ثابتون على الثوابت
بقلم: عكرمة ثابت
في نهاية كل عام، نستعد لإحياء ذكرى انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومع ذكرى الإنطلاقة تتزامن الذكرى السنوية لاستشهاد الدكتور ثابت ثابت (أبو أحمد) الذي اغتالته رصاصات الإحتلال الإسرائيلي قبل ثمانية عشر عاماً .
تأتي الذكرى الرابعة والخمسون لحركة فتح والذكرى الثامنة عشر لرحيل أحد أبرز كوادرها د.ثابت ، والحال الفلسطيني على ما هو، لا شئ جديد، ولا تغيير ملموس، فالإحتلال وممارساته وقهره وظلمه وسلاحه الذي اغتال واستهدف الآلاف من المواطنين والمناضلين والكوادر والقيادات، هو ذاته الذي لا زال يقتل ويستهدف أبناء الشعب الفلسطيني على مسمع ومرأى من العالم ومنظماته الدولية والحقوقية.
فلا شيء تبدل على أرض الواقع ، ومع استمرار الإحتلال، لازال الإستيطان يتوغل ويتصاعد، وقطعان المستوطنين تتزايد وتستشرس بكل مظاهر العنصرية والإرهاب والتنكيل ...أما الإنقلاب وما نتج عنه من إنقسام فهو كما هو ، لا زال دون وعي ومسؤولية ، يخدم أهداف الإحتلال في تصفية القضية الفلسطينية وتفتيت الوحدة الوطنية وشطب منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني أينما وجد .
لا شيء تغير يا ثابت ، ففتح التي أنت وغيرك من القادة والشهداء والأسرى كنتم وقودها الملتهب وشعلتها المضيئة، لا زالت تتعرض لأشرس المؤامرات وتتلقى أوجع الضربات ، ليس من الإحتلال فقط ، بل من محاور وجهات وأجندات لا تقل عدوانية وقذارة عنه ...فتح التي حملناها فكراً ومنهجاً وسلوكاً هي فتح التي لازالت ، رغم كل ما تتعرض له ، أم الجماهير، التي تحمل كل الأحمال والهموم الوطنية، وإن انحنت فأنها لا ولن تنكسر ، هي فتح التي نعلق عليها آمالنا في الحرية والإستقلال ، هي فتح الديمومة التي تتحطم على صخرتها كل المؤامرات وتسقط عند إرادتها كل المشاريع التصفوية الرخيصة ...فتح هي ولا زالت حامية الشرعية الوطنية الفلسطينية وحارسة مشروعنا الإستقلالي .
طيلة هذه السنوات والحركة العملاقة تتعرض لأعتى المؤامرات من المنهزمين والمرتجفة ومن الأعداء ومن أبناء ملتها قبل الغرباء ، ولعل ما حدث في غزه من إنقلاب دموي فاجر ، هو الدرس الأقسى والأصعب كونه يعتبر حتى الآن المؤامرة الكبرى ضد فتح ومشروعها الوطني التحرري ، أيادي مرتجفة وطنياً ومتوضئة بماء الكراهية والتخوين تمكنت من سل سيوف الغدر والقتل لتوجه طعناتها إلى صدر القضية والى عمودها الفقري ، لقد أنجز الإنقلاب في غزه للإحتلال ما لم يكن يحلم به !!! غزه البطولة وخندق مواجهتنا التاريخي أنهكتها مؤامرات الإنقلابيين وممارساتهم المفخخة بالقمع والظلم ...غزه العزة لا زالت ضحية مختطفة لمغامرات الأشرار الأغبياء والحاقدين ...غزه تحتلها الآن الغربان السوداء بلباس الدين، وقد قضت أسراب الغربان هذه على كل شيء جميل فيها .
لكن ومع كل ذلك لا زالت فتح ومعها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية صامدة شامخة ، لم ولن تسلم الراية، ولا زال صوت جمهورها الكبير يصرخ في ساحة السرايا رغم الاستهداف والإعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل ، أطمئنك ومن معك :_ لن يتمكن بوق الإنقلاب الأرعن من إسكات صوت الأحرار في فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية .
أما في الجهة المقابله ، تشتد مؤامرة الإحتلال على زهرة مدننا الفلسطينية ومسرى الأنبياء ومهد الرسالات والديانات ، وتتكالب القرارات الجائرة لتهويدها وضمها وتهجير أهلها ، القدس المدمية كما غزه ، تئن تحت الإحتلال والإستيطان والتآمر المفضوح ، ويقف شبابها بصدورهم العارية وصمودهم الذي لا ينكسر للدفاع عنها وعن مقدساتها بكل شرف وبطوله ، حياتنا مليئة بالألم، لكن الأمل فينا وفي الأجيال القادمة ما زال موجوداً ... أطمئنك ومن معك بأنه كما تربينا وتعلمنا ستبقى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ولن نتنازل عنها مهما كلف الأمر .
لا شي جديد يا معلمي ، لا حلول ولا أمن ولا سلام إلا بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف . ما هو موجود الآن : إحتلال جائر واستيطان هائل وإنقلاب سافر ، مؤامرات متتالية وأصوات متخاذلة وأصابع مأجورة رخيصة تحاول العبث هنا وهناك ، وحده هو صوت الشرعية الوطنية من يقف بوجه كل هؤلاء ، وحده الفلسطيني الأعزل من يقف ليرفع رأسه عالياً مفتخراً معتزاً بفلسطينيته وبقيادته الفلسطينية وعلى رأسها فخامة الأخ الرئيس" أبو مازن "، وحده أيوب فلسطين من يصمد ويصعد بكل شموخ وعناد على منصة الدبلوماسية الدولية ليحقق الإنتصار تلو الإنتصار والإنجاز تلو الإنجاز ...
أطمئنك ومن معك ، لن يضيع حق وراءه مطالب ، لن نستسلم أمام مخططاتهم ومؤامراتهم لقتل مشروع دولتنا المستقلة ولن نرضى بالحلول المجزأه ولا بالصفقات المشبوهة ، لا صفقه القرن ولا دويلة الإمارة ، لا دولة في غزة ولا دولة بدون القدس وغزة .
نعم يا صديقي ، الحال لا يسر البال ، وقائع كثيرة حدثت و قصص مثيرة ظهرت ، تبدلت الأحوال واستبدلت الأرواح الوطنية المخلصة بنفوس شريرة أنانيه لا تحلم إلا بمصالحها ولا تسعى الا لخدمة أجندات خاصة بها ...القلوب تخفق بالقلق ، نعم ، والقادم مجهول لا أفق فيه ولا حتى طاقه أمل ... لكننا وبأذن الله وعونه ثابتون صامدون لن نركع ولن نستسلم ولن نخضع ..هي ذات المسيرة فيها المد والجزر وفيها الإنتصار والإنهزام ، فيها الخطأ والصواب ، فيها المتخاذل المستسلم وفيها الشجاع المستبسل ، فيها الأمين وفيها الخائن ، هي ذات المسيرة المعمدة بدماء الشهداء ورمزهم الخالد ياسر عرفات "أبو عمار " ... مسيرة معمدة بأنٌات الأسيرات والأسرى والمصابين والجرحى و آمال المبعدين واللاجئين .
أطمئنك ومن معك ، هي ذات المسيرة من جيل إلى جيل ، نتسلح بالإرادة والأمل والصبر ، نتمترس خلف حقوقنا وثوابتنا الوطنية بصمود وعنفوان ، بهذه العزيمة الثابتة نسير وحتماً سننتصر ، بإذن الله سننتصر .