صورتان
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
الصورة الأولى للرئيس أبو مازن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جلسة مباحثات ثنائية، في هذه الصورة نرى الرئيس أبو مازن بكامل لياقته السياسية، متحدثا بقوة هذه اللياقة وبعافيتها الجسدية والمعنوية، والرئيس الروسي مستمعا بانتباه واحترام لافت، الصورة الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع الرئيس بوتين في هلسنكي، ترامب في هذه الصورة حائر على نحو بليغ، برأس مطرق تقريبا، ووجه بنظرة قلق غائمة، وشفتين مزمومتين، فيما يداه تسعيان لتشابك منقذ من لحظة القلق البادية في عينيه، ولا كلام في هذه الصورة، فيما الرئيس الروسي بوتين ينظر برأس مرفوعة الى البعيد غير ملتفت الى نظيره وكأنه يقول للعالم أجمع:أين هي الولايات المتحدة اليوم مع هذا الرئيس..!
وللصورتين مفارقة النباهة، الرئيسأبو مازن الذي لا يملك أيا من ترسانات الولايات المتحدة، لا العسكرية ولا الاقتصادية ولا غيرها، مشرق في صورته بلياقة وعافية حضوره الواقعي، كرجل دولة، وقائد حركة تحرر وطني، ومناضل أممي من أجل الحق والعدل والسلام، شديد الثقة بطروحاته السياسية وصوابها وعدالتها وضرورتها للتسويات العادلة الممكنة، وشديد الايمان بقوة شعبه وصلابته النضالية التي يستمد منها قوته وصلابته، لا تعرف الحيرة طريقا الى رؤياه ولا الى مواقفه وسياساته، وأينما حل وكان، تحل فلسطين الدولة على قدم المساواة مع الدول الصديقة، لا تتعالى على أحد، ولاتقبل بتعاليات أحد عليها.
أما الرئيس الأميركي صاحب الامبراطوريات المالية والعسكرية، لم يبدُ كذلك في صورته مع الرئيس الروسي، كان وكأنه التلميذ بعد محاضرة تقريع من معلم، وحيرته البادية على وجهه بقسمات الزعل كأنها حيرة الذي أسقط في يديه، وقدألزم الحجة فلم يجد طريقا اليها..!!
حقا الصورة أحيانا أبلغ من أي كلام، وصورة الرئيس الأميركي هذه لاشك ستكون صورة محاكمة لترامب في الولايات المتحدة على هذا النحو أو ذاك، خاصة وان مديرا سابقا للمخابرات المركزية الأميركية، انتقد أمس الأول أداء ترامب مع الرئيس بوتين ووصفه بأنه خيانة،فيما قال "جيف فولك" وهو سيناتور جمهوريعن هذا الأداء بأنه مشين، بينما اعتبر السيناتور الجمهوري "ماكين" المؤتمر الصحفي المشترك بين ترامب وبوتين بأنه "أحد أسوأ لحظات تاريخ الرئاسة الأميركية" وهذا يعني كله اننا لم نسقط موقفا ضد ترامب في قراءتنا لصورته مع الرئيس بوتين، ونعتقد بثقة ان ما شاهدناه في الصورة هذه قد شاهده العالم أجمع.