خفة الدم الحمساوية ..!!
كتب: رئيس تحرير صحيفة "الحياة الجديدة"
والحق يقال، لا تخلو بعض التصريحات الحمساوية، سواء على لسان ناطقين رسميين، أو مسؤولين في المكتب السياسي من "خفة الدم" فمثلا حين يقول سامي أبو زهري أن قرار فتح تشكيل حكومة فصائلية "انعكاس لحالة السطو، وانقلاب على الديمقراطية (..!!)" فلا يسع السامع لهذا التهريج سوى القهقهة العالية، وكأن قطاع غزة المكلوم بات واحة للديمقراطية، مع سلطة حماس القمعية التي لا رأي فيها لغير جماعة الاخوان المسلمين...!! ولا ندري من أين جاء أبو زهري بخفة الدم هذه ليتحفنا بحرصه على الديمقراطية وخوفه عليها من انقلاب فتح عليها بدعوتها تشكيل حكومة فصائلية وشخصيات وطنية مستقلة لمواجهة التحديات المصيرية الراهنة..؟؟ ومن أين لأحد ان يصدق ان ابو زهري ديمقراطي الى هذا الحد الذي يخشى فيه الانقلاب علي الديمقراطية (..!!) وهو في الواقع الذي يعرفه الجميع ربيب القيم الإقصائية الإخوانية، وسلطتها الحمساوية، التي تدور مليشياتها في شوارع غزة ملثمة ومسلحة لقهر حرية التعبير في مهدها..!! لكن مع خفة الدم هذه ثمة سماجة تجعلها خفة الحماقة بأم عينها، ومن ذلك تصريحه الذي اراده على تويتر..!! والذي هاجم فيه تصريحات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، لأنه تحدث عن خطوات مقبلة لاستعادة غزة، في هذا التصريح يتخلى ابو زهري عن ديمقراطيته ليرد على عريقات بلغة التطاول القبيحة دون ان يغفل تدبيجها بالادعاءات والتشكيكات الحمساوية ذاتها فيطالب "فريق" السلطة الوطنية "بالعمل على استعادة الضفة من الاحتلال (هكذا بالنص) وامتلاك السيادة عليها قبل الحديث عن غزة "المحررة" وقبل ان نسأل اين هو مشروع المقاومة اذن الذي يطنطن بكل الشعارات الثورجية صبح مساء، ما دام على "فريق السلطة" العمل على استعادة الضفة من الاحتلال...!!! والامر بالطبع ليس امر استعادة، وإنما هو امر النضال الوطني لدحر الاحتلال الاسرائيلي عن اراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وهذه ملاحظة فقط ليصحح ابو زهري مفرداته، نقول قبل ان نسأل اين هو مشروع المقاومة الحمساوية اذن، نتساءل بأي مقياس واقعي وموضوعي يمكن لنا ان نرى قطاع غزة محررا فعلا، وتفاهمات "التهدئة" مع الاحتلال الاسرائيلي تتقدم كل يوم الى مزيد من الامتثال لشروط الاحتلال ذاته..!!
مسلسل تصريحات خفة الدم الحمساوية الممزوجة بالسماجة طويل ولا يعرف التوقف حتى كأن تاريخ حماس لن يعرف في النهاية غير هذا المسلسل، والذي نتذكر منه ايضا انه حين افتت المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي المعطل راحت التصريحات الحمساوية تولول بمزاعم حرصها على القانون والدستور...!! الانقلابيون دستوريون، وهذا بالتأكيد عجب العجاب الذي لا يبعث سوى على القهقهة..!! ولكم المزيد من هذه التصريحات: احمد يوسف يصف الحكومة المقبلة أنها حكومة ميتة، وهي لم تر النور بعد...!! وثمة عبد اللطيف قانوع يقول "حكومة فتح المقبلة إحدى خطوات ابو مازن الانفصالية لتمرير صفقة القرن"...!!! وعلى ما يبدو ان هذا القانوع لا يفهم شيئا من اللغة الوطنية التي يتحدث بها الرئيس ابو مازن والتي اعلن بمفرداتها غير مرة، ان صفقة القرن لن تمر لأننا ضد هذه الصفقة، وسنتصدى لها بكل ما أوتينا من عزم وارادة وقوة.
ولا يفهم القانوع شيئا من هذه اللغة الوطنية فحسب، بل انه لا يفقه ايا من معانيها، ولن يكون بوسعه ان يفهم او يفقه شيئا من هذه اللغة، لأن التعليمات الاخوانية هي من يملي عليه ما يجب ان يقول، وبصراحة ليس بوسعنا بعد كل ذلك إلا ان نقول ان خفة الدم الحمساوية الممزوجة بالسماجة كلها، هي خفة معيبة وهي التي تجعلنا نتأكد تماما، ان شر البيلة حقا هو ما يضحك.