نحو تطبيق فاعل لقوانين أسواق المال في الواقع العملي
بقلم: المحامي د. إيهاب عمرو
لا شك أن أسواق المال في العالم بشكل عام، وفي العالم العربي بشكل خاص، تمثل انعكاساً لقطاعات اقتصادية وتجارية ومالية هامة على مستوى الإقليم وعلى مستوى العالم ما يبرز الحاجة إلى حماية المتعاملين داخل السوق، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، من أية ممارسات غير قانونية من شأنها أن تضر بمصالحهم كالتداول من الداخل، والغش والخداع والاحتيال، والتلاعب في السوق المالية، والتقصير من قبل بعض سماسرة السوق المالية الذين يقومون في بعض الحالات بتزويد المستثمرين بمعلومات مضللة، أو لا يقومون في حالات أخرى بتزويد المستثمرين بمعلومات وافية حول السوق والشركات العاملة فيه وأوجه الاستثمار الفضلى، والذين قد يكون همهم الأوحد في كلتا الحالتين تحقيق الربح حتى على حساب الإضرار بالمستثمرين الآخرين والإضرار بسمعة السوق المالي كذلك ما قد يؤثر على الاقتصاد الوطني لاحقاً والاقتصاد العالمي برمته.
وكل ما سبق من أسباب وجيهة يبرز الحاجة إلى قوانين أسواق المال في الواقع العملي، خصوصاً في العالم العربي، والحاجة إلى تطبيقها عملياً ما يضمن حماية المتداولين "المتعاملين" داخل السوق سواء كانوا من المواطنين أو من المستثمرين الأجانب. ويكون ذلك من خلال أدوات تشريعية متنوعة كتشريعات عادية (قوانين) خاصة بتنظيم سوق المال أو تشريعات ثانوية كاللوائح التنفيذية التي تقوم بتفصيل كافة الجزئيات والتفصيلات ذات العلاقة بالقانون الموضوعي، ونقصد هنا قانون سوق المال. إضافة إلى قوانين أخرى ذات علاقة كقانون الشركات التجارية. ومن ذلك مثلاً قانون سوق المال العماني لعام 1998 المعدل في العام 2002 واللائحة التنفيذية الصادرة عن هيئة سوق المال لعام 2009، ناهيك عن لائحة تنظيم المقاصة والتسوية التي تم اعتمادها بعد تحويل مهام المقاصة والتسوية من سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مسقط للمقاصة والإيداع. إضافة إلى قانون الشركات التجارية العماني لعام 1974.
ومعلوم بالضرورة أن الشركات التي يمكنها طرح أسهمها للاكتتاب العام من قبل الجمهور إنما هي الشركات المساهمة العامة التي يجب عليها أن تلتزم بالأسس والمعايير والواجبات المنصوص عليها قانوناً وأهمها قيام الشركة التي ترغب بطرح أسهمها للاكتتاب العام بإصدار نشرة إصدار خاصة بالاكتتاب وفق المتطلبات القانونية لسوق مسقط للأوراق المالية قبل نشر الإعلان الخاص بالاكتتاب في الصحف اليومية ولمرتين متتاليين، شريطة أن يتضمن إعلان الاكتتاب كافة المعلومات ذات العلاقة مثل إسم الشركة ومركز عملها الرئيسي وغاياتها ومدتها، وتاريخ القرار المرخص بتأسيس الشركة، ورأس مال الشركة وعدد الأسهم وقيمتها الإسمية، وأسماء الشركاء المؤسسين وجنسياتهم وعنوان وجنسية كل منهم وعدد الأسهم المكتتب بها من قبلهم كون أن المؤسسين وفقاً لغالبية القوانين ذات العلاقة يتعين عليهم ان يكتتبوا بنسب معينة من رأس مال الشركة قبل طرح الباقي للاكتتاب العام منها القانون الأردني والقانون العماني الذي ينص على ضرورة قيام الشركاء المؤسسين بالاكتتاب بما لا يقل عن 30% وبما لا يتجاوز 60% من العدد الإجمالي للأسهم المطروحة للاكتتاب. ويجب أن يتضمن إعلان الاكتتاب أيضاً عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب وقيمتها الإسمية وكيفية تسديدها ومصاريف الإصدار، والمصارف التي يجرها الاكتتاب بها.
ومن نافلة القول، تفرض التشريعات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي شروطاً صارمة على وسطاء "سماسرة" السوق المالي حماية للمستثمرين، ومن ذلك التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا في العام 2004 ويعنى بتنظيم الخدمات الاستثمارية والمالية داخل دول الاتحاد حماية للمستثمرين، خصوصاً صغار المستثمرين منهم، سواء كانوا أفراداً أم شركات، فيما يتعلق بالخدمات الاستثمارية والمالية المقدمة من قبلهم لهؤلاء المستثمرين، ما يشمل خدمات السوق المالي.