القصف الحمساوي الرحيم ..!!
بقلم: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
في أحد منابر الجمعة، ثمة خطيب تقي قال "إن قول الحق، والتخلص من الكذب والنفاق، هو طريق المجتمع نحو التقدم". ولعلنا نضيف هنا ان
قول الحق بالنسبة لنا كي تبقى مسيرة شعبنا النضالية في مساراتها الصحيحة والفاعلة، هو ايضا طريقنا نحو الأمن والسلامة، ونحو تعزيز عافية الروح حتى لا تصاب بأي من امراض اليأس والاحباط، ولا أي من امراض الوهم والأكاذيب القاتلة، ونعرف ان قول الحق مكلف دائما، لكنه في المحصلة هو ما ينفع الناس، واما الزبد فيذهب جفاء.
والآن قول الحق يفرض هذا السؤال: الى متى تظل خديعة الشعار الثورجي ممكنة، خاصة هذا الشعار الذي باتت حركة حماس تطنطن به ليل نهار، والذي يزعم معادلة لا صواب فيها ولا واقعية لها "معادلة القصف بالقصف" وكأن ترسانتين حربيتين متساويتين تتصارعان، ولهما ذات القوة والفاعلية...!!! هذا ما يريده الاحتلال الاسرائيلي دون شك، من حيث انه يعطي ذريعته عن "الدفاع عن النفس" مساحة اوسع في اعلامه وخطابه السياسي، فتصبح ذريعته معقولة ومقبولة اكثر مما هي الآن مقبولة في الاعلام الاميركي تحديدا ..!!
وتعالوا نقرأ معادلة حماس على ارض الواقع: القصف الاسرائيلي العدواني يتوحش دائما مع كل تصعيد ليوقع المزيد من الضحايا بين صفوف المدنيين من ابناء شعبنا في قطاع غزة المكلوم، ومن مختلف الأجناس والأعمار، اطفالا وفتيانا وشبابا ونساء وشيوخا، (امير النمرة ولؤي كحيل احدث طفلين شهيدين، شاهدان على توحش القصف الاسرائيلي) فيما القصف الحمساوي يمكن وصفه ببساطة وبلا تردد بالقصف الرحيم، الذي لا يوقع اية خسائر تذكر في الجانب الاسرائيلي، لا في الأرواح ولا في الممتلكات ...!! وعلى هذا لا يمكن فهم او قبول او تصديق هذه المعادلة "القصف بالقصف" لكن حماس على ما يبدو، تريد من هذه الجملة ان تكون كافية بحد ذاتها ...!! غير انه وراء الأكمة دائما ما وراءها، اذ لا تقود هذه المعادلة الوهمية في كل مرة وسريعا الى غير مفاوضات "التهدئة " كمثل تمرين عملي على توسيع وتكريس المفاوضات الأشمل، بشأن "الهدنة طويلة الأمد"، لقاء تحسين التعامل الاسرائيلي بالرعاية الاميركية مع قطاع غزة، تحت ذرائع حل "الازمة الانسانية" التي يعاني منها القطاع، المفاوضات التي كشف عن تواصلها قبل قليل السفير القطري محمد العمادي الذي قال بلا مواربة: "حماس لا تريد الحرب مع اسرائيل وانها تبحث الان عن السلام ...!!".
حماس تبحث عن "السلام" إذن، لكنه بالطبع ليس السلام الذي تريده فلسطين المشروع الوطني التحرري، مشروع الاستقلال والسيادة، مشروع الحق والعدل والكرامة ...!! حماس تبحث في الوهم، ولا تبحث في الواقع فلا تبحث عن المصالحة الوطنية، بل وتواصل التهرب من استحقاقاتها ودروبها ...!! تمتثل لجهود الوسطاء سريعا من اجل التهدئة، ولا تمتثل لكل ما دار من حوارات في السنوات العشر الماضية من اجل تحقيق المصالحة، وانهاء الانقسام البغيض، تعمل في الفرقة والتشرذم، ولا تعمل من اجل الوحدة الوطنية ..!!
دم غزة ينزف كل يوم جراء توحش القصف الاسرائيلي، والرد الحمساوي معادلة لامعنى لها ولا حقيقة، سوى القصف العدواني الاسرائيلي، الذي لا قصف حتى الآن يردعه، فإلى متى خديعة هذه المعادلة، الى متى تظل هذه الخديعة ممكنة ..؟؟