متى نطمئن على نجاح الثورات العربية؟؟؟- نبيل عبد الرؤوف البطراوي
سؤال بحاجة إلى التروي في الإجابة منا جميعا وان كان البعض يرى بان النجاح قد تحقق بإسقاط النظام ,في حقيقة الأمر إسقاط النظام نجاح ,ونجاح كبير للغاية ولكن إسقاط النظام بالشكل المجرد لا يعني ألا تغيير أشخاص ,نعم قد تكون هيئاتهم مختلفة وإشكالهم وألوانهم وأمزجتهم لأننا جميعا هتفنا لهذه الثورات ,ولكن بالوقوف لحظة والعودة إلى الماضي والتفكير نجد بان هذه القيادات التي تم إزاحتها هي في الحقيقة نتاج ثورات ضد الاستعمار أو ضد أنظمة ملكية رجعية عفنة هذا هو الوصف التي كنا جميعا نصفها به ,ومع مرور الزمن أصاب هذه الأنظمة التي أتت ألينا بخطاب ثوري نهضوي تعبوي لم تحقق للجماهير التي خرجت لها في أكثر من موقف تطالبها بالبقاء نتيجة نكسات أصابت الأمة من سوء إدارة النظام السياسي ,ولقد امتلكت هذه الأنظمة من الأدوات التي لم يكن يقل صداها عن تلك الأدوات التي امتلكتها الثورات اليوم فمن منا لا يتذكر إذاعة صوت العرب وما كان لها من رونق في أذان المواطن العربي من المحيط إلى الخليج ,ومن لا يتذكر عبد الوهاب وهو يتغني بالمواطن العربي والوطن العربي وفلسطين,وأم كلثوم وهي تلهب عواطف الجماهير العربية بالأغاني الوحدوية والثورية التي كانت تتحدث عن ما يدور في أعماقنا ووجداننا جميعا ,ولكن وبعد التبدل والتغير في زعامات بعض الأنظمة تحولت رموز هذه الثورات وبعض الانتصارات على الساحة العربية إلي نماذج من التفرد والدكتاتورية والتكلس والتحنيط إلى درجة أنهم أوصلوا نتيجة تحول الطبقة المهيمنة على طاقات هذه الأمة إلى تصور بأنهم فراعنة هذا الزمان على الرغم من حالة الهشاشة التي أظهرتهم عليها حالة الحركة التي قامت بها الجماهير العربية في معظم أقطار هذه الثورات ,وهنا أقول بان الغرب بشكل عام وأمريكيا وحليفتهم إسرائيل لا تنظر كثيرا إلى شكل الحاكم العربي ولا إلى لونه ولا إلى عقيدة أو حزبه لان هذه المنظومة تؤمن بلغة واحدة وهدف واحد هو إن تبقى امتنا في ذيل الأمم وان تبقى الأنظمة الجديدة في حالة بعد عن القضية الفلسطينية من الناحية العملية وهذا بالطبع لا يعني تجريد هذه الأنظمة من الشجب والتنديد والاستنكار حينما يتعرض شعبنا لمصيبة أو حصار ولكن يجب إن تقوم هذه الأنظمة بعملية فرملة للقيادة الفلسطينية حينما تفكر في التحرك الجدي نحو المصالح الحقيقة لشعبنا الفلسطيني ,بالطبع كل هؤلاء يعلمون إن هذه الأنظمة الجديدة لن تقبل بان تمارس حالة التعري الفج الذي كانت عليه الأنظمة المبادة لان هذه الأنظمة بحاجة إلى الوقت من اجل إطفاء الحالة الثورية الشعبية اضعف الإيمان , بالطبع هذا الأمر في حالة لم تكن هذه الأنظمة الجديدة والتي يعلم جميعنا بانها نعم خيار جماهيري ولكن نتيجة مجموعة عوامل توفرت لها لأنها بالطبع تمثل شرائح حزبية منظمة منذ زمن بعيد وعايشت الأنظمة المبادة وتعايشت معها ولكنها لم تكن بقادرة على تحريك الجماهير إلى حد إسقاط النظام ولكن وحصل ما حصل من اندلاع الشرارة الأولى من تونس وانتقالها إلى باقي الأقطار وحصلت الانتخابات وكان لهذه الأحزاب الفوز . ما هو المطلوب منها لكي لا نعود بحاجة إلى ثورات جديد بعد فترة زمنية؟ _ اعتماد الديمقراطية كنظام للوصول إلى إدارة الشئون العامة للوطن العربي وفتح المجال للعمل السياسي الحر القائم على الحريات العامة وحرية التعبير بما لا يتعارض مع المصالح العربية العليا والعادات والتقاليد والقيم السائدة في مجتمعاتنا العربية _ اعتماد مبدأ المسائلة والشفافية لمن يصل إلى المواقع العامة وتفعيل قوانين من اين لك هذا _ العمل على التكامل الاقتصادي بين أقطار الوطن العربي بحيث يقل الاعتماد على الغرب وأمريكيا في تلبية حاجات المواطن العربي _النهوض بالصناعات العربية الخفيفة والثقيلة من اجل العمل على إيجاد مجالات عمل لكل الطاقات العربية الرائدة التي لها الباع الواسع في النهضة الصناعية الغربية من خلال سياسة تهجير العقول التي اتبعتها الأنظمة المبادة والعمل على استعادة كل هذه الطاقات من اجل إن تشارك في النهضة الشاملة _فتح الأسواق العربية إمام المنتجات العربية ورفع قيود التنقل ورفع الجمارك إمام أي منتج عربي بحيث يكون له الأولوية في الاستيراد والمبادلة بين أقطار الوطن العربي _ الاهتمام بزراعة العربية بحيث يتم تشكيل حالة اكتفاء ذاتي في الوطن العربي من اجل تحرير لقمة العيش التي هي أساس السيطرة على القرار السياسي _العمل على الظهور كقوة موقف عربي موحد في دعم القضايا العربية في المحافل الدولية من اجل إعادة الهيبة إلى النظام السياسي العربي بالطبع إذا ما عملت هذه الأنظمة الجديدة من اجل الوصول إلى هذه الأهداف وهذا لا يعني بأنه غدا سوف نصل إلى هذا ولكن من الممكن إن تبدأ هذه الأنظمة التي استقرت أقطارها من اجل وضع اللبنات الأولى نحو مشروع عربي مشترك يكون قادر على تحقيق مبدأ الاستغناء عن المعونات الخارجية وتعليمات وترشيدات البنك الدولي الذي هو في الأصل قائم على مجموع الأموال العربية المودعة فيه ومن خلال أموالنا يفرض علينا السياسات التي أبقتنا سنوات طوال ونحن ننتظر قافلة القمح التي من خلالها افقدنا المواطن العربي كرامة فهل تتمكن هذا الأنظمة من العمل على تحرير كرامتنا؟؟؟