موسى أبو مرزوق.. وذاكرة السمكة
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
بالطبع تخشى حركة حماس من أية مساهمة شعبية في غزة للإطاحة بالانقسام البغيض، وهي الدعوة التي وجهها حامل ملف المصالحة الوطنية عزام الاحمد، على قاعدة ان يتحمل الكل الفلسطيني الفصائلي والشعبي مسؤولياته لتقويض سلطة الانقسام التي ما زالت تختطف القطاع المكلوم بقوة السلاح، ولأن اهل مكة ادرى بشعابها، فإن اهلنا في غزة ادرى بما فعلته وتفعله سلطة الانقسام بحياتهم اليومية وقد احالتها الى عذابات وأزمات متصلة وتضور لأبسط مقومات العيش الكريم، فلا بد ان يكون لهم الموقف والحراك الشعبي الواسع للإطاحة بالانقسام مرة والى الأبد.
انه الرعب من موقف الجماهير اذا ما تجلى في حراك متواصل ضد سلطة الانقسام، وما يدل على هذا الرعب الذي تشعر به حماس جراء هذه الدعوة، ردة فعلها على لسان عضو مكتبها السياسي موسى ابو مرزوق، اذ هي ردة فعل هستيرية تماما، وبلغة الحمى وهذيانها، والتي تطابقت على نحو فاضح مع لغة الموقع الاعلامي الإلكتروني المسمى "امد" موقع الخارجين عن الصف الوطني ..!! في هذا الموقع اعتبروا دعوة الاحمد تفعيل كل الطاقات الشعبية لتقويض سلطة الانقسام البغيض بأنها دعوة للحرب الاهلية (...!!) وابو مرزوق قال ذلك بعبارة اخرى وهو يصف الدعوة بان السلطة الوطنية تريد العودة الى غزة على ظهر دبابة اسرائيلية ...!! ومجنون يحكي وعاقل يسمع، ما من تحليل سياسي بأي منهج كان لا يرى بأن سلطة الانقسام في قطاع غزة المكلوم محكوم بقاؤها بالعامل الاسرائيلي، كعامل حماية على هذا النحو او ذاك، باتفاق مباشر او بغير اتفاق، وقبل ذلك فإن الرؤية الموضوعية لطلما ادركت ان رئيس الحكومة الاسرائيلية "شارون" عام 2005 هو اول من مهد لانقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية، بانسحابه احادي الجانب من قطاع غزة، بل ان شارون بهذا الانسحاب الاحادي الذي اجهض به عملية السلام التي كانت ممكنة في حينها، هو فعليا من خطط للانقلاب الحمساوي باخلائه الساحة لمليشيا حماس، وهذا يعني في المحصلة ان سلطة الانقسام هي التي جاءت على ظهر دبابة اسرائيلية مازالت تشكل حماية لهذه السلطة، بحكم ان الانسحاب الاحادي لم يكن غير اعادة انتشار لقوات الاحتلال في محيط قطاع غزة المكلوم ..!!
يبقى ان نذكر ابو مرزوق انه في مفاوضات وقف اطلاق النار عام 2014 اثر الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة، والتي جرت عبر الوسيط المصري بين الوفد الفلسطيني الذي ترأسه عزام الاحمد بتكليف من الرئيس ابو مازن، والذي ضم ممثلين عن مختلف الفصائل ومنهم حماس بخمسة اعضاء من بينهم موسى ابو مرزوق، في هذه المفاوضات طرح الجنرال الاسرائيلي المفاوض "بولي" قضية رواتب الموظفين من حركة حماس، مطالبا بضرورة تسويتها بصرفها، فكان رد الاحمد ان هذا امر يتعلق بالشؤون الداخلية الفلسطينية وليس لاسرائيل ان تتدخل فيه، وقد ابلغ الاحمد هذا الموقف لأعضاء الوفد الفلسطيني الذين ايدوه جميعا، عدا ابو مرزوق الذي كان مع مطلب الجنرال "بولي" ...!!!
انها دبابة الاحتلال التي تريد ان تحكم كل شيء، وفي كل شأن من شؤون الساحة الفلسطينية، ولم ير ابو مرزوق ضيرا في ذلك، فعن اي دبابة يتكلم لتأتي الشرعية على ظهرها(..!!) ولا دبابة هناك سوى دبابة الاحتلال التي ما زالت سلطة حركته الانقسامية تحتمي بظلها ...!! لكنه الظل الخائب الذي لن يدوم، فلطالما ألقم شعبنا هذه الدبابة الحجر تلو الحجر، وبسبب هذه المعرفة وهذا اليقين وهذه الثقة، جاءت دعوة الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية، على لسان الاحمد لأبناء شعبنا في غزة من اجل حجر آخر في هذا الاطار ليتهاوى الانقسام البغيض وتنتهي سلطته الابغض حتى الابد.