا في ساحة المعركة، ضد غوغاء الغطرسة والقوة العدوانية، من اجل تاريخ يتألق بالمجد والبطولة.
هذا ما جعل مثلا مندوبة الولايات المتحدة، في المنظمة الاممية، تهذي بكلام لا يليق بدولة تقول انها الاقوى في هذا العالم، بقدر ما هو كلام انفعالي ومرتبك وبالغ التوتر، بل وخال من الكياسة والأدب والتعقل تماما..!! ما ثمة مبالغة في هذا التوصيف لهذا الكلام الذي انطوى ايضا على ترديد التهديدات الخائبة ذاتها ضد الرئيس الزعيم ابو مازن، الذي لم يلتفت لها ابدا، وما هزت يوما شعرة في مفرقه الابيض، وقد اعاد مرة اخرى وفي مجلس الامن الدولي، وعلى مسمع مندوبة الولايات المتحدة، اعاد اشهار اللا الفلسطينية الكبرى، وهذه المرة برؤيتها المفصلة لصواب عملية السلام، ان تكون دون استفراد الولايات المتحدة بهذه العملية، وبآليات العمل الدولي استنادا الى قرارات الشرعية الدولية، ووفق صيغة تطور اللجنة الرباعية ان تكون زائد واحد او اثنين او ما يشاء لها المجتمع الدولي من عدد واقعي وعملي، في اطار يلزم احترام قراراته وتنفيذ ارادته.
ولعلها نصيحة، ضرورة ان تدرك الادارة الاميركية جيدا، حقيقة ما قاله الرئيس الزعيم ابو مازن في مجلس الامن الدولي "اننا نملك الشجاعة الكاملة لنقول نعم، والشجاعة الكاملة لنقول لا"، ما من تهديدات بوسعها ان تلغي هذه الحقيقة، وادراكها ربما سيوفر على هذه الادارة، جهد العبث الذي لا طائل من ورائه الذي تواصله دون حسابات الدولة العظمى، وبامتثالها المعيب لأهداف ورغبات العمل الصهيوني الاستعمارية الاستيطانية، والمناهضة لأبسط قيم الحق والعدل والسلام..!!
نملك الشجاعة الكاملة لقول الكلمتين، نعم حين تبدأ عملية السلام السير في طريقها الصحيحة، ولا حين يراد منا الخنوع والامتثال الذي لا يخلف غير الهزيمة بخزيها وعارها، (نعم) في اوانها، و (لا) في مقامها، لأننا نحن من يصنع التاريخ في هذه المنطقة، لنا بوقفة الرئيس الزعيم المبدئية بروحها الوطنية والنضالية، شجاعة الاعتراض، ضد أية املاءات كانت، ولنا بمصداقيته وحكمته وقوة حضوره، شجاعة القبول، للتفاوض الذي يقود حقا لتحقيق السلام العادل، سلام فلسطين ودولتها الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
نملك الشجاعة ونملك الارادة والقرار، ارادة شعبنا وقراره ان لا تراجع عن هدف الحرية والاستقلال، ولا مساومة على هذا الهدف، ولا بد ان نكشف هنا ان الرئيس الزعيم ابو مازن تعرض من لحظة وصوله نيويورك وحتى قبيل القائه لخطاب الرؤية الفلسطينية للسلام العادل، امام مجلس الامن الدولي الى حملة ضغوط منوعة استهدفت حمله على التراجع عن موقف الرفض الوطني الفلسطيني للتفرد الاميركي في العملية السياسية، واستمرت الحملة حتى بعد القائه لخطاب الرؤية، ومنها التسريبات الاعلامية عن اضطراب صحته، كمثل تهديد بالتصفية الجسدية ..!! التهديد الذي تلقفه البعض بتسرع الحماقة ووهم اقتناص اللحظة، ومنهم مثلا "عصافير" الاحتلال، الذين هللوا للخبر المفبرك وطاروا به فرحا!!! ومعهم مع الاسف الشديد الحمساوي اسامة حمدان، الذي اعلن بعد خطاب الرؤية ان "حماس تستعد لمرحلة ما بعد الرئيس عباس (..!!) ولحمدان و"حماسه" نقول: لا مرحلة للرئيس الزعيم ابو مازن، بل هو زمن حركة التحرر الوطني الفلسطيني، الذي لن ينتهي بغير تحقيق اهداف مشروعها التحرري، مشروع الحرية والاستقلال، لا بديل عن هذا الزمن وهذه الحركة بقائدها الرئيس ابو مازن، لا بديل ايا كان، ومهما كان مستعدا للتخاذل والمساومة، ولا صفقة للقرن غير صفقة الرؤية الفلسطينية، وسواها ليس غير مخطط تصفية بإمارة "ترامبستان" الاداة والمسخرة، اما الحال عند الرئيس الزعيم فهو بالقطع يا جبل ما يهزك ريح.