شاهر سعد: 400 ألف عاطل عن العمل معظمهم من الخريجين
- 320 ألف أسرة فلسطينية تعيش تحت خط الفقر
القدس عاصمة فلسطين / بيت لحم 1-5-2018 - عنان شحادة
قال أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، إن 400 ألف عاطل عن العمل في فلسطين، معظمهم من الخريجين، والخريجات، و320 ألف أسرة فلسطينية تعيش تحت خط الفقر الوطني.
وأضاف سعد في حديث خاص لــ"وفا"، لمناسبة عيد العمال، الذي يصادف الأول من أيار، أن 45% من الشباب الفلسطيني لم يحظوا بأي فرصة عمل، و95% من المنشآت الاقتصادية في الضفة وغزة فاقدة للقدرات التشغيلية الحقيقية.
وبالنسبة لعدد العمال في فلسطين، قال: يتوزع العمال الفلسطينيين داخل الوطن إلى قطاعين رئيسيين، هما: القطاع العام: ويعمل فيه 150 الف موظف وعامل، ويعد هؤلاء عمال وموظفين نظامين ومحمين بموجب القانون الفلسطيني، القطاع الخاص: ويعمل فيه 200 ألف موظف وموظفة، ويعانون من مشكلات عديدة، ومنها: عدم تلقيهم الأجر العادل، وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم.
كما يعمل في سوق العمل الإسرائيلي والمستعمرات الإسرائيلية، حوالي 150 ألف عامل وعاملة، موزعين على أربعة فئات هي:
-العاملون في (إسرائيل) بتصاريح عمل نظامية:
ويقدر عددهم حالياً بــ 66 ألف عامل وعاملة يعملون في قطاعات مختلفة (كالبناء، والصناعة، والزراعة، الخدمات العامة).
العاملون في (إسرائيل) بتصاريح عمل تجارية:
ويقدر عددهم بــ 35 ألف عامل وعاملة تقريباً، ويعملون دون أي حقوق ولساعات عمل طويلة، وتقل أجورهم عن الحد الأدنى للأجور الإسرائيلي، وتمارس عليهم عمليات نصب واحتيال كبيرة.
وحول حقوق العمال في إسرائيل، قال: إن دولة الاحتلال تمعن في المس بحقوق العمال الفلسطينيين، ولعل الإصابات الناتجة عن عدم توفر معايير ومستلزمات السلامة والصحة المهنية في ورش العمل الإسرائيلية تتصدر المشهد المأساوي للعمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي، وهو أمر نابع من تعمد أرباب العمل الإسرائيليين عدم الالتزام المسبق بشروط ووسائل الصحة والسلامة المهنية.
وأضاف سعد: رغم ذلك، تمكن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، خلال السنوات القليلة الماضية من تحصيل حقوق أكثر من 6430 عاملا وعاملة، ممن يعملون داخل مدن الضفة الغربية فقط، بمبلغ إجمالي قدره 4 مليون شيقل من أصحاب العمل، وذلك تنفيذاً لاتفاقيات العمل الجماعية، والفردية الموقعة مع العمال، من قبل أرباب العمل.
ومن بين المؤسسات التي تم تحسين أوضاع العمال فيها: محاجر بيت لحم، وبيت فجار، وقباطية، ونابلس، والعديد من المحاجر في الضفة الغربية، والبلديات والمجالس القروية كافةً في الضفة الغربية، مستشفى المطلع والمقاصد والاتحاد، شركة الاتصالات الفلسطينية، وشركات تأمين، ومشاغل خياطة.
وأشار الى انه تم تحصيل حقوق أكثر من 10860 عامل وعاملة ممن يعملون داخل إسرائيل، وأراضي عام 1948، بمبلغ إجمالي قدره 23 مليون شيقل، وتم ربح 5204 قضية عمالية أمام المحاكم الفلسطينية المختصة، وتم تحصيل حقوق وأتعاب عمال ممن يعملون في المناطق الصناعية الحدودية بمبلغ إجمالي قدره 834630 شيقل.
وعرج سعد الى موضوع هام يتعلق بعمليات النصب على العمال في إسرائيل، مؤكدا ان عمليات النصب والاحتيال على العمال لها أوجه يمكن عرضها من خلال ثلاثة مقاطع، وهي:
المقطع الأول: ملاحقة العمال وقتلهم:
شهدت الفترة الأخيرة توحشا إسرائيليا غير مسبوق، سواء من أجهزة المخابرات، أو المشغلين الإسرائيليين، الذي ابتكروا طرق وخدع جديدة من الاستغلال للعمال، وبسبب ذلك يتم القبض على آلاف منهم من قبل جيش الاحتلال، الذي يقوم بإعادة معظمهم إلى الأراضي المحتلة، وقسم آخر تتم محاكمتهم وإيداعهم المعتقلات الإسرائيلية.
وأضاف: طور جيش الاحتلال ومخابرات الاحتلال تشكيلة واسعة من أنماط الاستغلال للتعامل مع العمال الفلسطينيين الذين يتم القبض عليهم، ومن تلك الأساليب: مساومتهم بالحصول على تصريح الدخول لإسرائيل، مقابل التعاون معهم.
كما تنطوي الأساليب نفسها على الإهانة الشديدة، والمعاملة الفظة، وغالبية العمال الفلسطينيين يقعون ضحية للعنف، والتنكيل الشديد، من جانب رجال الشرطة والجنود، الذي يصل أحياناً إلى درجة القتل العمد.
