ثلاثة أمور لم يتوقعوها
محمد علي طه
ما دام مستر فريدمان في الجيب ومثله الابن البارّ كوشنير، وما دام بنيس ينطق بالهوى، وما دام ترامب رئيسًا يوقّع على الوثيقة ويتفرّج على توقيعه، وما دام نتنياهو "خوش بوش" مع ترامب فلا بدّ أن يعتقد أصغر وزير في حكومة إسرائيل بأنّه يستطيع أن يفعل ما يشاء حتّى لو عارض ذلك بعض قادة العالم وتحفّظ البعض ونَعوَصَ البعض وتصامم البعض فيد إسرائيل طويلة تصل حتّى الفورتي والأتش فور وأم درمان وباب المندب، ولكنّ ثلاثة أمور حدثت في الأسبوع الأخير أكّدت على أنّ القوّة ليست كلّ شيء وأنّ ترامب ليس كلّ شيء والبقاء لله وحده.
أوّلًا: بطش جيش الاحتلال الإسرائيليّ بمسيرات العودة السّلميّة التي ادّعى نتنياهو أنّ هدفها تدمير إسرائيل ذات الجيش الأقوى في الشّرق الأوسط، واعتقد معاليه أنّه باع العالم هذا الحكي إلى أن جاء طفل فلسطينيّ وطيّر طيّارة ورقيّة وقامت القيامة فالطّيران المعجزة لم يستطع إسقاطها والقبّة الحديديّة لم تقوَ على التّصدّي لها، والصّديق يهوشع سوبول الكاتب والمخرج المسرحيّ المعروف يقول بشجاعة في المؤتمر الصّحفيّ الذي أقامه "فوروم الزّيتونة" في بيت الصّحافيّين في تل أبيب: لو كنت طفلًا فلسطينيًّا غزّاويًّا لطيّرتُ الطّائرات الورقيّة واحدة بعد الأخرى. ماذا تتوقّعون من طفل ولد أبواه في سجن وشبّا وتزوّجا في سجن. وأنجباه في سجن. طيري طيري يا طيّارة.
وأما الحدث الثّاني فهو لعبة كرة قدم لا أكثر ولا أقلّ. كان من المفروض أن يتمتّع بها عشّاق الكرة ومؤيّدو فريق الأرجنتين ونجمه الكبير ليونيل ميسي. مباراة ودّيّة عاديّة مثل العشرات التي أجرتها الفرق العالميّة تحضيرًا للمونديال في روسيا ولكنّ ساسة إسرائيل حشروا أنوفهم فيها فنقلوا المباراة من ملعب حيفا إلى ملعب القدس لتكون جزءً من إحتفالات إسرائيل بعيدها السّبعين وضمّها القسريّ للقدس العربيّة قبل خمسين عامًا وتأييدًا لنقل سفارة فريدمان - ترامب إليها. ولأنّ أول الرّقص حنجلة كما يقولون اختلفوا في من سيصافح ميسي ومن سيرافقه ومن سيتصوّر معه ومن سيأخذ قميصه ومن سيرافقه عندما يدسّ الورقة في حائط المبكى ومن سيكسب أكثر في الانتخابات التّمهيديّة لحزب الليكود، وربّما أعدّ خيّاط معالي وزيرة الرّياضة فستانًا خاصًّا لها تخليدًا للحدث الرّياضيّ الكبير. وجاء الهدف ولم تأتِ الأرجنتين ولم يأتِ ميسي واتّهم قادة إسرائيل الفلسطينيّين بتسييس الرّياضة... ومجنون يحكي وعاقل يسمع.
وأمّا الأمر الأهم والذي لم يتوقّعه أحد من جهابذة هذه الحكومة فهو أنّ قطاع غزّة يقع في الجّهة الغربيّة والرّياح غربيّة ولم يأخذ الجنرالات هذا الامر بالحسبان.
يجب تغيير موقع غزّة.
يجب تغيير مجرى الرّيح.
وإلّا....