تفاهمات تجارية
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
لم يعد هناك ما هو خفي ومستور في موقف حركة حماس تجاه موضوع "التهدئة" إذ لا شيء فيه غير المقايضة التي باتت منجزة، حيث لا "عودة" في مسيرات العودة (..!!) ولا عربدة شعارات بلاغية، ولا بالونات حارقة بعد الآن، مقابل التحويلات المالية والبترولية، ووعود بفتح المعابر على مصاريعها، حال ان تعززت الثقة بين حماس واسرائيل، حسبما اعلن القيادي الحمساوي احمد يوسف في تصريحات له قبل عدة ايام، والتي كشف فيها أن مفاوضات التهدئة ماضية نحو اتفاق شامل، وأنه مع ازدياد الثقة بين الجانبين (اسرائيل وحماس) كما قال، سيؤدي ذلك الى مزيد من التسهيلات الاسرائيلية لحماس ..!!!
مئات الشباب الغزي خرجوا قبل يومين بعد انكشاف أمر هذه "التفاهمات التجارية" وهم يهتفون "باعوها باعوها" والمقصود طبعا هي مسيرات العودة التي باعتها حماس فعلا لصالح تكريس سلطتها الانقسامية البغيضة ..!!! وماذا باعت حماس في هذه الصفقة غير دماء الشهداء الاطفال والفتيان، الذين قضوا في هذه المسيرات التي دفعت بها حركة حماس الى مناطق التماس حيث بنادق قناصة جنود الاحتلال الاسرائيلي ..!!
باعوا مسيرات العودة، ولم يشتروا شيئا من المصالحة الوطنية، ومازالوا يراوغون الجهود المصرية، على وهم انهم قد يساومون هذه الجهود لصالح تفاهماتهم الاسرائيلية ..!! وهذا ما لن تقبل به مصر. وقد اوضحت مرة أخرى بعد لقاء الرئيس أبو مازن مع اخيه الرئيس السيسي قبل ايام في شرم الشيخ، ان مصر لن تدعم سوى حراك الشرعية الفلسطينية سواء من اجل حل عادل للقضية الفلسطينية، أو في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية وفق الاتفاقات الموقعة وأحدثها وأهمها اتفاق 21/10/ 2017 الذي وقع في القاهرة وبرعاية صياغتها السليمة.
الاشقاء المصريون يعودون مجددا الى غزة، بأصالة موقفهم ورؤيتهم للسبل الصحيحة، من اجل انجاز المصالحة الوطنية، فهل تراجع حماس موقفها وفي جعبتها تفاهماتها التجارية مع اسرائيل ..؟؟ سؤال لا يشجع حقا على التفاؤل، وهذا هو الواقع الحمساوي حتى اللحظة، واقع التهرب من المصالحة الذي بات له تاريخ موثق بأحابيل التهرب الحمساوية، منذ بدء مسيرة المصالحة، قبل أحد عشر عاما وحتى الآن ..!! ومع ذلك لا نكف عن الأمل وعن دعم جهود اشقائنا المصريين والعمل معها من اجل نجاحها التام، ولأننا اهل مكة والأدرى بشعابها، فإننا لا نقبل بديلا عن إنهاء الانقسام البغيض وتحقيق المصالحة الوطنية، ولن يكون بوسع أية تفاهمات تجارية ولا أية مساومات، ان تختطف قطاع غزة الى الأبد، فهو دالة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، لأنها لن تكون في غزة، ولن تكون دون غزة.