وأشار إلى وجود مئات الشهادات الحية المشفوعة بالقسم التي توثق هذه الجرائم، يضاف إلى ذلك استغلال المشغلون الإسرائيليون ضائقة العمال الفلسطينيين، وخاصة الذين لا يملكون تصاريح للتواجد في إسرائيل، فيتم تشغيلهم مقابل أجر زهيد، وبظروف صعبة، تنحدر لمستوى العبودية، وذلك بعد حرمانهم من الحقوق التي يستحقونها حسب القانون الإسرائيلي، وفي مقدمتها، حق الحصول على التأمين الصحي، والتزود بمعدات، ووسائل السلامة، والصحة المهنية خلال العمل.
المقطع الثاني: بيع تصاريح الدخول إلى إسرائيل من قبل السماسرة
وهي أذون عبور لإسرائيل متاحة أصلاً بالمجان، لكن تواطؤ الحكومة الإسرائيلية ومنحها صلاحية استصدارها لرجال أعمال وضباط مخابرات إسرائيليين، جعل منها ظاهرة مشبوهة تنمو خارج نطاق القانون وخارج الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
لهذا استفحلت تلك الظاهرة وتحولت إلى علقة متوحشة تمتص دماء العمال؛ وتستنزف أجورهم، أمام ذلك عمق الاتحاد من مشاوراته مع الشركاء المحليين، والدوليين، لإيجاد طرق منتجة تسهم في اجتثاثها، وهو ما تم التباحث حوله مع مدير عام منظمة العمل الدولية "جي رايدر" في زيارته لفلسطين الشهر الماضي، وما طرحناه من قبل أمام بعثة تقصي الحقائق الأممية، للضغط على الجانب الإسرائيلي الذي يصدر تلك التصاريح، ويمنحها لرجال أعمال إسرائيليين، ورجال مخابرات إسرائيليين والعاملين معهم من الجانب الفلسطيني، وجميعهم يشكلون منبع الظاهرة.
واكد سعد "أن ما يحدث يعد انتهاكاً خطيراً لحقوق العمال بتواطؤ حكومي إسرائيلي تام، لأنها تتلاعب بالاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومنها اتفاقية "باريس" التي حددت مرجعية دخول وخروج العمال من وإلى إسرائيل بمكاتب الاستخدام الإسرائيلية والفلسطينية".
المقطع الثالث: ملاحقة العمال وقتلهم
تسبب العنف الإسرائيلي خلال الاعوام الثلاثة الماضية بقتل وجرح آلاف الفلسطينيين، منهم (250) شهيدا وشهيدة سقطوا بالرصاص الإسرائيلي الحي، منذ 4 تشرين الأول 2015 إلى الآن، كما قام جيش الاحتلال باعتقال 1000 عامل وعاملة منذ ذلك الوقت أيضاً.
الأمر الذي تسبب بحرمان آلاف العمال من حق الوصول الآمن والحر إلى أماكن عملهم، ولم يكن لذلك أن يحدث لولا حملة التحريض التي يقودها الكنيست الإسرائيلية، الذي شَرعت منع دخول العمال الفلسطينيين لإسرائيل بتاريخ 15 آذار 2016، ومن قبله قامت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بإدخال تعديلات خطيرة على قواعد وشروط استخدام السلاح وإطلاق النار من قبل الإسرائيليين (مستوطنين وجنود وشرطة وحرس حدود) حيث سمحت لهم بإطلاق الذخيرة الحية على الفلسطينيين، بصرف النظر عن أعمارهم، وجنسهم، وهويتهم، سواء أكانوا نساء، أو أطفالا، أو شيوخا، أو عمالا، أو طلاب مدارس.
وبسؤاله حول قيمة الخسائر التي لحقت بقطاع العمال جراء سياسة الاحتلال، أجاب بالقول: إن رزمة الإجراءات الإسرائيلية المستعرضة أعلاه الهادفة إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني، وتعميق تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة، في عام 2017 بنسبة 0.55%.
ويدخل في هذه النسبة تراجع قدره 16.2% في قطاع غزة، ونسبة نمو تقدر بـ 6.1% في الضفة الغربية، وتبعا لذلك فقد انكمش نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 30%، بالمقابل ارتفع معدل دخل الفرد الإسرائيلي السنوي بنسبة 25% عن نظيره الفلسطيني.
حدث ذلك كتحصيل حاصل لشيوع ظاهرة البطالة؛ التي تجاوزت حد الـ 37% مع نهاية الربع الأول من عام 2018، وهذا يعني بأن هناك (400,000) ألف عامل وعامله بلا عمل، 40% منهم من فئة الشباب، ممن تتراوح أعمارهم بين (15-29)، 12% منهم التحقوا بسوق العمل الإسرائيلي وداخل المستعمرات الإسرائيلية للأسف الشديد؛ وهذا يعني أيضاً بأن ربع الشعب الفلسطيني يكابدون القهر والعذاب يومياً.
أما بخصوص عمالة الأطفال، والحد منها، قال: قد يكون من غير المعروف لعامة الناس أن آلاف الأطفال الفلسطينيين يتركون مقاعد دراستهم سنوياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، ليلتحقوا بسوق العمل المحلي، في محاولة خاطئة منهم لمساعدة ذويهم على مواجهة تحديات الفقر، لهذا يقوم الاتحاد بالتعاون مع جهات الاختصاص بمحاربة هذه الظاهرة، وقمنا العام الماضي بإنتاج فلم وثائقي بعنوان "الطريق الخطأ" عن هذا الموضوع تم عرضه من خلال تلفزيون فلسطين، كما سنواصل تعميق خططنا في هذا المضمار، حتى يتم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة.